كامالا هاريس... مرشحة رئاسية ديمقراطية تقود من الوسط

في زحمة الاصطفاف السياسي الأميركي

كامالا هاريس... مرشحة رئاسية ديمقراطية تقود من الوسط
TT

كامالا هاريس... مرشحة رئاسية ديمقراطية تقود من الوسط

كامالا هاريس... مرشحة رئاسية ديمقراطية تقود من الوسط

في عام 2008، تكهّن كثيرون بأنها ستكون واحدة من بين أبرز النساء اللواتي قد يصبحن «السيدة رئيسة الولايات المتحدة». وبعد عشر سنوات صُنّفت بأنها ستكون على قائمة أهم المرشحين الديمقراطيين في السباق الرئاسي لعام 2020. وبالفعل هذا ما حصل، عندما وقفت على منصّة أول مناظرة سياسية بين المرشحين الديمقراطيين، في مواجهة كبار متصدّري استطلاعات الرأي، رغم أن السباق لا يزال في بدايته.
إنها السيناتورة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها عدّاءة سياسية شرسة وصلبة. وكانت هاريس في يونيو (حزيران) 2018 قد أعلنت أنها لا تستبعد الترشح في مواجهة الرئيس دونالد ترمب، ومع بداية عام 2019 أعلنت هاريس رسمياً خوضها السباق الرئاسي (2020). وخلال 24 ساعة من إعلانها ترشّحها جمعت تبرّعات قياسيّة مساوية للتبرعات التي جمعها بيرني ساندرز بُعيد ترشحه لانتخابات 2016. وفي المناظرات التي شهدتها مدينة ميامي بالأمس كان أداء هاريس قوياً ولافتاً... حاز إعجاب المحللين.
حضر المهرجان الانتخابي الأول للسيناتورة كامالا هاريس في يناير (كانون الثاني) 2019 نحو 20 ألف شخص في مدينتها أوكلاند، «جارة» مدينة سان فرانسيسكو بشمال ولاية كاليفورنيا. وشكّل هذا الإقبال الكبير «صدمة» لمنافسيها الذين شعروا بخطورتها على حظوظهم، على الأقل في مواصلة السباق الحزبي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي.
ولكن رغم أن معظم مهرجانات هاريس الانتخابية تستقطب حضوراً مميزاً، فإنها تجهد لتقديم فلسفة خاصة بها، في ظل الاستقطاب الحاد الذي يشهده الحزب الديمقراطي، والمجتمع الأميركي عموماً، ما يجعل تقديم تصنيف سياسي أو آيديولوجي لها، دونه صعوبات جمّة.

البحث عن هوية
هاريس تقدّم نفسها على أنها صاحبة حلول عملية بدلاً من الرؤى الشاملة. وكانت قد قالت في مهرجان انتخابي بولاية ساوث كارولينا، الجمعة الماضي: «مهم أن يكون لديك أفكار كبيرة حول كيفية إصلاح هذا العالم، لكن من المهم أيضاً، ويمثل أولوية بالنسبة لي تقديم حلول لمعالجة الأشياء التي تجعل الأشخاص يستيقظون في منتصف الليل». ويعكس وقوفها على مسرح واحد أمام كبار منافسيها في أول مناظرة سياسية، على رأسهم نائب الرئيس السابق جو بايدن وبيرني ساندرز، حجم التحدّي الذي تواجهه.
ساندرز (اليساري أصلاً خارج صفوف الحزب الديمقراطي) صنّف نفسه مع السيناتورة إليزابيث وارين (من ولاية ماساتشوستس) كممثلين للتيار اليساري، في حين أعلن بايدن أنه يمثل موقع الوسط، واعداً بإلحاق الهزيمة ترمب. أما هاريس فتشتهر بأنها «مُدّعية عامة سابقة»، تشارك كعضو مجلس شيوخ في الجلسات العامة للمجلس، وليس للدفاع عن أي نهج سياسي معين.
الآن ثمة أصوات كثيرة تطالب هاريس بأن تعجّل في بلورة فلسفتها الآيديولوجية. وبينما يحمل منافسوها برامج واضحة ومحددة، ويعتقد كثيرون أنها قد تمثل التغيير المطلوب، فإن قلَّة منهم تبدو قادرة على تحديد نوع التغيير الذي ستحدثه.
البعض يقول إنها براغماتية أكثر منها آيديولوجية، وإنها شخصية عملية تسأل دوماً عن انعكاس أي قرار على حياة الناس. وحقاً، تقول جيل حبيب، التي عملت مستشارة لهاريس عندما ترشّحت لمنصب المدعية العامة، ولاحقاً لعضوية مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا: «من حيث منهجية كيفية تحقيق أهدافها، هاريس ليست آيديولوجية للغاية». ومن ثم، فالحصيلة حتى الآن هي مجموعة سياسات تتشكل غالباً من مواقف حدثيّة تتماشى مع الصراع الديمقراطي السائد في الولايات المتحدة.

