مشتل الخرج... راصد التحولات وشاهد التغييرات في السعودية خلال عقود

بوصلة «الترفيه» تتجه إلى «السيح» وتعيد ذكريات عن الحياة الفنية عبر متنزهها الأشهر

يصل عدد زوار متنزه المشتل في الأعياد إلى 5000 زائر يومياً (تصوير : خالد الخميس)
يصل عدد زوار متنزه المشتل في الأعياد إلى 5000 زائر يومياً (تصوير : خالد الخميس)
TT

مشتل الخرج... راصد التحولات وشاهد التغييرات في السعودية خلال عقود

يصل عدد زوار متنزه المشتل في الأعياد إلى 5000 زائر يومياً (تصوير : خالد الخميس)
يصل عدد زوار متنزه المشتل في الأعياد إلى 5000 زائر يومياً (تصوير : خالد الخميس)

أعادت الحفلات الترفيهية والغنائية التي نظّمتها هيئة الترفيه السعودية في عدد من مناطق المملكة ومن ضمنها الحفل الغنائي الذي احتضنته مؤخراً الصالة الرياضية في نادي الشعلة بمحافظة الخرج (80 كيلومتراً جنوب شرقي الرياض)، وأحياها مجموعة من الفنانين السعوديين، أعادت هذه الاحتفالية الغنائية المشهد ذاته قبل عدة عقود التي أقيمت في أمكنة متعددة في المنطقة، ومنها مشتل الخرج الذي يعد واحداً من أشهر المتنزهات في السعودية قبل عدة عقود، وكان متنفساً لسكان العاصمة الرياض ومنطقة الخرج، ولا يزال المشتل قائماً إلى اليوم بعد إعادة تأهيله من جديد، يحكي قصة التحول الاجتماعي في البلاد وشاهداً على النقلات والتغييرات الفكرية التي حدثت منذ أكثر من سبعة عقود، وبلغ أوجه اليوم، حيث مثّل المشتل وجهة ترفيهية لسكان العاصمة الرياض والخرج، وشهد فعاليات ونشاطات وبرامج متعددة كان الطرب حاضراً فيها.
ومتنزه المشتل أُسس في عهد الملك عبد العزيز، كمحطة تجارب واستزراع الشتلات لصالح مشروع الخرج الزراعي الذي أمر الملك المؤسس بإنشائه عام 1934 كأقدم المشاريع الزراعية في السعودية لتأمين احتياجات السكان من التمور والخضار والفواكه، ومنتج البرسيم لأعلاف المواشي، وتحول بعد سنوات إلى متنزه يعد الأشهر في المنطقة.
«الشرق الأوسط» زارت متنزه المشتل ورصدت تاريخه، واسترجعت ذكريات عمرها ثمانية عقود، كشفت أنّ الترفيه كان مطلباً للسكان وتوجهاً للدولة خلال تلك العقود، ليعود هذا المشهد من جديد، بعد أن فرضت ظروف وأحداث وتجاذبات فكرية في المشهد الاجتماعي، وأبطأت سير عجلة الترفيه، حيث احتضن المشتل، مع أمكنة أخرى كالأندية، حفلات غنائية أحياها فنانون كبار لصالح الزوار، بالإضافة إلى برامج ترفيهية ورياضية متعددة ترضي جميع الأذواق.
ويقول سعود الخريف أحد المهتمين بتاريخ الخرج وذاكرة المنطقة، عن المشتل: «إنّ المشتل الخرج الذي أُقيم على مساحة 60 ألف متر مربع كان يُسقى بالمياه من خلال قناة مائية جارية من عيون الخرج الشهيرة، التي نضبت قبل سنوات، وكان زواره يفدون إليه من العاصمة الرياض ومحافظات ومراكز الخرج خلال إجازة نهاية الأسبوع، التي كانت محددة بيوم واحد فقط وهو الجمعة، والبعض يفد إليه مساء الخميس ليتسنى له الاستمتاع بأكبر قدر من الوقت في المتنزه الأشهر بين أشجاره الوارفة، من نوع الكينا، وأزهار الدفلى، وأشجار الياسمين