مهرجان «كْناوة» بالصويرة... أجواء موسيقية أكثر أصالة

الدورة الـ 22 أكدت التناغم بين التقاليد والتطور

من فقرات الدورة الـ22 من «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة
من فقرات الدورة الـ22 من «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة
TT

مهرجان «كْناوة» بالصويرة... أجواء موسيقية أكثر أصالة

من فقرات الدورة الـ22 من «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة
من فقرات الدورة الـ22 من «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة

أسدل الستار أمس، بمدينة الصويرة المغربية على فعاليات «مهرجان كْناوة وموسيقى العالم» في دورته الـ22، التي اقترحت برنامجاً متنوعاً جمع متعة الموسيقى بفضيلة الحوار الفني، المنفتح على قضايا سياسية وحقوقية من خلال «منتدى الصويرة لحقوق الإنسان»، الذي اقترح، في دورته الثامنة «قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف»، موضوعاً تغيا «بعث الأمل في النفوس»، عبر طرح أفكار وبدائل تتطلع إلى «عالم أفضل للنساء والرجال من جميع أنحاء العالم» الذي «يغوص حقاً أكثر فأكثر في مستنقع العنف؛ عنف في الأفعال ولكن في الخطاب كذلك حتى بين الدول في بعض الأحيان».
ووجه منظمو المهرجان دعوة لجمهور المظاهرة وعشاق «كْناوة»، هذا اللون الموسيقي العريق، للقيام بـ«رحلات في الزمن والروح» و«التخلص من الهموم» و«والسفر والتشارك على مدى 3 أيام من السحر الفني»، مع الاحتفاء بالمسار الذي قطعته المظاهرة والكفاح الطويل من أجل «الاعتراف بموسيقى خضعت للتهميش فترة طويلة، لكنها لامست القلوب وجذبت الزوار من جميع أنحاء العالم».
واقترح البرنامج الموسيقي للدورة، التي حافظت على عادة المهرجان في استقطاب جمهور كبير ومتفاعل مع ما يقترحه، «رحلة لقلب تاكْناويت» مع أفضل رموز هذا الفن، و«رحلة في أجواء موسيقية أكثر أصالة»، خصوصاً مع الفرقة الكوبية أوسين ديل مونتي، وطوارق تيناريوين، والفلامنكو مع ماريا ديل مار مورينو وخورخي باردو، والموسيقى الأمازيغية مع إيمديازن، والفنان الكونغولي بالوجي، والمغنية البريطانية، ذات الأصول التاميلية، سوشيلا رامان.
لكل حفل منصته، بمهرجان الصويرة؛ «منصة الشاطئ» التي تستقبل المجموعات والفنانين الكبار الذين يقدمون حفلات فردية، و«منصة مولاي الحسن» التي تستقبل أهم الفنانين المشاركين الذين يقدمون عليها وصلات المزج الموسيقي وحصيلة الإقامات الفنية، و«برج باب مراكش» الذي يستقبل العروض والمظاهرات الفنية والإقامات الفنية وحفلات المزج، و«الزاوية العيساوية حيث تقام «الليلات» التي يحييها كبار فناني «كْناوة»، و«دار الصويري» الفضاء المخصص للأنشطة الثقافية، و«دار لوبان» حيث تكون السيادة للمزج بين الفنانين في جو حميمي، فضلاً عن فضاءات أخرى، على غرار «ساحة الساعة» و«ساحة الخيمة».
وتميزت دورة هذه السنة بتكريم الفنان الأميركي الراحل راندي ويستن، أحد أعلام موسيقى الجاز، الذي يجسد، حسب المنظمين، «المحب الأبدي لموسيقى (كْناوة) والمثال الحي لعالمية الموسيقى من خلال تنوع الأساليب والألوان». وعلى هامش الحفلات، شكلت «شجرة الكلام»، مرة أخرى، لحظة هدوء، تقوم على الحوار وتبادل الخبرات بين المشاركين من الفنانين والباحثين والمهتمين بالموسيقى، في وقت اقترحت فيه «ورشات المهرجان» فرصة تعليم أسس الموسيقى.
يقول المنظمون إن المهرجان «بصفته مختبراً موسيقياً حقيقياً»، جعل، للعام الـ22 على التوالي، من «الصويرة أرض التشارك والتقاسم»، فيما يقدم «فرصة لمقابلة فنانين بارعين في مختلف الألوان الموسيقية»، يحضرون لكي «يثبتوا مرة أخرى الروح العالمية للموسيقى».
تقول نايلة التازي عبدي، منتجة المهرجان، إن هذا الحدث الفني الفريد من نوعه، قد «كشف ثراء الثقافة الشعبية، وأكد من جديد جذورنا الأفريقية من خلال ثقافة متغلغلة في جنوب الصحراء»، كما «أبان عن وجه جديد للشباب المغربي، باعتباره شباباً حراً، ومبدعاً، ومتطوعاً، ومتعطشاً للفن والعالمية»، وأظهر «تأثير الفن في مشروع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسمح بظهور وجهة (الصويرة) علامة عالمية». وزادت: «خلال عقدين من الزمن، جَعَلَنا (كْناوة) شهوداً على مغامرة إنسانية وفنية مدهشة، لقد غدت مغامرة أقلية كانت موجودة سابقاً في الشارع، ظاهرة موسيقية حقيقية معترفاً بها دولياً».
ويتم تقديم «كْناوة»، باعتبارها «موسـيقى النشـوة والدهشـة المتواصلـة»، «أسلوباً موسيقياً كتب حروفه من ذهب»، يمتـاز بتاريخه العريـق، كما أصبـح يتمتـع، اليوم، باعـتراف العالم وينـال تقديـره وإعجابـه. أما الصويرة فهي مسرح مهرجان «كْناوة».
ويرى كثير من عشاق هذه المظاهرة الفنية، أن الصويرة ومهرجان «كناوة» ربما صارا «وجهين لعملة واحدة»، من منطلق أن الهدف، منذ إنشاء المظاهرة، في 1998، كان إبراز أصالة «مدينة الرياح» وسحرها الفريد، وأن يصير المهرجانُ «الجوَّ السحري، حيث يلتقي رواد المهرجان من دون أي بروتوكول في أزقتها بالموسيقيين والصحافيين، والصويريين الأصليين و(المشاهير) الحاضرين في المهرجان، وحيث ترن الموسيقى ويتردد نفَس المهرجان في كل ركن من أركان المدينة».
ويقدم المنظمون الصويرة، «جوهرة للسياحة الثقافية»، ويقولون إنها شهدت منذ إنشاء المهرجان «طفرة اقتصادية أثرت على كثير من القطاعات، لا سيما الفنادق والمطاعم، حيث تتضاعف، خلال أيام المهرجان، ساكنة المدينة البالغ عددها 70 ألف نسمة، 6 مرات، ما يفترض زيادة البنيات التحتية لاستقبال السياح والزوار»، فكان أن «ارتقت الصويرة إلى مصاف الوجهات السياحية الأكثر شعبية في المغرب»، فــ«ارتفع عدد بيوت الضيافة والفنادق من 9 إلى 160 بين عامي 1998 و2008 .


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق فيلم «الذراري الحمر» للمخرج لطفي عاشور (فيسبوك المخرج)

«الذراري الحمر» رحلة في أعماق العنف والبراءة

يحمل اسم «الذراري الحمر» رمزيةً مزدوجةً تُضيف عمقاً لمعاني الفيلم، فيتجاوز كونه مجرد وصفٍ للأطفال ليعكس روح القصة والرسائل الكامنة وراءها.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».