الأوركسترا اللبنانية تختتم موسمها بـ{حليم في الذاكرة}

سمية بعلبكي تغني في السهرة الطربية

المغنية اللبنانية سمية بعلبكي  -  عبد الحليم حافظ
المغنية اللبنانية سمية بعلبكي - عبد الحليم حافظ
TT

الأوركسترا اللبنانية تختتم موسمها بـ{حليم في الذاكرة}

المغنية اللبنانية سمية بعلبكي  -  عبد الحليم حافظ
المغنية اللبنانية سمية بعلبكي - عبد الحليم حافظ

في 21 يونيو (حزيران) يصادف تاريخ ميلاد المطرب الراحل عبد الحليم حافظ الذي شكّل رحيله في العام 1977 صدمة لمحبيه. وفي هذه المناسبة تقيم الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية للمعهد العالي للموسيقى في لبنان (الكونسرفتوار الوطني) حفلاً غنائياً بعنوان «حليم في الذاكرة» مساء اليوم، الخميس، في 27 الجاري، تحييه المغنية سميّة بعلبكي على مسرح «جوزف أبو خاطر» في «الجامعة اليسوعية».
ويعدّ هذا الحفل بقيادة المايسترو أندريه الحاج سهرة طربية بامتياز كونه يركّز على أغاني العندليب الأسمر الشهيرة ولا سيما تلك التي تعد من النوع السمعي الأصيل ومن دون أي مرافقة غنائية أخرى على المسرح. «هي أمسية طربية بامتياز نحاول إظهار الطابع الأكاديمي فيها بشكل واضح». يؤكد المايسترو الحاج قائد الأوركسترا المذكورة في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «فهنا المغنى سيكون من النوع الأصيل بعيداً عن الإعادات المتكررة في المقاطع المؤداة من قبل المطربة سمية بعلبكي». وعن سبب اختياره صوتاً نسائياً ليقوم بهذه المهمة، يرد في سياق حديثه: «لم يكن الأمر مجرّد صدفة بل قصدت أن تقدّم أغاني المطرب الراحل بصوت نسائي معروف بحرفيته وبرخامته. فهنا سنكتشف أغاني عبد الحليم بنبرة نسائية مغايرة وجديدة عما اعتدنا سماعه في السابق. فمن جماليات الموسيقى اكتشاف خلفية قدرات الصوت وتبادل الأداء بين الجنسين والتقنية التي تتحكم بها».
وتستهل السهرة التي تستمر لنحو 60 دقيقة بموسيقى أغنية «جبار» وهي من ألحان محمد الموجي. «الموسيقى كما الأغاني التي تتضمنها هذه السهرة ستكون دسمة وغنية بالطرب الشعبي الثقيل الذي يصدح خلاله صوت بعلبكي من دون أي مرافقة غنائية أخرى». يوضح المايسترو أندريه الحاج الذي يشير إلى أنّ هذه التحية تقدمها لأول مرة أوركسترا الشرق عربية للعندليب الراحل. ومع أغاني «أنا لك على طول» و«قولي حاجة» و«أسمر ياسمراني» و«صافيني مرة» و«يا خلي القلب»، سيمضي الحضور سهرة طربية، تلونها أعمال أخرى معروفة للمطرب الراحل كـ«جانا الهوى» و«قارئة الفنجان» و«رسالة من تحت الماء»، والأغنيتان الأخيرتان هما من كتابة الشاعر الراحل نزار قباني.
«إنّني أعتبره تحدّياً جديداً لي، أن أغني للفنان المصري الراحل» تقول سمية بعلبكي. وتتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وكذلك فإنه يضيف نكهة طربية جديدة، وطبعاً مع التمسك بالنسخة الأصلية للعمل. طالما شجعني المايسترو الحاج على أداء أغانٍ لفنانين ذكور وجاءتني الفرصة اليوم لأغني للعندليب الأسمر، وهي رغبة لطالما سكنتني».
وعن الاختلاف الذي يميز صوت المرأة عن الرجل في الغناء تقول: «الموضوع لا يتعلق بالأفضلية بل باختلاف في التكوين. وكوني سأوجد على ملعب ذكوري فإنّ التحدي سيكون شاملاً من نواحٍ فنية كثيرة بدءاً بقدرات الصوت وتقنية الأداء مع أوكتافات عالية ومعقدة إلى حدّ ما وصولاً إلى نص الأغنية الذي يلعب دوره أيضاً. ومن بين الأغنيات التي أقدمها في هذه السهرة تلك التي تتألف من قصائد شعر وهي كانت تشكل جزءاً لا يتجزّأ من شخصية عبد الحليم حافظ الفنية».
وعن أكثر الأغاني التي تستمتع بأدائها خلال هذه التجربة الغنائية تقول: «لقد سبق أن غنيت للفنان الراحل الكثير من أعماله، وبينها (رسالة من تحت الماء). وفي هذه الأمسية سأشدو أحد أجمل أعماله الغنائية (قارئة الفنجان) التي أخذتني إلى عالم غناء آخر كنت أتوق إليه تماماً، كما في أغنيته (أنا لك على طول)، وهي من النوع الكلاسيكي الأوركسترالي الجميل».
ومع حفل «حليم في الذاكرة» تختتم الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية، موسمها الموسيقي السنوي الذي افتتحته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع حفلة تكريمية للراحل ملحم بركات في «الجامعة الأميركية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».