توافق سعودي ـ روسي على تمديد اتفاق «أوبك+»

موسكو تحبذ اتفاقاً لـ9 أشهر... والإنتاج الأميركي يتجاوز 12 مليون برميل

صورة من حساب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في «تويتر» للقائه نظيره الروسي ألكسندر نوفاك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في أوساكا
صورة من حساب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في «تويتر» للقائه نظيره الروسي ألكسندر نوفاك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في أوساكا
TT

توافق سعودي ـ روسي على تمديد اتفاق «أوبك+»

صورة من حساب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في «تويتر» للقائه نظيره الروسي ألكسندر نوفاك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في أوساكا
صورة من حساب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في «تويتر» للقائه نظيره الروسي ألكسندر نوفاك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في أوساكا

بالتزامن مع الإعلان رسمياً عن تجاوز الإنتاج النفطي الأميركي لحاجز 12 مليون برميل للمرة الأولى تاريخياً، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتفاق بين موسكو والرياض على تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط، فيما قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك السبت إن روسيا ومنتجين آخرين للنفط يدعمون جميعاً اقتراحاً بتمديد الاتفاق العالمي لخفض إنتاج الخام، مضيفاً أن من الأفضل تمديده لمدة تسعة أشهر.
وتابع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان قبيل اجتماع منتجين من أوبك ومنتجين مستقلين في فيينا هذا الأسبوع: «أعتقد أن قرار التمديد يحظى بدعم»، وأضاف أن أزمة الخام الملوث في شبكة أنابيب مملوكة لروسيا انتهت، وأن على بلاده الآن التعامل مع الخام الملوث الموجود في خزانات.
وأكد نوفاك أن قرار روسيا والسعودية تمديد الاتفاق ليس نابعاً من أزمة الخام الملوث في شبكة أنابيب مملوكة لروسيا. وأوضح في بيان أمس أن الاتفاق بين روسيا والسعودية على تمديد تخفيضات إنتاج الخام يظهر التزام البلدين باستقرار سوق النفط.
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح بحث مع نوفاك التعاون في إطار «أوبك+»، بالإضافة إلى التقدم المحرز في عمل اللجنة الحكومية المشتركة. وقالت وزارة الطاقة الروسية في بيان يوم الجمعة: «ناقش وزيرا الطاقة الروسي والسعودي خلال هذا اللقاء التعاون في إطار الاتفاقات الخاصة بـ(أوبك+)، بالإضافة إلى التقدم المحرز في عمل اللجنة الحكومية المشتركة لشؤون التعاون الاقتصادي - التجاري والعلمي - التقني».
واتفقت روسيا مع السعودية على تمديد اتفاق أوبك لخفض إمدادات النفط لمدة بين ستة وتسعة أشهر، وهي تعمل منذ أسابيع على حل مسألة تلوث النفط في خط أنابيب دروجبا الذي يمد أوروبا بالخام.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال أمس إن روسيا اتفقت مع السعودية على تمديد اتفاق أوبك لخفض إنتاج النفط لما بين ستة وتسعة أشهر. وتابع في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين أن الاتفاق سيمدد بشكله الحالي وبالكميات ذاتها.
وتجتمع منظمة أوبك وحلفاء لها فيما يعرف باسم أوبك+ يومي الأول والثاني من يوليو (تموز) المقبل لمناقشة اتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا. وينتهي العمل بالاتفاق اليوم الثلاثين من يونيو (حزيران). وقال بوتين: «سندعم التمديد، روسيا والسعودية كلتاهما. فيما يتعلق بفترة التمديد لم نقرر بعد إذا كانت ستة أو تسعة أشهر، ربما ستكون تسعة أشهر».
