صراع انقلابيي اليمن على المال والنفوذ يدفع محافظهم في ذمار إلى الاستقالة

TT

صراع انقلابيي اليمن على المال والنفوذ يدفع محافظهم في ذمار إلى الاستقالة

دفع صراع الميليشيات الحوثية على المناصب والنفوذ وجني الأموال محافظ الجماعة في محافظة ذمار، محمد حسين المقدشي، لتقديم استقالته، في بيان بثه أمس على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، واتهم فيه قادة الجماعة بالفساد، وعدم تمكينه من صلاحيات منصب المحافظ.
وأكدت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن المشرف الحوثي في ذمار، فاضل المشرقي، ومعه عدد من القيادات المنتمية إلى سلالة زعيم الجماعة الحوثية، قاموا بتهميش المقدشي، وإطاحة المسؤولين المحليين المحسوبين على حزب «المؤتمر الشعبي» كافة، «وتعيين موالين خلفاً لهم رغماً عن المحافظ المستقيل».
ويعد المقدشي من زعماء قبيلة عنس، من كبرى القبائل اليمنية، وهو بخلاف كثير من أبناء عمومته المناصرين للحكومة الشرعية، اختار تقديم الولاء لزعيم الميليشيات الحوثية، ظناً منه أنه سيستطيع خدمة أبناء محافظته في ظل حكم الانقلاب الحوثي بشكل أفضل، ويحافظ على مصالح قبيلته، وفق مقربين منه تحدثوا مع «الشرق الأوسط».
وتأتي استقالة المقدشي من منصبه الحوثي بعد اشتداد عملية الصراع بين قادة الجماعة في صنعاء وإب وذمار، وتبادل التهم بالفساد ونهب الأموال، وتدمير المؤسسات الحكومية الخاضعة للجماعة، وفي ظل حال من الغلبة والاستقواء للقيادات الحوثية القادمة من صعدة أو المنتمية إلى سلالة زعيم الجماعة.
واستعرض القيادي المقدشي، في بيان استقالته، إنجازاته في المحافظة منذ توليه المنصب، وقال إن جهوده اصطدمت «بظهور عوائق وعقبات لا مبرر لها، تصاعدت لتصل لحدود مبالغ فيها، لدرجة افتعال أزمات، وخلق إشكاليات الهدف منها إثارة الفتن والخلافات».
وتابع محافظ الجماعة المستقيل، في بيانه، بالقول: «ظلت الأمور تسير في جهة واحدة نحو المجهول، وظهرت معها عمليات فساد وتحول مفاجئ لأشخاص لهاوية الفساد، وجني مكاسب شخصية، واختلالات في العمل الإداري في المكاتب، وتدخلات غير منطقيه في الاختصاصات، والأخطر من كل ذلك الانحراف الكبير لبعض المديرين والمسؤولين»، في إشارة إلى قادة الجماعة الحوثية القادمين من صعدة.
واتهم المقدشي القيادات الحوثية بأنهم يعملون لمصلحتهم الشخصية، ويتخلون عن خدمة السكان، وقال إنه أصبح عاجزاً عن القيام بمهامه، ووصلت الأمور معه إلى «حد لا يطاق»، بعد أن تصاعدت الاختلالات، وأصبحت «خارج المعقول»، على حد تعبيره.
وأوضح أن كثيراً من مهامه خرجت من صلاحيته، وتفاقم العبث والعشوائية، لدرجة أنه أصبح عاجزاً عن إقالة أو عزل الموظفين الفاسدين، مشيراً إلى تشكل قوى جديدة في المحافظة، في إشارة إلى المنتمين إلى سلالة الحوثي، وقال إن «هناك قوى استحدثت وتكونت داخل المحافظة لتكوين لوبي فساد للسيطرة والتحكم على موظفي ومسؤولي وقيادة المحافظة، والتحكم في سلطة المحافظة وتسييرها».
وفي حين زعم القيادي الحوثي أنه قدم استقالته بعد عجزه التام عن تقديم شيء، طالباً من زعيم الميليشيات قبول استقالته، وتعيين من يراه مناسباً للمنصب، أكد أنه سيحتمي بقبيلته، ولن يرضخ للقيادات الحوثية التي باتت تتحكم بكل شيء في المحافظة.
وكانت الخلافات بين قادة الجماعة في محافظة إب المجاورة (جنوب ذمار) قد وصلت إلى حد المواجهة المسلحة لجهة الصراع على الأموال والمناصب، بحسب ما أفادت به مصادر محلية في المحافظة. ووفق المصادر، كانت القيادات الحوثية المناوئة للقيادي الحوثي عبد الحافظ السقاف قد استعانت بقوات ما يسمى الأمن الوقائي من محافظة ذمار، حيث استطاعت اقتحام إدارة أمن المحافظة، بعد مواجهات عنيفة مع أتباع السقاف في عدد من الشوارع.
واعتقلت القوات الحوثية القادمة من ذمار نجل القيادي الحوثي عبد الحافظ السقاف، مع عدد من المسلحين، في حين أصدرت القيادات الحوثية المناوئة للسقاف أوامر بمنع التعامل مع السقاف، وشكلت لجنة من القيادات والمشرفين الموالين لهم لإدارة المرافق الأمنية.
وتوعد القيادي الحوثي عبد الحافظ السقاف، عقب يوم واحد من المواجهات، عناصر جناح مشرفي صعدة الموجودين في إب، وقال إنه والجناح الموالي له لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وإن الاعتداءات التي طاولته لن تمر مرور الكرام، بحسب ما جاء في تصريحات نسبت إليه.
وتشير المصادر إلى وجود صراع حوثي محتدم، حتى على مستوى القيادات الكبيرة المقربة من زعيم الجماعة في صنعاء، إذ أصبح هناك تيار يقوده عم زعيم الجماعة المعين وزيراً لداخلية الانقلاب عبد الكريم الحوثي، وآخر يقوده ابن عمه محمد علي الحوثي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».