مجلس الأمن يعلق الخفض التدريجي لبعثة «يوناميد» في دارفور

اعتبر أن الوضع في السودان لا يزال يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين

TT

مجلس الأمن يعلق الخفض التدريجي لبعثة «يوناميد» في دارفور

أوقف مجلس الأمن، بموجب قرار اقترحته بريطانيا وألمانيا، التخفيض التدريجي لولاية البعثة المختلطة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد»، التي تنتشر في غرب السودان، مع التمديد لها 4 أشهر، عازياً ذلك إلى تردي الأوضاع في البلاد، ولا سيما الخرطوم.
وكان من المقرر أن تنتهي مهمة العملية المختلطة في يونيو (حزيران) 2020، شريطة ألا يكون هناك تغيير كبير في الوضع الأمني في دارفور، وأن يتم الوفاء بالمستحقات الرئيسية، وفق التقرير الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي.
وتركز ولاية «يوناميد» على حماية المدنيين، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، والوساطة بين الحكومة والجماعات المتمردة، والوساطة بين الطوائف، من بين أمور أخرى.
وقال نائب المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، جوناثان ألن، إن القرار الذي تقدمت به بلاده، بالتعاون مع ألمانيا، «يوقف انسحاب يوناميد، من دارفور، بسبب الظروف الحالية في الخرطوم». موضحاً أنه «لا يمكن سحب القوة المختلطة من دارفور، في ظل ما نراه حالياً في الخرطوم. نحن نريد حكومة انتقالية بقيادة مدنية». وأضاف موضحاً: «كما أنه لا يمكن تسليم مقار البعثة المختلطة في دارفور لقوات الدعم السريع»، التابعة للجيش السوداني. مؤكداً أن بلاده كانت تود لو تم تمديد ولاية البعثة لفترة أطول.
وكانت قيادة الجيش السوداني قد عزلت في 11 أبريل (نيسان) الماضي الرئيس عمر حسن أحمد البشير، بعد 30 عاماً في الحكم، تحت وطأة احتجاجات شعبية عارمة. ومنذ فض الاعتصام الشعبي أمام مقر الجيش بالخرطوم، تتبادل السلطات العسكرية و«قوى إعلان الحرية والتغيير» اتهامات بالرغبة في الهيمنة على السلطة خلال المرحلة الانتقالية.
ونال القرار الذي تقدمت به المملكة المتحدة وألمانيا أصوات جميع أعضاء المجلس. وهو يعكس وجهة نظر حاملي القلم (ألمانيا وبريطانيا) ومعظم أعضاء المجلس الآخرين، بما في ذلك الأعضاء الأفارقة الثلاثة، بأن الوضع الحالي في السودان والتطورات السياسية والأمنية في الأشهر الأخيرة تستحق إيقاف خروج البعثة موقتاً وإعادة تشكيلها.
وقضى القرار الذي أعطي رقم 2479، والصادر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بضرورة تقييم «الحالة على أرض الواقع، وتقديم توصيات بشأن الخفض التدريجي للعملية المختلطة»، وأكد أن «الحالة في السودان لا تزال تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين».
وقال مندوب جنوب أفريقيا، نيابة عن بلاده والدولتين الأفريقيتين الأخريين كوت ديفوار وغينيا الاستوائية، إن المجموعة الأفريقية كانت ترغب كذلك في تمديد الولاية لمدة 6 أشهر، نظراً لأهمية السلم والاستقرار في السودان للمنطقة وأفريقيا كلها، وأعرب عن أمله في أن تساعد الزيارة المرتقبة لوزير خارجية إثيوبيا ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى الخرطوم على التوصل إلى ترتيب انتقالي مشترك.
أما ممثل السودان عمر صديق فأكد أن بلاده مصرة على استعادة الحياة الطبيعية في الخرطوم، والبدء في تنفيذ خطط الانتقال من حفظ السلام إلى بناء السلام، وإحداث التنمية المطلوبة لمعالجة آثار النزاع. وقال بهذا الخصوص: «لا نرى مسوغاً لبقاء قوات حفظ السلام في دارفور. إن بقاءها يعيق هذا الانتقال ويؤخره».
وأدت حملة القمع العنيفة التي قامت بها قوات الأمن في الخرطوم بين 3 و11 يونيو إلى مقتل أكثر من 100 مدني، ما أثار إدانة دولية واسعة النطاق، بما في ذلك مجلس الأمن، الذي ندد بأعمال العنف ضد المدنيين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.