ويعني التمديد لمدة تسعة أشهر أن يستمر العمل بالاتفاق حتى 30 مارس (آذار) 2020. وقال كيريل ديمترييف الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي الذي شارك في صياغة الاتفاق بين أوبك وروسيا إن الاتفاق الذي بدأ تطبيقه عام 2017، رفع بالفعل إيرادات الميزانية الروسية بأكثر من سبعة تريليونات روبل (110 مليارات دولار).
وقال بوتين إن «الشراكة الاستراتيجية داخل أوبك+ أدت لاستقرار أسواق النفط وسمحت بخفض الإنتاج وزيادته حسب مقتضيات الطلب في السوق، وهو ما يسهم في التكهن بآفاق الاستثمارات ونموها في القطاع».
وصعد مزيج برنت الخام أكثر من 25 في المائة منذ بداية العام الجاري. ولكن استطلاعا لآراء المحللين أجرته «رويترز» خلص إلى أن الأسعار قد تتراجع مع ضغط تباطؤ الاقتصاد العالمي على الطلب وإغراق الولايات المتحدة السوق بالخام.
ورغم إغلاق الأسواق رسمياً أمس السبت، فإن معاملات العقود الآجلة لخام برنت أظهرت ارتفاعاً بنسبة 0.27 في المائة الساعة 14:33 بتوقيت غرينتش، حيث بلغ سعر البرميل 66.51 دولار، وبارتفاع 18 سنتا؛ وذلك بدعم رئيسي من الإعلان عن التوافق السعودي الروسي.
وكانت تعاملات الجمعة أظهرت تراجع أسعار النفط، لكنها سجلت ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب قبيل محادثات تجارية بين الرئيسين الأميركي والصيني، وتوقعات مسبقة بأن منظمة أوبك ومنتجين رئيسيين غير أعضاء بالمنظمة سيمددون اتفاقهم لخفض إمدادات الخام.
وأغلقت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم سبتمبر (أيلول)، وهي الأكثر نشاطاً في جلسة الجمعة، منخفضة 93 سنتا لتبلغ عند التسوية 64.74 دولار للبرميل. وأغلقت عقود برنت تسليم أغسطس (آب) بلا تغيير عند 66.55 دولار للبرميل. وتراجعت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 96 سنتا لتسجل عند التسوية 58.47 دولار للبرميل. وسجل برنت مكاسب بأكثر من 20 في المائة في النصف الأول من 2019، في حين بلغت مكاسب الخام الأميركي أكثر من 25 في المائة. وسجل الخامان القياسيان كلاهما ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب.
ومن جهة أخرى، أظهر تقرير حكومي الجمعة أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستوى قياسي شهري جديد متجاوزا حاجز 12 مليون برميل يوميا. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقرير شهري إن الولايات المتحدة أنتجت 12.16 مليون برميل يوميا من الخام في أبريل (نيسان) بزيادة قدرها 246 ألف برميل يوميا عن الشهر السابق عليه.
وساعد استخدام تكنولوجيا الحفر الأفقي في التشكيلات الصخرية الولايات المتحدة على أن تصبح أكبر منتج للنفط في العالم. وفي أبريل، ارتفع الإنتاج في تكساس، أكبر ولاية أميركية منتجة للنفط، بمقدار 11 ألف برميل يوميا. وتراجع الإنتاج في نورث داكوتا ونيو مكسيكو بشكل طفيف. وزاد الإنتاج الأميركي في خليج المكسيك 77 ألف برميل يوميا إلى 1.98 مليون برميل يومياً.
وعدلت إدارة معلومات الطاقة أيضا تقديراتها لإنتاج الخام لشهر مارس بالرفع بمقدار 11 ألف برميل يوميا إلى 11.92 مليون برميل يومياً.
ووفقاً للبيانات ارتفع استهلاك البنزين في الولايات المتحدة لثالث شهر على التوالي في أبريل مع صعوده بمقدار 182 ألف برميل يوميا إلى 9.36 مليون برميل يوميا وليبقى أعلى من مستوياته قبل عام. وقالت إدارة معلومات الطاقة إن صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفعت إلى 2.843 مليون برميل يوميا في أبريل، من 2.684 مليون برميل يوميا في مارس.
ومن ناحية أخرى، ارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي شهري جديد عند 100.27 مليار قدم مكعبة يوميا في أبريل، متجاوزاً المستوى القياسي السابق البالغ 99.46 مليار قدم مكعبة يوميا المسجل في مارس.


