الحكومة الروسية تتصدى لظاهرة تربية حيوانات مفترسة في شقق سكنية

حماية للسكان من الحيوان والعكس

الأسد كينغ الذي هاجم مربيته وقتل ابنها بعد سنوات طويلة من الحياة في شقتهم
الأسد كينغ الذي هاجم مربيته وقتل ابنها بعد سنوات طويلة من الحياة في شقتهم
TT

الحكومة الروسية تتصدى لظاهرة تربية حيوانات مفترسة في شقق سكنية

الأسد كينغ الذي هاجم مربيته وقتل ابنها بعد سنوات طويلة من الحياة في شقتهم
الأسد كينغ الذي هاجم مربيته وقتل ابنها بعد سنوات طويلة من الحياة في شقتهم

قررت الحكومة الروسية التدخل لحماية الإنسان من الحيوانات المفترسة، وحماية الحيوانات من التعامل السيئ من جانب الإنسان. وبعد انتشار ظاهرة تربية حيوانات مفترسة في شقق سكنية في روسيا، ونظراً لما تحمله هذه الظاهرة من مخاطر على الإنسان الذي قرر استضافة «وحش» للعيش مع عائلة في شقة سكنية، وتهديدات للحيوان المفترس نفسه، الذي يضطر للعيش في ظروف سيئة لا تتوافق أبداً مع ظروف حياته الطبيعية، وتزايد شكاوى المواطنين من «حيوان مفترس يعيش بجوارنا»، أصدرت الحكومة الروسية قراراً، أمس، لحماية الإنسان من الحيوان والعكس. وقالت في مقدمته إن القرار حول «حظر امتلاك واستخدام الحيوانات التي تشكل مصدر تهديد لمالكيها (حيوانات مفترسة ضخمة، حيوانات سامة)، وكذلك الحيوانات التي تختلف ظروف حياتها في البيئة الطبيعية كلياً، مع ظروف إقامتها في الحجز (أي شقة سكنية وغيرها من أماكن تحد من حرية الحيوان)، ما قد ينعكس بصورة سلبية على حالتها الصحية وربما يؤدي لهلاكها».
والأمر لم يقتصر على الحيوانات المفترسة، وحظر تربيتها وإقامتها في الشقق والمنازل، إذ يشمل قرار الحكومة الروسية قائمة من الكائنات «الخطيرة»، وإلى جانب «الثدييات المفترسة» يحدد أنواعاً أخرى من الحيوانات من أكثر من فصيلة، بينها الزواحف (الأفاعي السامة على سبيل المثال)، والبرمائيات (التماسيح مثلاً)، والعنكبوتيات، ومعها أنواع من الطيور والأسماك وحتى الشعاب المرجانية. وغالباً فإن حظر اقتناء وتربية مجموعة من تلك الكائنات يهدف إلى حمايتها من الإنسان الذي لا يملك إمكانية توفير ظروف مناسبة لحياتها بشكل طبيعي.
تزامن صدور القرار مع حادثة تناقلتها وسائل إعلام روسية عن شبل أثار رعب سيدة عجوز حين دخل إلى المبنى مع رجل كان يمسكه برباط خاص، كالذي يُستخدم للكلاب المنزلية. وسارعت السيدة للاتصال بالبوليس لتبلغ عن «أسد صغير يثير الرعب في المبنى». إلا أن البوليس، وخلال التحقق من الشكوى، وجد أن مالك «الشبل» لم ينتهك القوانين، واشترى هذا الحيوان الصغير اللطيف بطريقة شرعية، ولديه جميع الثبوتيات الضرورية التي تسمح له باقتنائه. مع ذلك تعهد بنقل الشبل إلى ساحة خاصة واسعة قال إنه يشيدها له خصيصاً في منطقة ريفية. قبل ذلك انتشر خبر على نحو واسع عن لبؤة فتية تتجول في شوارع مدينة بطرسبورغ، وفي فصل الشتاء، حيث الظروف المناخية تتعارض تماماً مع بيئتها الطبيعية. وقال شهود عيان إن اللبؤة كانت «تتمختر»، ومن ثم استلقت على كومة ثلج، وكأنها تحاول التعرف على الشتاء الروسي. واتضح لاحقاً أنها ملك ممثل روسي. وبعد صدور القرار الجديد لم يعد بوسع أي شخص امتلاك حيوانات كهذه.
في تعليقهم على هذه الخطوة الحكومية، يستعيد كثيرون في روسيا مأساة صعقت الرأي العام السوفياتي في السبعينيات. حينها كانت أسرة من مدينة باكو (عاصمة أذربيجان) تربي أسدين، عاشا مع الأسرة كأنهما أفراد منها. وشارك الأسدان في تصوير أفلام سينمائية شهيرة محلياً.
ذات يوم، وبعد سنوات طويلة من الحياة الآمنة المثيرة الجميلة معاً في شقة صغيرة، قام أحد الأسدين بمهاجمة مربيته «ربة الأسرة» فأصابها بجروح، وهاجم ابنها فأرداه قتيلاً. ومنذ ذلك الحين تحولت قصة الأسد «بطل الشاشة» إلى حكاية تتداولها الأجيال، وتؤكد أن الحيوان المفترس، ومهما تغير سلوكه خلال تعايشه مع الإنسان، فإنه قد يعود في أي لحظة لطبيعته «حيواناً مفترساً» حياته رهن بامتلاكه مهارة قتل الفريسة. على الجانب الآخر تعلن سلطات حماية البيئة والحيوان الروسية من حين لآخر عن عثورها على حيوان مفترس «تشرد» بعد أن تخلى مالكوه عنه خوفاً منه. وغالباً تكون تلك الحيوانات بحالة مزرية، وبحاجة لعناية طبية عاجلة، بعد أن أمضت أياماً في الشوارع، وفي بيئة طبيعية قاسية عليها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».