هل قضت «آنا» على أحلام المخرج والمنتج الفرنسي لوك بيسون

إيرادات ضعيفة والإفلاس سيف مشهور

لوك بيسون
لوك بيسون
TT

هل قضت «آنا» على أحلام المخرج والمنتج الفرنسي لوك بيسون

لوك بيسون
لوك بيسون

يوم الخميس الماضي استيقظ المنتج والمخرج الفرنسي لوك بيسون على أرقام عائدات اليوم الأول من فيلمه الجديد «آنا». فيلم جاسوسي - بوليسي آخر من بطولة امرأة تجيد القتال والقتل، وتقضي على شبكات التجسس والإرهاب بيد من حديد.
هذه اليد لم تمتد إلى «شباك» التذاكر لتنجز ما أنجزته على الشاشة، فتمخضت إيرادات اليوم الأول من العروض عن 302 ألف دولار. بالمقارنة فإن إيراد اليوم ذاته من عروض فيلم «توي ستوري 4» بلغت 11 مليوناً و407 دولارات، وهذا في أسبوع الفيلم الثاني الذي يشهد عادة تراجع الإقبال بنسب كبيرة.
أرقام الأيام التالية لم تكن أفضل بالنسبة لفيلم بيسون الناطق بالإنجليزية. فالفيلم الذي بلغت تكاليفه الأرضية (أي من دون تكاليف التوزيع والدعاية) 30 مليوناً و690 ألف دولار اكتفى بـ3 ملايين و500 ألف دولار في السوق الأميركية، ونحو ذلك في الأسواق القليلة التي عرض فيها حتى الآن. هذا مع العلم أن عدد الصالات التي افتتح الفيلم عروضه فيها بلغ 2114 صالة.

غياب الجديد
هذه المرّة الفشل أكبر من مجرد فشل فيلم معين. إنه فشل خطة عمل يشي بإخفاق المنتج المعروف في إنجاز الرحلة التي انطلق بها قبل أكثر من ثلاثين سنة بقوّة واعدة أنجز خلال مطلعها أفلاماً ناجحة عدة، من بينها «صبواي» (1985) و«كيميكازي» (1986) و«الأزرق الكبير». هذا كله قبل أن ينتقل من المحلي إلى العالمي بفيلم «الأنثى نيكيتا» سنة 1990 الذي يحاول «آنا» تقليده.
«آنا»، الذي تقود بطولته امرأة في الثياب السوداء اسمها ساشا لوس، ليس فيلماً سيئ التنفيذ. على العكس يدين من المشاهد الأولى لخبرة بيسون الكبيرة في مجال الأفلام ذات التمويل الفرنسي المصنوعة لغزو السوق الأميركية، كما كانت الحال منذ أيام «الأنثى نيكيتا». والحكاية لا تزال - في قوامها - هي ذاتها كما وردت في ذلك الفيلم الذي قامت ببطولته آن باريلو (يبدو أنها عاطلة عن العمل اليوم، إذ إن آخر فيلم لها ورد سنة 2012، وكان عنوانه «النهار مدان لليل»).
بذلك، هو فيلم عن عميلة بمهارات لا يُعلى عليها. تُسند إليها مهمة اغتيال. تقوم بها بنجاح. لكن المهمة لا تنتهي عند حد نجاحها، بل سريعاً ما تجد العميلة نفسها هدفاً للقضاء عليها. المختلف عن شخصية نيكيتا هو أن آنا تجيد لعبة الشطرنج، وتتحرك فوق مربعات الحياة بالوسيلة ذاتها حاسبة كل خطوة، لا من خطواتها فحسب، بل من خطوات عدوّها. بعد حين سيختلط الأمر قليلاً على آنا عندما تفاجأ بأن عليها اختيار الجهة التي تستطيع أن تثق بها (أكثر من سواها) وتعمل لها.
يحشد بيسون لهذا الخط الروائي كل إمكانات التشويق المعتادة، لكن شيئاً منها لا يحرك الكثير من الاهتمام كون كل ما يقع أمامنا وقع سابقاً في أفلام أخرى، خصوصاً في السنوات القليلة الأخيرة. شاهدنا جنيفر لورنس تؤدي دور عميلة روسية في «رد سبارو» (2018) ثم واجهتنا تشارليز ثيرون بدورها في «أتوميك بلوند» (في العام ذاته)، وبين الاثنين، عموماً، ارتفعت نسبة الأفلام التي تتحدث عن المرأة كمقاتلة جميلة وفاتنة ونحيفة القد وماهرة في استخدام كل ما يخطر على بال من أدوات القتال.
بغياب الجديد والإضافي لمثل هذه الحكاية المتداولة بقصص متشابهة، لم يبق لفيلم بيسون سوى أن يطرح نفسه كواحد من المجموعة. الأمر الذي لم ينفع الفيلم نقدياً ولا تجارياً فسقط في الميزانين معاً.

