معرض فوتوغرافي يستكشف جماليات المشربيات في القاهرة

يستعرض فنون الأرابيسك في التراث المصري

عمل للمصورة آية محمد مروان
عمل للمصورة آية محمد مروان
TT

معرض فوتوغرافي يستكشف جماليات المشربيات في القاهرة

عمل للمصورة آية محمد مروان
عمل للمصورة آية محمد مروان

في شوارع وأحياء القاهرة القديمة لا تزال أبواب البيوت القديمة والنوافذ والمشربيات (الشناشيل) صامدة أمام الزمن، حاملة جماليات العمارة والفنون الإسلامية والقبطية والشعبية، بما تضمه من وحدات زخرفية وهندسية ونباتية، ورسوم ونقوش وكتابات.
وتعد زخارف الأرابيسك في هذه الوحدات الخشبية أحد الملامح التي لفتت انتباه المستشرقين والكثير من الرحّالة الذين قدِموا إلى مصر، وكذلك شغلت – ولا تزال - الخبراء والباحثين والفنانين. ولأجل إحياء وتوثيق هذه الموروثات؛ كونها تشكل وجهاً مهماً من أوجه التراث المصري؛ استضاف بيت السناري الأثري بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، معرضاً للتصوير الفوتوغرافي عن جماليات الأبواب القديمة والمشربيات، ضمن فعاليات ملتقى «الأبواب والشبابيك في التراث المصري».
يعد المعرض نتاج مسابقة تم الإعلان عنها من جانب «الجمعية المصرية للفنون والأرابيسك والمشربية» - مُنظمة وصاحبة فكرة الملتقى - في 4 فروع، هي فرع الشباب (أقل من 17 عاماً)، وفرع الكبار (أكبر من 17 عاماً)، وفرع ذوي الاحتياجات الخاصة، وفرع المؤثرات الخاصة، وهي المسابقة التي تقدم لها 27 متسابقاً بأعمال تعكس جماليات أبواب البيوت القديمة والمشربيات، وتم الإعلان عن فوز 3 متسابقين في كل فرع من فروع المسابقة.
من بين الفائزين في فرع المؤثرات الخاصة، يقول أحمد الشناوي، وهو أحد هواة التصوير، لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت بعمل مصور عن أحد آخر الأبواب القديمة في منطقة بولاق أبو العلا التي يطلق عليها مثلث ماسبيرو، وهي المنطقة التي هدمت عقاراتها القديمة بهدف تطويرها، حيث كنت في زيارة للمنطقة قبل عمليات الهدم، وصادفت هذا الباب القديم الذي جذبني شكله تراثي، وبالسؤال علمت أنه ينتمي إلى حقبة القاهرة الخديوية؛ لذا حاولت توثيقه قبل هدم العقار الكائن به».
الشناوي يرى أن مصر لديها تراث زاخر من الأبواب والنوافذ القديمة التي تشبه اللوحات والأعمال الفنية، فعليها توجد الرسوم والنقوش والزخارف والأشكال الجمالية: «هذا يضعنا كمصريين بشكل عام، ومصورين بشكل خاص، سواء محترفين وهواة، أمام مسؤولية توثيق هذا التراث قبل أن يصبح من العناصر القديمة المندثرة».
أما آية محمد مروان، الفائزة بالمركز الثاني في فرع الكبار، فتقول: «دفعني موضوع المسابقة لأن أتقدم للمشاركة بها، حيث إنها خاصة بالتراث الذي يتعلق بمجال دراستي بمعهد الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون، وموضوع لوحتي الفائزة يدور عن المشربية، حيث كنت أتجول بمنطقة مصر القديمة بجوار مجمع الأديان، فجذبتني إحدى المشربيات بشكلها الجمالي وتصميمها الإبداعي، وقررت تصويرها مع مراعاة أن تكون زاوية التصوير عاكسة لكل تفاصيلها».
يذكر أن ملتقى «الأبواب والشبابيك في التراث المصري»، والذي يعقد للمرة السادسة، تضمن بخلاف المعرض عدداً من الفعاليات التي تدور حول الأبواب وفنون الأرابيسك، منها محاضرات وجلسات حول جماليات الأبنية التراثية، والزخارف والنقوش في التراث الإسلامي والقبطي، وورش عمل عن فن الجداريات التراثية، بالإضافة إلى معرض للحرف التراثية المصرية، وحفل غنائي تراثي، ومعرض للكتب التراثية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».