آثار مسلمي الصين لأول مرة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

بعضها يعود لسلالة تشينغ

ورشة للخط الصيني مصاحبة لمعرض الصين
ورشة للخط الصيني مصاحبة لمعرض الصين
TT

آثار مسلمي الصين لأول مرة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

ورشة للخط الصيني مصاحبة لمعرض الصين
ورشة للخط الصيني مصاحبة لمعرض الصين

يحتضن متحف الفن الإسلامي في وسط القاهرة، فعاليات الأسبوع السياحي والثقافي الصيني، تحت عنوان «رحلة إلى كونغ فو... الأسبوع السياحي والثقافي الصيني 2019»؛ حيث يمكن للزائر أن يتعرف على تراث الصين وحاضرها المعاصر عبر جولة فوتوغرافية في رحاب متحف الفن الإسلامي.
الأسبوع السياحي والثقافي الصيني يضم معرض تصوير فوتوغرافي، بعنوان «الصين في عيون متحف الفن الإسلامي»، والذي ينظمه المركز الثقافي الصيني بالقاهرة ومقاطعة خنان الصينية ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة. ويسلط المعرض الضوء على قيمة مقاطعة خنان السياحية والثقافية والتراثية، إذ تعتبر مهد وقبلة رياضة الكونغ فو.
«(البوصلة، والبارود، والطباعة، وصناعة الورق) أعظم 4 اختراعات صينية قدّمتها الصين للبشرية، ظهرت 3 منها بخنان»، بحسب المستشار الثقافي رئيس المركز الثقافي الصيني بالقاهرة شي يوه وين، الذي أضاف خلال كلمته بالفعالية: «خنان هي مهد الحضارة الصينية ومهد رياضة الكونغ فو، نظراً لاحتضانها معبد شاولين؛ حيث يتوارث رهبان المعبد الحفاظ على رياضة الوو شو، أو الكونغ فو».
ولفت شي يوه وين، إلى أن «الصين تحرص على التبادل الثقافي منذ القدم، وتعتبر الأسابيع الثقافية فعاليات كبيرة، وتقيمها في 50 دولة حول العالم، مع التركيز على الصناعات الثقافية وقيمتها في إنعاش الاقتصاد والسياحة، وترسيخ التعاون بين الشعوب».
من جهته، اعتبر د. ممدوح عثمان، مدير متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، أن «الأسبوع الثقافي الصيني يأتي فرصة لتسليط الضوء على الفن الإسلامي في الصين، وفرصة للجمهور المصري للتعرف على الحضارة الصينية عن قرب، عبر صور وآثار يعود عمرها لآلاف السنين». ولفت إلى أن «هذه الآثار تعرض لأول مرة بالمتحف، لتنضم إلى مجموعة من أقدم وأهم الآثار الإسلامية في العالم، يقتنيها متحف الفن الإسلامي».
وشهد المعرض إقبالاً كثيفاً من الجمهور المصري، حيث حرصت الأسر المصرية على اغتنام الفرصة وكتابة أسماء أبنائهم بالصينية، في ركن مخصص للتعريف بالخط الصيني.
ولفت معرض الصور الفوتوغرافية الأنظار إلى جمال الطبيعة الصينية، وتنوعها، حيث أبرزت اللقطات أهم معالم الصين. ومنها؛ محمية النهر الأصفر، ومزارع الشاي الأخضر، وجبل «تاي هانج»، وبحيرة نان وون بمقاطعة خنان، ومزارع الأرز الشهيرة، فضلاً عن صور لأواني البورسلين الأثرية، وفن قص وطي الورق التقليدي الصيني، وتدريبات جماعية لممارسي رياضة الكونغ فو أمام المعابد التاريخية الصينية.
ولأول مرة في متحف الفن الإسلامي، تعرض مجموعة تحف خزفية مطلية بالمينا من صنع مسلمي الصين، تعود إلى القرن الـ13 الهجري والقرن 19 الميلادي، من بينها «الأواني والتحف المزخرفة، برسوم تعبر عن الحياة اليومية الصينية والمعتقدات والأساطير والمباخر الإسلامية التي كانت تزين المساجد وتعطرها، وتعود لسلالة تشينغ، ومنها ما يرتكز على 4 أو 3 قوائم، ومنها ما هو مطعم بالكتابات والعبارات الدينية بالخط العربي، أو مزخرف برسوم صينية تقليدية، كما تعرض مجموعة من الخزف المينائي المزخرفة، والذي اشتهر بطبقة من 7 ألوان، وهو موجود في الخزف الصيني لأسرة تشينغ والخزف الإيراني والياباني».
كما يضم المعرض قطعاً من السجاد الصيني، الذي اشتهر به مسلمو مدينة نينغيشيا، وبصناعته البلاط الإمبراطوري الصيني. ومن بين السجاد المعروض سجادة «السحب والأقمار» التي تجمع رموزاً صينية وإغريقية، وترمز في الثقافة الصينية إلى الخير والمطر.
وتتوسط المعروضات الأثرية الصينية مجموعة مقتنيات نادرة من الآثار الإسلامية من جميع أنحاء العالم، ومن مصر، إذ يعد المتحف الموجود بمنطقة باب الخلق (وسط القاهرة) أكبر متحف للآثار الإسلامية في العالم. ويضم آثاراً تعود إلى عهد الخلفاء الراشدين، ومن مختلف العصور؛ الأموي والعباسي والفاطمي والمملوكي حتى عهد أسرة محمد علي باشا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».