منتدى «أصيلة» يبحث مأزق أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة

نبرة تشاؤم تسود مداخلات المشاركين في ندوته الثانية

إحدى جلسات منتدى أصيلة
إحدى جلسات منتدى أصيلة
TT

منتدى «أصيلة» يبحث مأزق أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة

إحدى جلسات منتدى أصيلة
إحدى جلسات منتدى أصيلة

واصل منتدى «أصيلة» الـ41 في ندوته الثانية حول موضوع «التنمية المستدامة وإكراهات دول الجنوب»، خلال اليومين الماضيين، بحث وتشخيص مأزق أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة بمشاركة أكثر من 30 شخصية بينهم وزراء خارجية سابقون ومسؤولون أمميون ودبلوماسيون وباحثون من عدة دول منها المغرب والبحرين وإسبانيا وصربيا وشيلي وكوستاريكا وتنزانيا ومصر ونيجيريا والسنغال وكينيا.
وأبرز العديد من المتدخلين أن هذه الأجندة ما زالت تراوح مكانها بسبب عدن التزام الدول الموقّعة عليها بتنفيذها، إضافة إلى تخلي بعض الدول صراحة عنها، كما هو الحال بالنسبة إلى موقف أميركا بالنسبة إلى موضوع تغير المناخ.
ووصف حسن أبو أيوب، الوزير السابق وسفير المغرب لدى بوخارست، أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بأنها «رمز للسذاجة والإيتوبيا وخيبة الأمل»، مشيراً إلى أن أجندة 2030 للأمم المتحدة تفتقر إلى «الشرعية الديمقراطية» لأن ثلاثة برلمانات فقط ناقشتها وصادقت عليها من بين 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة وافقت عليها. كما رد سبب فشل العديد من دول الجنوب في تطبيقها إلى فشل أو استحالة النمط الديمقراطي في هذه البلدان.
وبخصوص التزام الدول المصنعة في إطار هذه الأجندة بتخصيص 0.7% من دخلها القومي لدعم تحقيق أهداف التنمية المستديمة في البلدان النامية، يرى أبو أيوب أن هذا الهدف لم ولن يتحقق لأسباب كثيرة، مشيراً إلى أن موضوع التمويل ليس محدداً في المانح والمستفيد. وأشار في هذا الصدد إلى أن توظيف الإمكانيات الخاصة للبلدان المستفيدة يطرح عدة إشكاليات، منها مشكلات الإسراف والفساد.
بدوره، أكد مانويل غونزاليس، وزير خارجية كوستاريكا السابق، أهمية الإطار المتعدد الأطراف والحاجة إليه، مشيراً إلى أنه يجتاز أزمة. وقال: «لا يمكننا القبول بالتراجع عن الإطار متعدد الأطراف أو إضعافه»، داعياً دول الجنوب إلى توحيد الصفوف. وأضاف: «علينا أن نستفيد من الأرضيات والقواسم المشتركة التي تربط بيننا لكي نكسب وزناً، وإنْ بقينا على الهامش فإن صوتنا سيتحول إلى صدى أمام الذين يسيرون بالعالم في غير الاتجاه الصحيح».
ويقول غونزاليس: «نستخلص أن الأوضاع داكنة وداعية إلى التشاؤم. وأن علينا العمل من أجل استرجاع التفاؤل والأمل»، مضيفاً: «نحن لم نفقد كل شيء، لكن عدداً قليلاً من الأشخاص مستعدون للانخراط في هذا العمل بطريقة بناءة».
وبخصوص درجة بلوغ أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أوضحت بشرى الرحموني، مديرة البحوث وتثمين البحث والشراكات والفعاليات بمركز السياسات من أجل الجنوب بالقاهرة، أن نسبة الفقر تقلصت بشكل عام على المستوى العالمي، غير أنها لا تزال مرتفعة نسبياً في أفريقيا.
وبخصوص التزامات الدول الصناعية تجاه أفريقيا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، أشارت الرحموني إلى تعهد مجموعة الـ20 بإطلاق صندوق خاص لدعم الاستثمار في أفريقيا، كما بادرت أميركا إلى تخصيص 50 مليار دولار لدعم الاستثمار كبديل عن المعونات. من جانبها، أطلقت الصين مبادرة خاصة بها تشمل مساعدات واستثمارات بقيمة 4 مليارات دولار.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».