«الجيش الوطني» الليبي يطلق حملة عسكرية مضادة لاستعادة غريان

قال إنه سيدعو إلى حوار بعد الانتهاء من «تحرير» طرابلس

جانب من المعارك التي شهدتها مناطق جنوب العاصمة طرابلس أول من أمس (رويترز)
جانب من المعارك التي شهدتها مناطق جنوب العاصمة طرابلس أول من أمس (رويترز)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يطلق حملة عسكرية مضادة لاستعادة غريان

جانب من المعارك التي شهدتها مناطق جنوب العاصمة طرابلس أول من أمس (رويترز)
جانب من المعارك التي شهدتها مناطق جنوب العاصمة طرابلس أول من أمس (رويترز)

في تطور مفاجئ، أعلنت حكومة «الوفاق» الليبية أمس استعادة سيطرتها على مدينة غريان (80 كيلومترا جنوب غربي العاصمة طرابلس)، التي كانت قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، تسيطر عليها، وتتّخذها مقراً لقيادة عملياتها العسكرية. وفي غضون ذلك أعلن «الجيش الوطني» أنه أطلق حملة عسكرية مضادة لاستعادة غريان.
ونفى مسؤول في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» ما أشيع عن محاصرة القوات الموالية للسراج للواء عبد السلام الحاسي، رئيس مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش، والتي كانت توجد في المدينة، مشيرا إلى أن «تعليمات صدرت للقوات بالانسحاب مؤقتا لقاعدة أخرى، إلى حين إشعار آخر».
ورغم ذلك، بدأ «الجيش الوطني» حملة عسكرية مضادة أمس على كافة محاور القتال بتخوم العاصمة طرابلس، وذلك بهدف استعادة السيطرة على غريان، حيث لا يزال يسيطر على بلدة ترهونة، الواقعة جنوب شرقي العاصمة طرابلس، والتي تعتبر قاعدته الرئيسية الثانية في عمليته العسكرية «الفتح المبين»، الرامية إلى «تحرير» طرابلس، والتي دخلت أمس أسبوعها الثاني عشر على التوالي.
وطبقا لمصادر عسكرية فقد شن سلاح الجو الليبي، التابع لـ«الجيش الوطني»، سلسلة من الغارات الجوية، استهدفت الميليشيات المسلحة في معسكر الثامنة بداخل غريان. فيما تحدث المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، التابع للجيش في بيان له، أمس، عن دفع الميليشيات رشى مالية لعناصر داخل غريان، سهلت مهملة السيطرة على المدينة.
وقال المركز إن قوات الجيش «تعاملت بمسؤولية مع مدينة غريان ووفت بوعودها. لم ندخل البيوت ولم نشن حملات اعتقال، حتى أننا لم نقم بنشر قوات كبيرة في المنطقة، كما جرت العادة باعتبار أننا وسط أهلنا».
بدوره، اعتبر اللواء أحمد المسماري، الناطق العسكري باسم «الجيش الوطني»، في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في بنغازي، أن معركة غريان «بدأت على (فيسبوك) قبل أن تنتقل إلى أرض الواقع»، لافتا إلى «خلايا نائمة أمنت تقدم الميليشيات لمواقع على أطراف غريان».
وأقر المسماري بأنّ قوات حكومة «الوفاق» سيطرت على أجزاء من مدينة غريان، من دون أن يقرّ بخسارة المدينة بأكملها، وقال إن «بعض الخلايا النائمة قامت بمحاولة زعزعة الأمن في جبل غريان، وأمّنت تقدّم المجموعات الإرهابية»، مؤكّداً بأنّ «الموقف تحت السيطرة».
في المقابل، أفاد شهود بأن قوات موالية لحكومة السراج سيطرت على غرفة العمليات الرئيسية لـ«الجيش الوطني»، الذي غادر البلدة بحلول مساء أول من أمس. وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة السراج في بيان أن غريان «تحررت بالكامل»، واعتبرها «بداية البشائر لإحباط محاولة الانقلاب للاستيلاء على السلطة، وإعادة البلاد إلى حكم الفرد والعائلة، وإجهاض آمال الليبيين في بناء الدولة المدنية الديمقراطية».
وأعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج في بيان لها مساء أول من أمس، أن سلاح الجو الليبي التابع لها نفذ ثماني ضربات دقيقة، مشيرة إلى أنه تم استهداف غرفة العمليات الرئيسية لقوات «الجيش الوطني» في غريان، وتدمير عدد من المدرعات.
كما أعلنت عن إحراز قواتها تقدما في محوري اليرموك وعين زارة، وسيطرتها على تمركزات جديدة، وتدمير آليتين مسلحتين، فيما تمّ القبضُ على عشرة عناصر من الجيش.
واعتبرت العملية التي نشرت أمس، صورا فوتوغرافية تظهر سيطرة قواتها خلال عملية تحرير غريان على ثلاث طائرات مسيّرة، أن «التخطيط لعملية بسط السيطرة على غريان استغرق أياما من الإعداد والتخطيط، ولفت الأنظار باتجاه محاور أخرى، وهو الأمر الذي سهّل إنجاز المهمّة بأقل الخسائر، وفي أقل من أربع وعشرين ساعة».
إلى ذلك، كشف «الجيش الوطني» المزيد من التفاصيل حول الطيار الأجنبي، الذي اعتقل الشهر الماضي في منطقة الهيرة، معلنا على لسان المسماري، الناطق الرسمي باسمه، أنه طيار يحمل الجنسية الأميركية من ولاية فلوريدا، وأوضح أنه تم تجنيده ونقله من أميركا إلى مصراتة في غرب ليبيا عبر تركيا.
وقال المسماري إن الطيار الأميركي اعترف بالأهداف التي استهدفها، وهي طرق وجسور وخدمات عامة، كما اعترف بأنه طلب منه استهداف تجمعات سكانية وأهداف أخرى لكنه امتنع عن ذلك، وتابع موضحا «حصلنا على طريقة تجنيد الطيار المرتزق الأميركي، وتحصله على أموال من حكومة السراج».
وفيما يمكن اعتباره بمثابة مبادرة سياسية جديدة، قال المسماري إن «الجيش الوطني» يدعو، عقب تحرير طرابلس، إلى حوار وطني سينتهي بتشكيل حكومة كفاءات تدير شؤون البلاد، يتم من خلال تحدد تاريخ إجراء الانتخابات.
وبعدما دعا بعثة الأمم المتحدة للمشاركة في هذا الحوار، رأى المسماري أن المصالحة الوطنية لن يشارك فيها المتطرفون ومن ارتكبوا الجرائم.
معتبرا أن أي مصالحة «لن تنجح في ظل سيطرت الميليشيات، والقيادة العامة تتعهد للشعب الليبي بحماية النظام الدستوري الديمقراطي». مشددا على أن معركة «طوفان الكرامة» معركة وطنية مقدسة، ولن تتوقف حتى تطهير البلاد من الإرهاب والفساد والميليشيات... نحن نعرف جيدا عدونا الذي يقاتل الآن في طرابلس.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.