حفتر يتوعد بضرب المصالح التركية في ليبيا... ويعد بالثأر لغريان

«الجيش الوطني» يسقط طائرة مسيّرة تابعة للميليشيات في طرابلس

حريق وسط تاجوراء قرب طرابلس بعد تعرضها لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
حريق وسط تاجوراء قرب طرابلس بعد تعرضها لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يتوعد بضرب المصالح التركية في ليبيا... ويعد بالثأر لغريان

حريق وسط تاجوراء قرب طرابلس بعد تعرضها لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)
حريق وسط تاجوراء قرب طرابلس بعد تعرضها لقصف صاروخي أمس (أ.ف.ب)

أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، الحرب على الوجود التركي في الأراضي الليبية، وتحدث عن تعرض بلاده لما وصفه بـ«غزو تركي غاشم»، وفي غضون ذلك، بدأت قواته تتأهب لشن عملية عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على مدينة غريان، جنوب غربي العاصمة طرابلس.
وفور صدور هذه التصريحات، وفي أول رد فعل رسمي له، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إن بلاده تعتزم اتخاذ ما وصفه بـ«الإجراءات اللازمة» للرد على تهديد حفتر، وأضاف في مؤتمر صحافي على هامش مشاركته في قمة مجموعة الدول العشرين بمدينة أوساكا اليابانية، أنه «لم يسمع عن هذا القرار، وليست لدي معلومات بالخصوص... لكن سيتم اتخاذ إجراءات، وسياسة تعامل مختلفة، في حال التأكد من صحة هذا القرار ومصدره».
وفي مدينة بنغازي (شرق)، أعلن مطار بنينا الدولي عن وقف تعامله مع شركات الطيران التركية. لكن حكومة السراج قالت في المقابل إنها مستمرة في التعامل مع تركيا، حيث أعلن هشام بوشكيوات، وكيل وزارة المواصلات بالحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس، استمرار حركة الطيران من مطاري مصراتة ومعيتيقة في ليبيا مع تركيا، مشيراً في تصريحات تلفزيونية إلى أن حركة الطيران بين الطرفين «لن تتأثر بتهديدات (الجيش الوطني)».
كان حفتر قد أعطى أوامر لقواته، من خلال بيان أصدره في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، وتلاه لاحقاً اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسمه، في مؤتمر صحافي ببنغازي (شرق)، «بضرب السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية، وكل الأهداف الاستراتيجية التركية داخل الأراضي الليبية، من شركات ومقرات ومشروعات»، موضحاً أن الأوامر صدرت «للقوات الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية، وللقوات البرية باستهداف كل الأهداف الاستراتيجية التركية». وأضاف البيان أن الشركات والمقرّات التركية وكافة المشروعات، التي تؤول للدولة التركية، «تُعتبر أهدافاً مشروعة للقوات المسلّحة رداً على هذا العدوان، ويتم إيقاف جميع الرحلات من وإلى تركيا، والقبض على أي تركي داخل الأراضي الليبية».
وقال المسماري إن قوات الجيش ستحظر أي رحلات جوية تجارية من ليبيا إلى تركيا، وتمنع السفن التركية من الرسو في البلاد، مبرزاً أن «أي طائرة تركية قادمة من تركيا تريد الهبوط في طرابلس، سيتم التعامل معها من طرف الطائرات الحربية».
إلا أن المسماري لم يوضح كيف ستتمكن قواته من فرض حظر طيران في منطقة غير خاضعة لسيطرتها، لكنه اتّهم أنقرة مجدداً بالتدخّل «في المعركة مباشرة، بجنودها وطائراتها وسفنها»، لافتاً إلى وصول إمدادات من الأسلحة والذخيرة مباشرة إلى قوات حكومة السراج عبر البحر المتوسط.
كما اتّهم تركيا بدعم قوات السراج في استعادة السيطرة على مدينة غريان، حيث فقدت قوات الجيش الوطني 43 جندياً في معركة غريان، التي سيطرت عليها قوات «الوفاق»، الأربعاء الماضي، علماً بأن غريان كانت القاعدة الأمامية الرئيسية لـ«الجيش الوطني»، وكانت تصل إليها القوات والأسلحة والذخيرة من الشرق، كما بدأ حفتر حملته على طرابلس منها.
وأوضح المسماري، في بيانه، أنّ قرار استهداف المصالح التركية صدر ردّاً على ما تتعرّض له «الأراضي الليبية منذ ليلة البارحة من غزو تركي غاشم، نتجت عنه أعمال تخريبية داخل الأراضي الليبية»، داعياً الشعب التركي للمطالبة بثني إردوغان عما وصفه بـ«التصرفات الرعناء في الشأن الليبي الداخلي».
من جانبه، ندد مجلس النواب والحكومة المؤقتة المواليان لـ«الجيش الوطني»، في شرق ليبيا، بما وصفاه بالعمل الإجرامي الغادر، الذي تعرض له عدد من جرحى قوات الجيش في مستشفى غريان، وبإقدام الميلشيات المسلحة على تصفية عدد من جرحى الجيش، كما أدانا «الصمت المريب لبعثة الأمم المتحدة حيال هذه الجريمة النكراء».
كان المشير حفتر قد طمأن أهالي مدينة غريان وضواحيها بأن «الرد سوف يكون قاسياً» من طرف قوات الجيش، ضد ما وصفه بالعمل الجبان والخدعة المبيتة ضد قواته في مدينة غريان، وأكد أن «هذا العمل الخسيس لن يمر من دون عقاب وملاحقة قانونية».
في غضون ذلك، كشفت «الكتيبة 140 مشاة»، التابعة لـ«الجيش الوطني»، عن وصول اللواء عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية إلى مدينة ترهونة، وذلك في بيان مقتضب عززته بصورة لاستقباله من قبل اللواء الصادق المزوغي، وللتأكيد على أن «الجيش الوطني» لا يزال يسيطر على بلدة ترهونة، الواقعة جنوب شرقي طرابلس، التي تمثل قاعدته الرئيسية الثانية في الهجوم.
وطبقاً لما أعلنته شعبة الإعلام الحربي، فقد أسقطت الدفاعات الأرضية لقوات الجيش الوطني، مساء أول من أمس، طائرة مسيرة (من دون طيار)، تابعة للحشد الميليشياوي خلال محاولتها الإغارة عليها بمحور طريق المطار في طرابلس. واندلعت معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة، أمس، بين قوات «الجيش الوطني» وقوات السراج في محاور جنوب العاصمة طرابلس، بعدما حاولت الأخيرة اقتحام مواقع للجيش على تخوم المدينة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.