فضيحة ورد غطاها
لكن ما هو خطير، ليس السقوط المدوّي بحد ذاته. كثيرون سقطت أفلامهم، وبقوا على السطح أو حتى فوق القمّة. المشكلة هي أن هذا الفيلم، على حدود ميزانية إنتاجه العادية هذا الأيام، يأتي في أعقاب فشل أكبر نتج قبل عامين عندما أخفق فيلم بيسون الخيالي - العلمي المصنوع على الغرار الأميركي بكل مفاتيحه: «فاليريان ومدينة الألف كوكب» (2017). ذلك الفيلم بلغت تكاليفه 180 مليون دولار، وكان عليه أن يسجل أكثر من 350 مليون دولار حتى تستوي دفاتر الحسابات، لكن أقصى ما جمعه الفيلم هو 250 مليون دولار من أسواق العالم.
فشل «فاليريان…» وضع بيسون أمام وضع حرج. فالمال المصروف على الفيلم لم يأت من خزينته، بل من عقود تمويلية، بذلك كان من المفترض أن يسدد الفيلم الكبير فاتورة تكاليف ديونه في وقت واحد، ويواصل وضع بيسون على سكة النجاح.
هنا واجه بيسون خطر الإفلاس، وكان عليه أن يبحث في عام 2017 عن منفذ، ووجده في إعادة ترتيب حكاية «الأنثى نيكيتا» في مواقف مختلفة، ولو أن الفكرة ذاتها بقيت حيّة أكثر من الفيلم المنجز ذاته. إنه مثل أفلام رامبو بالنسبة لسيلفستر ستالون. تفهم الشخصية وتستقطب حكاياتها، لكن رامبو وما يعنيه وما يحارب من أجله يبقى واحداً.
بقرار بيسون إنجاز فيلم «رخيص» التكلفة مثل «آنا» محاولة إطلاق نجاح سريع مبهر سبق له أن أنجزه في «الأنثى نيكيتا»، كما في «العنصر الخامس» (1997). لكن ما حدث خلال ذلك العام لبد سماء المشروع بغيوم كثيفة. الممثلة البلجيكية ساند فان روي اتهمت المخرج بيسون باغتصابها خلال العمل معاً، إذ كانت إحدى أبطال فيلم «فليريان ومدينة الألف كوكب». تبع ذلك بلاغات من 8 نساء أفصحن عن أن بيسون متهم بالتحرش الجنسي.
المحكمة الفرنسية التي نظرت في قضية فان روي لم تجد ما يثبت قولها، وأصدرت قراراً ببراءة المخرج - المنتج. بالتالي تهاوت الدعاوى الأخرى التي هي أقل شأناً في الأساس. لكن الذي حدث تبعاً لكل ذلك أن الشركة الأميركية الموزعة لفيلم «آنا»، التي كانت خططت لطرح الفيلم في أواخر سنة 2017 (ليونز غيت) قررت الحفظ على الفيلم وسط الضجة المماثلة التي وقعت في أميركا ذاتها، والتي كان بطلها (وعلى نحو ثابت) المنتج هارفي ونستين.
عندما صدر قرار براءة المخرج مما نُسب إليه، قررت إطلاق الفيلم في هذا الشهر. عدم الإقبال عليه لا يعود إلى قدم الفيلم النسبي (إلا بمعدل طفيف)، بل إلى أن المشاهد دفع ما يريد دفعه ثمناً لأفلام من بطولة نساء في أدوار الرجال. لم يعد يكترث. كذلك إلى حقيقة أن شركة التوزيع ضنّت على الفيلم بدعاية مناسبة فولد ميتاً في الأسواق.

هن توقف القطار
كل ذلك يضع لوك بيسون في موضع حرج مادياً. شركته الكبيرة (يوروبا كورب) التي كانت نموذجاً فرنسياً لتأكيد قدرة التمويل الفرنسي إنجاز نجاح باهر في السوق التجارية الأميركية، وقوده الجمهور السائد، تجد نفسها حالياً أمام خانات مكتوبة باللون الأحمر: خسائر تبلغ ما يوازي 101 مليون و200 ألف دولار (حسب مجلة «ذا هوليوود ريبورتر»)، وذلك عن الأشهر الست الأخيرة من العام الماضي. هذا بالإضافة إلى أن النصف الأول من العام الماضي شهد خسارة قدرها 94 مليون دولار.
عندما لم ينجز «فاليريان…» النجاح الموعود سنة 2017 وجد بيسون نفسه أمام خسارة قدرت بـ136 مليون ونصف المليون من الدولارات. الفيلم الذي تلا هذا السقوط كان «كورسك» من بطولة البريطاني كولين فيرث، لكن مجموع إيراداته لم تزد عن 5 ملايين دولار حول العالم.
نتيجة كل ذلك أن أخذ بيسون ببيع الحصص لشركات أخرى. كان باع صالات السينما التي يملكها لشركة «باتيه» الفرنسية في عام 2016، ومؤخراً باع أسهماً وودائع فضية لشركات أخرى. كما باع مكتبته من الأفلام التي كان أنتجها أو استحوذ عليها خلال السنوات العشرين الأخيرة (نحو 500 فيلم) إلى شركة «غومون». كل هذه كانت قرارات صعبة، كذلك قرار إغلاق مدرسة للسينما كان أسسها قبل سنوات قليلة.
على أن هذا كله لا يعفي الوضع من مخاطر الإفلاس، خصوصاً أن مساهمين صينيين كانوا استثمروا في شركة «يوروبا كورب» بنحو 67 مليون دولار مستحوذين على 28 في المائة من الأسهم.
ما ميّز بيسون عن سواه من أترابه الفرنسيين أنه حلم بعيداً وعالياً. أراد أن يكون جزءاً من هوليوود من دون أن ينتقل للعمل فيها، أو حتى نقل شركته الفرنسية إلى هناك، إذا لم نقل إنشاء شركة إنتاج كبيرة.
إنه حلم مشروع، وبداياته كانت ناجحة، لكن القطار خرج عن سكته في نهاية الأمر. قد لا تنقلب عرباته، لكنها الآن متوقفة بسبب التصليحات.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.