حلول عملية مباشرة
من جهة ثانية، فإن الخيط الذي يربط مقترحاتها هو التركيز على ما قدّمته كإجراءات عملية، بدلاً من الحلول طويلة الأجل؛ إذ تؤيد هاريس الرقابة على الأسلحة الفردية، وحلّ قضية المواطنة بالنسبة لأطفال المهاجرين غير الشرعيين وأوليائهم، عبر قرارات تنفيذية رئاسية، كالتي اتخذها ترمب - وقبله أوباما - في مواجهة اعتراضات الكونغرس.
أيضاً، تؤيد هاريس تقديم مساعدات للمستأجرين وحوافز ضريبية للطبقة الوسطى بقيمة 6 آلاف دولار أميركي، ما يوفر مزايا ملموسة على المدى المباشر، بدلاً من البرامج الأكثر جذرية التي تقدمها السيناتورة اليسارية وارين، التي تتعهد بتفكيك شركات التكنولوجيا الكبرى، مثلاً.
واليوم تدافع هاريس، ومثلها مساعدوها، في حملتها الانتخابية، عن دعوتها لرفع رواتب المعلمين بمعدل 13500 دولار، لمساواتهم بفئات المهنيين المتعلمين، بما يضمن تحسين نتائج الطلاب وبيئة التعليم، ليتبيّن بعدها أنه اقتراح يتطابق مع برامج نقابات المعلمين. وكما دافعت عن المعلمين، تعهدت هاريس أخيراً بفرض غرامات قاسية على الشركات التي تميز في الأجور بين النساء والرجال، في اقتراح مباشر لم يطرحه أي منافس ديمقراطي لها. ومن المعروف، عموماً، أن المرأة العاملة الأميركية تحصل على 80 سنتاً مقابل كل دولار يحصل عليه الرجل.
في أي حال، وكما سبقت الإشارة، حتى الساعة لم تطلق هاريس أي وصف أو تسمية لموقعها. هل هي من يسار الوسط أو يمين أقصى اليسار أو في أي مكان بينهما. بل عندما سألتها مراسلة صحافية عما إذا كانت «من أتباع ديمقراطيي أوباما» ردت هاريس ببساطة: «أنا كامالا». وراهناً، تكثّف السيناتورة الكاليفورنية الطموحة نشاطها في الولايات الأربع التي ستشهد تصويتاً مبكراً، وصار لديها نادٍ للمعجبين باسمها، في تقليعة تشبه نادي المعجبين بالمغنية بيونسيه. غير أن استطلاعات الرأي المُبكّرة في ولاية كاليفورنيا، بالذات، تظهر إمكانات هاريس وحدودها، إذ عندما طُلب من الناخبين الديمقراطيين اختيار المرشحين الأول والثاني، جاءت نتائجها مشابهة لكل من بايدن ووارين، بحسب أحد الاستطلاعات. لكن عندما طلب منهم تحديد الخيار الأول، تراجعت هاريس وراء بايدن ووارين وحتى ساندرز.