مقالات ذات صلة

وزير الطاقة السعودي: أهمية التوازن بين النمو وأمن الطاقة

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي مشاركاً في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة ضمن «مجموعة العشرين» (حساب وزارة الطاقة على «إكس»)

وزير الطاقة السعودي: أهمية التوازن بين النمو وأمن الطاقة

شدد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان على أهمية التوازن بين النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، وجهود مواجهة التغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (فوز دو إيغواسو (البرازيل))
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب» العالمي في نسخته الماضية (الشرق الأوسط)

الرياض تجمع المبتكرين لتوظيف الذكاء الاصطناعي في المشروعات العقارية

من المقرر أن يجمع معرض «سيتي سكيب» العالمي، الذي سيقام من 11 إلى 14 نوفمبر المقبل، في العاصمة السعودية الرياض، أبرز خبراء المستقبل والمبتكرين.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد صورة في أثناء توقيع الاتفاقيات التجارية بين الدولتين (واس)

اتفاقيات تجارية سعودية - جورجية في قطاعات النقل والطاقة والسياحة

توقيع اتفاقيات سعودية - جورجية لتعزيز الشراكات التجارية، ومناقشة فرص استثمارية في النقل والزراعة والطاقة المتجددة والسياحة.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية تقفز بنسبة 49.6 % في الربع الثاني

شهدت التراخيص الاستثمارية المصدرة من وزارة الاستثمار السعودية خلال الربع الثاني من العام الحالي قفزة نوعية لتبلغ نحو 2728 ترخيصاً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار «أرامكو السعودية» في معرض «هايفوليوشن» في باريس (رويترز)

«أرامكو» تنهي إصدار صكوك دولية بـ3 مليارات دولار وسط إقبال واسع

أعلنت «أرامكو السعودية»، يوم الخميس، إكمال إصدار صكوك دولية بقيمة 3 مليارات دولار، وهو مؤلف من شريحتين من الصكوك المقوّمة بالدولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تراجع الأسعار ومنافسة الصين يسببان أزمة لقطاع السيارات الأوروبي

سيارات جديدة متوقفة في ميناء زيبروغ بلجيكا - 4 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات جديدة متوقفة في ميناء زيبروغ بلجيكا - 4 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

تراجع الأسعار ومنافسة الصين يسببان أزمة لقطاع السيارات الأوروبي

سيارات جديدة متوقفة في ميناء زيبروغ بلجيكا - 4 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات جديدة متوقفة في ميناء زيبروغ بلجيكا - 4 أكتوبر 2024 (رويترز)

يواجه قطاع صناعة السيارات في أوروبا أزمة؛ فبدلاً من التوسع السريع، تعاني سوق السيارات الكهربائية من الركود، وهو أمر يقوض الأهداف الطموحة للاتحاد الأوروبي في وضع حد لمبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالديزل والبنزين بحلول عام 2035.

ولم تفلح محاولات تعزيز مبيعات السيارات الكهربائية عبر تقديم مكافآت حكومية لشرائها. وتحد المنافسة القوية من قبل شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية من المبيعات بأوروبا.

طلب المساندة

طلبت شركات صناعة السيارات الأوروبية مساعدة «عاجلة» من الاتحاد الأوروبي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط تراجع مبيعات السيارات الكهربائية، وأيضاً اللوائح الأكثر صرامة المتعلقة بالانبعاثات والمقرر لها أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

وقالت الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات، إن دوائر الصناعة تبذل قصارى جهدها؛ كي تمتثل لأهداف إزالة الكربون، ولكن هذه الجهود تواجه عراقيل بسبب مشكلات تشمل تراجع سوق السيارات الكهربائية، ونقص البنية التحتية للشحن وضعف القدرة التنافسية التصنيعية في الاتحاد الأوروبي.

وقدمت الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات - مجموعة ضغط صناعية - طلباً رسمياً للمفوضية الأوروبية، تدعو فيه «مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى طرح تدابير إغاثة عاجلة قبل أن تدخل أهداف ثاني أكسيد الكربون الجديدة للسيارات، والحافلات الصغيرة (فان)، حيز التنفيذ في عام 2025».

وتتسابق أوروبا من أجل إنتاج المزيد من السيارات الكهربائية في إطار التحول الأخضر، الصديق للبيئة، مع اقتراب الموعد النهائي لتخلص الاتحاد الأوروبي التدريجي من بيع سيارات محركات الوقود الأحفوري بحلول عام 2035.

وعلى الرغم من ذلك، وبعد سنوات من النمو، بدأت مبيعات السيارات الكهربائية تتراجع في نهاية عام 2023، وهي تمثل الآن 12.5 في المائة فقط من السيارات الجديدة التي يتم بيعها في القارة.

وقالت الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات: «نفتقر للظروف الأساسية للوصول إلى التعزيز الضروري في إنتاج وتبني المركبات الخالية من الانبعاثات: البنية التحتية للشحن، وإعادة تعبئة الهيدروجين، فضلاً عن البيئة التنافسية للتصنيع، والطاقة الخضراء ذات الأسعار المعقولة، وحوافز الشراء، والضرائب، ووجود إمدادات آمنة من المواد الخام والهيدروجين والبطاريات».

وطلبت الرابطة من المفوضية الأوروبية تقديم موعد مراجعة اللوائح الخاصة بثاني أكسيد الكربون، المقررة خلال عامي 2026 و2027.

