رئيس الحكومة المغربية ينتقد «تسفيه المعارضة الممنهج» لعمله

TT

رئيس الحكومة المغربية ينتقد «تسفيه المعارضة الممنهج» لعمله

دعا سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، أمس، إلى الارتقاء بالخطاب السياسي، منتقداً «التسفيه الممنهج»، والإمعان في تبخيس عمل الحكومة من قبل معارضيه.
وأعرب العثماني، الذي كان يتحدث أمس بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، رداً على الانتقادات التي وُجّهت للحصيلة المرحلية لحكومته، عن أسفه لغياب الموضوعية في بعض تلك الانتقادات، وتوجيه «اتهامات كبيرة لأعضاء الحكومة بالحديث عن منطق الغنيمة والوزيعة في التعيين بالمناصب العليا والصفقات العامة». وخاطب المستشارين قائلاً: «أقولها صراحة أمام المغاربة: بدل إطلاق اتهامات على عواهنها، المطلوب تقديم معطيات مدققة وحقيقية، وألتزم أمامكم وأمام الرأي العام، بصفتي رئيساً للإدارة، بالقيام بجميع التحريات اللازمة في أي شكوى محددة، واتباعها بما يلزم من المحاسبة والتدابير والإجراءات القانونية، دون محاباة أي جهة، وكذا لإصلاح ما ينبغي إصلاحه، وتجويد تدبير منظومة التعيينات في المناصب العليا والصفقات العمومية».
في سياق ذلك، اعتبر العثماني أن «الخطاب السياسي المأزوم، والاتهام حد التشكيك في الوطنية، هو ما يسهم في إشاعة مزاج سيئ، وليس الحكومة أو عملها»، داعياً إلى مراجعة هذا الخطاب للرقي بالسياسة، وخدمة مصلحة البلاد، «وهو ما يتطلب إرادة قوية وجهداً كبيراً»، حسب تعبيره.
ودعا العثماني الجميع، حكومة وبرلماناً، إلى الارتقاء بالخطاب السياسي وتحري الموضوعية والإنصاف، والتزام ضوابط وأدب الاختلاف والنقد والتقويم «لأننا نقف جميعاً بمسؤولية أمام المواطنين الذين يتابعون ما نقوم به وما نقوله، ولا يستقيم أن نكون سبباً في عزوفهم، والمساهمة في المسّ بثقتهم في المؤسسات، وتبخيس العمل السياسي من خلال التسفيه الممنهج، والإمعان في تبخيس ما تحقق من دون بينة ولا دليل». مقابل ذلك، قال العثماني إنه يلتزم بـ«خطاب الصراحة والوضوح مع المؤسسة التشريعية، ومن خلالها مع الرأي العام»، لافتاً إلى وجود «مجالات حققنا فيها أكثر مما التزمنا به في البرنامج الحكومي، ومجالات أخرى لم يرق ما حققناه فيها إلى مستوى طموحنا، وهناك انتظارات مشروعة للمواطنات والمواطنين نلتزم بالعمل على تلبيتها».
في المقابل، قال العثماني إن الحكومة تواصل دعم القدرة الشرائية للمواطنين، عن طريق الاستمرار في تخصيص الاعتمادات المهمة لصندوق المقاصة والموازنة، حيث برمجت في هذا الإطار خلال السنة الحالية ما مجموعه 17.6 مليار دهم (1.7 مليون دولار). كما شدد رئيس الحكومة على أن «جميع الأرقام والمؤشرات تؤكد تحسُّن القدرة الشرائية للمواطن»، مؤكداً أن «مخرجات الحوار الاجتماعي الذي جرى التوقيع عليه في أبريل (نيسان) الماضي ستنعكس إيجاباً على دعم القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنات والمواطنين سواء في القطاع العام أو الخاص». وفي هذا السياق أبرز العثماني أن «الأرقام الرسمية لسنة 2017. وهي السنة الأولى من هذه الولاية الحكومية، سجلت تحسن الدخل الإجمالي المتاح للأسر والقدرة الشرائية بنسبة 4.2 في المائة. فيما ارتفع دخل الأسرة المتاح للفرد بنسبة 3.1 في المائة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.