النشأة... والصعود السريع
وُلِدت كامالا هاريس يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1964، لعائلة متعلّمة ومثقفة؛ فأبوها المهاجر من جامايكا، دونالد هاريس، بروفسور اقتصاد في جامعة ستانفورد المرموقة. أما أمها شيامالا غوبالان فهي مهاجرة هندية تاميلية من مدينة شيناي (مدراس سابقاً) واختصاصية بسرطان الثدي. ثم إن أختها مايا محامية وإعلامية ومحللة وناشطة سياسية لامعة. وهي حالياً متزوجة من المحامي دوغلاس إيمهوف.
تلقت كامالا تعليمها الجامعي في جامعة هوارد بالعاصمة الأميركية واشنطن، ثم حازت على إجازة الحقوق من جامعة كاليفورنيا - هايسينغز. وباشرت ممارسة العمل القانوني محامية وقاضية جنباً إلى جنب مع نشاطها السياسي. ومع بداية عام 2017 أصبحت من بين أصغر أعضاء مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، وكانت قد شغلت قبل هذا المنصب منصب المدعية العامة (أو وزيرة العدل) في الولاية من عام 2011 وحتى عام 2017. وقبل ذلك كانت المدعية العامة لمدينة سان فرانسيسكو، من عام 2004 وحتى 2011.

معركة مجلس الشيوخ
في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 هزمت هاريس منافستها الديمقراطية لوريتا سانشيز للحلول مكان السيناتورة (المتقاعدة) بربارا بوكسر، لتصبح ثالث امرأة تمثّل كاليفورنيا في مجلس الشيوخ الأميركي، وأول أميركية من أصول جامايكية وهندية في هذا المنصب. والجدير بالذكر أن نجم هاريس بدأ يلمع منذ عام 2008. وسرعان ما حظيت هاريس باحترام وتقدير معظم قيادات الحزب الديمقراطي. وفي فبراير (شباط) 2016 صوّت مؤتمر الحزب الديمقراطي لصالح هاريس بنسبة 78 في المائة، أي أكثر بـ18 في المائة من النسبة المطلوبة، وهي 60 في المائة لضمان ترشيح الحزب. ورغم ذلك، وبما أن تأييد الحزب لا يضمن لأي مرشح مكاناً في الانتخابات العامة، فإن المرشحين يشاركون في انتخابات أولية واحدة في يونيو، ثم يتقدّم المرشحان الأول والثاني، بصرف النظر عن هويتيهما الحزبية، إلى الانتخابات العامة. وهنا، نالت هاريس تأييد 48 مقاطعة من أصل 58 في ولاية كاليفورنيا، وتغلّبت على منافستها الديمقراطية (أيضاً) سانشيز في الانتخابات العامة، وهذا، بعدما فشل الحزب الجمهوري للمرة الأولى من إيصال مرشح له إلى انتخابات مجلس الشيوخ، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحصل منذ بدأت كاليفورنيا انتخاب أعضاء مجلس شيوخها مباشرة عام 1914.
في 8 نوفمبر 2016، فور فوز هاريس بمقعدها في مجلس الشيوخ، تعهَّدت بحماية المهاجرين من سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب. ويوم 21 يناير (كانون الثاني) 2017، أي في اليوم الثاني على تنصيب ترمب، وصفت هاريس رسالته بـ«المظلمة»، خلال مشاركتها في أكبر مظاهرة نسائية في واشنطن. ويوم 28 يناير أدانت هاريس القرار الرئاسي الذي أصدره ترمب لمنع مواطني سبع دول غالبيتها مسلمة من دخول الولايات المتحدة، واصفة القرار بأنه يحظر المسلمين.
بعد ذلك، في فبراير من العام نفسه، اعترضت هاريس على ترشيح بيتسي دي فوس وزيرة للتعليم، وجيف سيشنز وزيراً للعدل. وفي أول خطاب لها أمام الكونغرس خصّصت 12 دقيقة لانتقاد سياسات ترمب تجاه المهاجرين. وفي مارس (آذار) طالبت باستقالة سيشنز بعدما تحدّثت تقارير عن اتصاله بالسفير الروسي في واشنطن، سيرغي كيسلياك، مرتين. وفي أعقاب صدور تقرير المحقق الخاص روبرت مولر في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016 وإعاقة التحقيقات، دعمت هاريس المطالبة بعزل الرئيس ترمب. ويوم 14 مارس 2017 اعتبرت أن إلغاء الجمهوريين «برنامج الحماية الصحية» المعروف بـ«أوباما كير» رسالة بأن التأمين الصحي «ترف» وليس حقّاً مدنياً.
ولفتت هاريس انتباه الإعلام الأميركي أكثر خلال جلسة استماع للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عندما سألت نائب المدعي العام رود روزنشتاين عن علاقته بطرد مدير «مكتب التحقيقات الفيدرالي» (إف بي آي) السابق جايمس كومي. وبسبب طبيعة أسئلتها المُحرجة، خصوصاً أنها محامية وقاضية، بادر كل من السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين والسيناتور ريتشارد بر، رئيس اللجنة، إلى مقاطعتها طالبين منها أن تظهر احتراماً أكبر للشاهد. وهذا، مع أن أعضاء ديمقراطيين في اللجنة ذكروا أنهم طرحوا أسئلة مشابهة على الشاهد، لكنهم لم يتعرّضوا للمقاطعة. وتكرّر الأمر خلال جلسة استماع أخرى مع وزير العدل جيف سيشنز، حيث قاطعها أيضاً ماكين وبر. ووصف سيشنز أسئلتها بأنها تثير أعصابه. وقال شيوخ ديمقراطيون إنها السيناتور الوحيد الذي تجري مقاطعته في جلسات الاستماع بشكل فظّ من قبل رئيس اللجنة. ووصف الإعلام مقاطعتها بأنها سلوك ذكوري تجاه سيدة عضو في مجلس الشيوخ، وبأنها ما كانت لتُقاطع فيما لو كانت رجلاً.
وفي موضوع آخر، انتقدت هاريس رئيس شركة «فيسبوك»، مارك زوكربرغ، بسبب طريقة استخدام الشركة لمعلومات المواطنين، وزارت خلال يونيو 2018 أحد مراكز احتجاز المهاجرين اعتراضاً على سياسة فصل العائلات، وانتقدت خلال جلسة تثبيت قاضي المحكمة العليا بريت كافانوه على اختصار تحقيقات «إف بي آي» في ماضيه.