ويريد وزير النقل في جمهورية التشيك مارتن كوبكا، تقديم موعد مراجعة تداعيات الحظر المفروض على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي في الاتحاد الأوروبي إلى 2025.

وبحسب ما ذكرته صوفيا ألفيس، من المفوضية الأوروبية، سيتعين على صناعة السيارات في القارة التحول من أجل تحقيق أهداف أوروبا المتمثلة في تحقيق اقتصاد محايد للكربون، وهو ما سوف يعود بالنفع على الجميع.

وقالت ألفيس لوكالة الأنباء البلغارية (بي تي إيه)، إنه بالنظر إلى أن تكنولوجيا التنقل الكهربائي يجب أن تصبح متاحة سريعاً وبأسعار مقبولة، تُوصي المفوضية الأوروبية بتعاون المصنعين مع الجامعات ومراكز البحث والتطوير.

وهذا مجهود جماعي قام به الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء وصناعة السيارات.

وأوضحت المسؤولة بالمفوضية أنه يجب على جميع المشاركين في العملية دفع جزء من هذا الثمن، مضيفة أن الهدف أكبر وأكثر أهمية.

السيارات الألمانية

ترددت أصداء المشكلات التي تواجه شركات صناعة السيارات الألمانية في باقي أنحاء أوروبا. وألمانيا دولة تحظى بصناعة واسعة تشمل علامات تجارية كبرى، مثل مجموعة فولكس فاغن وبي إم دبليو ومرسيدس.

ويعاني مصنعو السيارات في ألمانيا من ضعف المبيعات، مع ارتفاع تكاليف التحول إلى أنظمة القيادة الكهربائية.

واضطرت شركة مرسيدس في الآونة الأخيرة إلى خفض التوقعات بشأن أرباحها للعام الحالي، بسبب تعثر المبيعات في الصين. وكانت شركة «بي إم دبليو» خفضت في وقت سابق التوقعات الخاصة بمبيعاتها وأرباحها لهذا العام.

وتواجه مجموعة فولكس فاغن عمليات تسريح إجبارية وإغلاق مصانع، لأول مرة خلال ثلاثة عقود. وبحسب تقرير إعلامي، قد تلغي الشركة العملاقة 30 ألف وظيفة من أصل 300 ألف في ألمانيا.

وتراقب الدول الأوروبية التي تتعاون مع شركة فولكس فاغن إمكانية شطب الوظائف في ألمانيا، عن كثب.

وعلى سبيل المثال، فإن صناعة السيارات في سلوفينيا، والتي تشكل نحو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، موجهة نحو التصدير، وتعد ألمانيا إحدى أهم أسواقها. وقال وزير الدولة بوزارة الاقتصاد في سلوفينيا ماتيفز فرانجيز: «نراقب الوضع على مستوى أسواقنا الأساسية، ومستوى العملاء الرئيسيين لصناعة السيارات السلوفينية».

وفي البرتغال، يواصل مصنع أوتويوروبا، التابع لشركة فولكس فاغن، في بالميلا، جنوب لشبونة، تأثيره الاقتصادي الواسع في البلاد، حيث أسهم بنسبة 1.3 في المائة في إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2023، كما أنه يشكل الاستثمار الأجنبي الرئيسي الذي جرى تنفيذه على الإطلاق في البلاد.

وفي ألمانيا، جرى تحديد عدد من العوامل التي تفسر سبب الصعوبات التي تواجهها صناعة السيارات في البلاد، وكان أبرزها: ركود التنقل الكهربائي؛ إذ أدى إلغاء الدعم على المستوى الاتحادي في ألمانيا، العام الماضي، إلى انهيار الطلب على السيارات الكهربائية، التي تعمل بالبطاريات.

ولا يتم استغلال المصانع للعمل بكامل طاقتها، وهناك خطر يتمثل في فرض غرامات مرتفعة بسبب «أهداف أسطول» الاتحاد الأوروبي الأكثر صرامة فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية بدءاً من عام 2025.

وقال فرانك شوب، خبير الصناعة الألماني، إن تخبط الساسة بشأن التنقل الكهربائي كان أيضاً مثيراً للقلق بالنسبة للعملاء، وقد أدى إلى تشويهات.

العامل الثاني يتمثل في: اقتصاد ضعيف؛ إذ يتسبب الغموض الاقتصادي أيضاً في ضعف مجال الأعمال بشكل عام.

وخلال شهر أغسطس (آب) الماضي، تراجعت عمليات تسجيل السيارات الجديدة في ألمانيا بواقع 28 في المائة، مقارنة بالشهر المقابل من العام الماضي، مقابل انخفاض في الاتحاد الأوروبي ككل بنسبة 18 في المائة.