الرشيقة، والاستمتاع بزقزقة الطيور، وخرير الماء الذي يجري في قناة طينية وإسمنتية تسبح فيها أسماك القراح، وممارسة السباحة في مسبحه الكبير الذي تتزاحم فيه مناكب ممارسي هذه الرياضة، ويرتشفون ألبان مشروعها الزراعي الشهي، ويتناولون الكريمة المثلجة (آيس كريم) بكؤوسها المصنوعة من البسكويت»، مشيراً إلى أنّ المشتل أحيا فيه فنانون وممثلون وفرق شعبية ألواناً من الطرب، حيث كانت نغمات الأعواد وقرع الطبول تملأ المكان ضجيجاً، وتجبر المتنزهين على التحلق أمام المؤدّين، وتتعالى الأصوات مرددة:
ألا ياهل الطايف متى ينتهي المشوار
تجون عندنا في مشتل الخرج بالديرة
أنا تل قلبي تل هوى البال في المشتل
أبو مبسمٍ يقتل عيون قتاله
ويشير سعود الخريف إلى أنّ المشتل شهد زيارة تاريخية للملك حسين بن طلال ملك الأردن، برفقة الملك سعود عندما كان ولياً للعهد، مما يؤكد أنّ المشتل كانت له مكانة سياحية تستحق الزيارة، كما زاره مشاهير، لافتاً إلى أنّ الفنان حمد الطيار ابن الخرج كان له حضور دائم في المشتل، وكذلك الفنانين: سعد إبراهيم، وسلامة العبد الله، وطارق عبد الحكيم، وحمدي سعد، وسالم الحويل، وعبد القادر حلواني، وفهد بن سعيد، والفنان البحريني محمد راشد الرفاعي، وشادي الرياض. كما زار المشتل فنانون في بداية انطلاقتهم كالفنان رابح صقر والفنان عبد المجيد عبد الله، كما كان للشعراء الشعبيين حضور في فعاليات المشتل منهم: أحمد الناصر، وسليمان بن حاذور، ومحمد السويلم، كما كانت فرق السامري من مختلف المناطق تفد إلى المشتل لإحياء ألوان من فنونهم الشعبية، كما استقبل المشتل فرقاً كشفية من مختلف المناطق لإقامة معسكرات كشفية، وحضور الفعاليات المختلفة فيه، وسجل المشتل حضوراً لبعض نجوم التمثيل كالراحلين بكر الشدي، وراشد السكران، وعبد الله السدحان ومحمد الكنهل، كما اعتاد الزوار على إطلاق الضحكات وهم يستمعون إلى الممثل عبد العزيز الهزاع وهو يقلّد أصواتاً لافتة مع رفيق دربه المنولوجست سعد التمامي وهما ثنائي أسسا البدايات الحقيقية لهذا اللون الفني واشتهرا على مستوى السعودية والخليج والعالم العربي، وحضر اللاعب الشهير ماجد عبد الله في بدايات مشواره الكروي إلى المشتل ومارس السباحة في مسبحها الأولمبي الفريد من نوعه على مستوى المملكة في الفن المعماري والتصميم المميز، وكان المسبح عامل جذب لزوار المشتل، ونُظمت فيه بطولة المنطقة الوسطى للسباحة عام 1965.
وانتشر في المشتل باعة الآيس كريم واللبن والحليب بعربات يتجولون بها في أرجاء المشتل، كما انتشر مصورون من الجنسية اليمنية يحملون كاميرات تقليدية تطبع فورياً للراغبين في التقاط صور تذكارية.
وذكرت أميرة الغامدي مسؤولة التسويق في المتنزه أن المعدل اليومي للزوار حالياً يصل إلى 400 زائر في الأيام العادية في حين يرتفع هذا العدد إلى ألفي زائر وزائرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويصل عدد الزوار في الأعياد إلى 5000 زائر، مشيرةً إلى أنّ المشتل يشهد تنظيم مهرجانات واحتفالات نسائية ومسابقات وبرامج للأطفال.