سياسة خارجية تقليدية
ورد اسم هاريس بين القيادات الديمقراطية التي كانت هدفاً للرسائل المفخّخة التي أُرسِلت عبر البريد، العام الماضي. ودافعت وحدها عن النائبة الأميركية المسلمة إلهان عمر التي انتقدت ما سمته بـ«اللوبي» اليهودي. وقالت هاريس إنه ينبغي أن نحظى بصوت يحترم النقاش حول السياسات بما يضمن دعم إسرائيل والولاء للوطن، وبأن هناك فارقاً بين انتقاد السياسات والسياسيين ومعاداة السامية.
لكنها في المقابل، خلال مؤتمر «أيباك» (أقوى اللوبيات الداعمة لإسرائيل في أميركا) قالت إن إسرائيل ينبغي ألا تكون قضية خلافية بين الحزبين، وتعهدت بالعمل بما في وسعها لضمان أمنها وحقها في الدفاع عن نفسها، ورفضت حركة المقاطعة ضدها. كما أنها أسهمت مع أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ في إصدار قانون يعترض على قرار مجلس الأمن الدولي «2334»، الذي يدين إسرائيل بسبب بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلَّة. كما صوتت على قرار في مجلس الشيوخ للاحتفال بالذكرى الخمسين «لتوحيد القدس»، والتقت في نهاية 2017 برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
مواقفها الأخرى تجاه القضايا العربية تعكس الخط العام المتخبِّط للقادة الديمقراطيين، ففي أبريل (نيسان) 2017 وعلى أثر هجمات خان شيخون الكيميائية في سوريا، وصفت هاريس الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «ليس فقط ديكتاتوراً وحشياً ضد شعبه، بل مجرم حرب، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهله». ودعت الرئيس ترمب إلى وضع استراتيجية مع الكونغرس حول سوريا بالتنسيق مع الحلفاء. لكنها في المقابل، تؤيد الاتفاق النووي الإيراني وتنتقد موقف الرئيس دونالد ترمب منه، معتبرة أن إلغاءه يعرّض الأمن القومي للخطر ويعزل الولايات المتحدة عن حلفائها.
واستطراداً، بينما تعتبر هاريس الاتفاق بأنه «أفضل وسيلة لمنع طهران من الحصول على السلاح النووي وتجنب صراع كارثي في الشرق الأوسط»، فإنها صوّتت في مجلس الشيوخ على قرارات لوقف المساعدات العسكرية للمملكة العربية السعودية أو على صفقات السلاح على خلفية حرب اليمن.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»