ويتوقع الاتحاد الألماني لصناعة السيارات، تسجيل 2.8 مليون مركبة كهربائية جديدة فقط على مدار العام بأكمله؛ أي أقل بنحو الربع عما كان عليه الأمر في عام 2019 قبل الأزمة. ولا يتوقع الخبراء تحقيق نمو مستدام في أوروبا.

العامل الثالث: الاعتماد على الصين، وفي الوقت نفسه، تتعثر الأعمال التجارية في الخارج. وأثبت الاعتماد الواسع لصناعة السيارات الألمانية على الصين، حيث تنفذ قرابة ثلث أعمالها، أنه أمر مدمر.

وعلى مدار سنوات عديدة، ضمنت سوق السيارات في الصين تحقيق نمو سريع وأرباح مرتفعة. ولكن التعثر الحالي للطلب على طرز السيارات الألمانية، وجّه صفعة شديدة لشركة فولكس فاغن والشركات الأخرى.

يتمثل العامل الرابع في: التكاليف المرتفعة؛ إذ يعاني المصنعون الألمان من ارتفاع كبير في تكاليف الطاقة والعمالة. ووفقاً للخبير شووب، يعدّ إنتاج نماذج سيارات ذات تكلفة أقل، غير مربح في ألمانيا.

ويقول شووب إن جزءاً من المشكلة يكمن في توقعات الإدارات العليا فيما يتعلق بهامش الربح. وزادت الضغوط التي تدفع باتجاه خفض النفقات تبعاً لذلك. ولا يزال المصنعون يحققون أرباحاً كبيرة، وليسوا بأي حال من الأحوال على شفا الإفلاس، بحسب شووب.

الرسوم على السيارات الصينية

يواجه المصنعون الأوروبيون منافسة من السيارات الكهربائية الصينية الأرخص، حيث تتهم بروكسل بكين بتقديم دعم غير عادل للمصنعين المحليين.

وكي لا تتعرض شركات صناعة السيارات الكهربائية الأوروبية لمزيد من التقويض من قبل شركات صناعة السيارات الصينية، قدمت المفوضية الأوروبية خطة بفرض رسوم إضافية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين، بالإضافة إلى الرسوم الحالية.

وأثارت هذه القضية انقساماً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وصوّتت عشر من الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، الجمعة، لصالح زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية من الصين بواقع 35.3 في المائة، إضافة إلى الرسوم الحالية، 10 في المائة.

وصوتت خمس دول، تمثل نحو 23 في المائة من إجمالي سكان التكتل، ضد الرسوم الإضافية. وامتنعت 12 دولة عن التصويت.

وقال دبلوماسيون من التكتل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الرسوم الجمركية ستطبق لمدة خمس سنوات.

ويأمل الاتحاد الأوروبي من خلال الرسوم الجديدة في توفير الحماية لصناعة السيارات بالتكتل، والتي توفر فرص عمل لنحو 14 مليوناً من سكانه.

وانتقدت ألمانيا، ومؤخراً إسبانيا، الرسوم الجديدة، حيث تخشى الدولتان من أنها قد تؤدي إلى حرب تجارية مع الصين، في حين تؤيد دول أعضاء أخرى الرسوم، وبينها فرنسا وإيطاليا.

وكان يتعين رفض 15 دولةً عضواً، على الأقل، (تمثل 65 في المائة من سكان الاتحاد الأوروبي) الرسوم الجمركية؛ حتى لا يتم تطبيقها.

ولا يزال قرار بدء فرض الرسوم الجديدة التي من شأنها أن تفجّر موجة جديدة من الصراع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين، بدءاً من أول المقبل، متروكاً للمفوضية.

وفي الوقت نفسه، يمكن إلغاء هذه الخطة حال تمكنت المفوضية من الوصول إلى اتفاق تفاوضي مع الصين.

وقالت المفوضية، في بيان عقب تصويت يوم الجمعة: «يواصل الاتحاد الأوروبي والصين العمل بجد للبحث عن حل بديل».

وحذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، عقب التصويت، من تصاعد النزاعات التجارية، مشدداً في بيان نشره على منصة «إكس»: «نحن بحاجة لحل تفاوضي».

وتعارض شركات صناعة السيارات الألمانية التي تضم علامات تجارية مثل فولكس فاغن وبي إم دبليو ومرسيدس، بشكل عام، الرسوم حيث تستثمر بكثافة في السوق الصينية وتبيع جزءاً كبيراً من إنتاجها في هذه السوق.