وفي الوقت الذي خلا المشتل قبل عقود من وجود مطاعم ومقاهٍ لتأمين الوجبات والمشروبات لطالبيها بسبب أنّ الزوار يُحضرونها من منازلهم وإعدادها داخل المشتل باستخدام المواقد والأساليب التقليدية، انتشرت في أرجاء المشتل حالياً محلات تقدم هذه الخدمات، وفي هذا الصدد يقول مهدي هزازي وهو مستأجر محل لإعداد الفطائر والعصائر والمياه لبيعها للزوار، إنّ الإقبال على شراء هذه المنتجات ضعيف بسبب جلب الزوار احتياجاتهم منها من منازلهم.
ودفعت الأهمية السياحية والترفيهية التي كان عليها مشتل الخرج أو متنزه المشتل كما يسمى في الوقت الحاضر، وأُسندت إدارته وتشغيله إلى القطاع الخاص، وإلى الكثير من الباحثين والكتّاب إلى التأليف عن المتنزه الأشهر في وسط السعودية، حيث أنجزت سارة الخزيم كتاباً عن الخرج دوّنت فيه بما يشبه السيرة الذاتية ذكرياتها عن المنطقة من خلال محطات مرت بها وعايشتها حمل عنوان «أفياء المشتل»، ورصدت فيه قصة البناء والتحول في بلادها من خلال التغييرات التي حدثت في مدينتها الصغيرة والتي بدأت ملامحها تتغير وعرّجت فيه على المشتل.
ورسم الكاتب عبد الله الجعيثن صورة مشتل الخرج قديماً كزائر له قادماً من العاصمة الرياض متناولاً «مقاربات بين الشعبي والفصيح من خلال مشتل الخرج، وحدائق قرطبة بالأندلس»، موضحاً «أنّ مشتل الخرج كان أحلى متنزه لنا نحن سكان الرياض، نفرح بالذهاب إليه، والمرح بين يديه والاستمتاع بأشجاره وسماع تغريد طيوره، والجلوس حول ساقيه الجاري وزيارة عيون الخرج التي كانت تتملئ بالماء حتى تفيض... ولكنّها الآن تغيض وتطلق دمعتها الأخيرة...»، مضيفاً: «قد يبدو من غير المقبول مقاربة مشتل الخرج وأشجاره المتواضعة بحدائق الأندلس الرائعة، فضلاً عن المقارنة، ولكنّ الحكاية لا تُروى بهذه الطريقة، وإنّما بمدى إحساس الناس نحو المكان... فإن إحساس (المتنزهين في مشتل الخرج)، في هذا الزمن القريب لا يقل متعةً ودهشةً عن إحساس الناس بمتنزهات وحدائق الأندلس وقرطبة في ذلك الزمان، فوقتها كان الكثيرون لم يسافروا خارج المملكة ولم يروا غير الصحراء القاحلة والقرى الشاحبة، فكان مشتل الخرج في عيونهم غاية في الجمال، وغابة من الأشجار وشلالاً من الجمال والمتعة، وكان تأثيره في الإحساس والوجدان يقاس بتأثير حدائق قرطبة لدى عرب الأندلس في ذلك الزمان، فهم اعتادوا عليها ولم تعد تدهشهم بشكل يفوق دهشة المتناثرين حول مشتل الخرج وساقيه الذي يجري وهو يدندن ويغني».
وزاد الجعيثن بالقول: «إن مشتل الخرج أُعيد تأهيله الآن، ولكن الإنسان لم يعد هو ذلك الإنسان، والفرحة السهلة لم تعد كما كانت في ذلك الزمان... ثم دار الزمان دورته، فذبل مشتل الخرج الشهير وتوقف ساقيه عن الجريان وغاضت عيونه فلم تبقَ إلا دموع، وزحف العمران على الأشجار وسحق الأزهار وطرد الطيور، وتغير كل شيء بسرعة عجيبة... ولكنّ ذكريات مشتل الخرج الجميل لا تزال تداعب جيلي إلى الآن... ولا تزال نزهاته المتميزة محفورة في الذاكرة».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.