«سائرون» تتبنى تعديل قانون السجناء السياسيين ليشمل مقاتلي «جيش المهدي» ضد الأميركيين

توقعات بأن يثير جدلاً بين المكونات العراقية حول مفهوم {المقاومة}

TT

«سائرون» تتبنى تعديل قانون السجناء السياسيين ليشمل مقاتلي «جيش المهدي» ضد الأميركيين

تطالب كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بتعديل بعض بنود قانون السجناء السياسيين، ليشمل عناصر «جيش المهدي» الذين قاتلوا الاحتلال الأميركي بعد عام 2003 والسنوات التي تلت ذلك التاريخ. ومن غير الواضح حتى الآن إن كان تحالف «سائرون» قادراً على تمرير تعديل القانون في البرلمان، نظراً للاعتراضات المحتملة التي سيجابه بها، سواء على المستوى الشعبي، أو على مستوى الشخصيات والكتل السياسية، خصوصاً السنية منها، التي تشتكي من أن «المقاوم الشيعي يُشمل بالعفو، فيما السني سجين وينتظر الإعدام».
ويتوقع أن يواجه التعديل تحدي صعوبة التمييز بين المقاومين الحقيقيين، سواء من الشيعة أو السنة، الذين قاتلوا فعلاً قوات الاحتلال الأميركي، أو أولئك الذين انخرطوا في أعمال العنف والقتل الطائفية والإرهابية من الجانبين.
و«جيش المهدي» ميليشيا مسلحة أسسها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نهاية عام 2003، لمحاربة الاحتلال الأميركي، وهو أول الفصائل الشيعية التي حملت السلاح ضد الجيش الأميركي، ثم انشطرت لاحقاً إلى مجموعة من الفصائل الموجودة اليوم في الساحة العراقية، ومنها «عصائب أهل الحق». وقد اعتقلت القوات الأميركية كثيراً من قيادات ومقاتلي هذا الجيش، وأودعتهم السجون بين عامي 2003 و2007، الذي أعلن فيه الصدر تجميده نشاطاته وأمر بحله لاحقاً.
ويؤكد النائب عن «سائرون» برهان المعموري، إصرار كتلته على تعديل قانون السجناء السياسيين ليشمل سجناء «جيش المهدي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نعم كتلة (سائرون) تتبنى هذا التعديل، وقد قامت بجمع توقيعات من النواب لطرحه في البرلمان، ووصل فعلاً إلى اللجنة القانونية من أجل إعداد القراءة الأولى والثانية لمشروع التعديل، تمهيداً للتصويت عليه».
ويضيف المعموري: «نعتقد أن مقاتلي (جيش المهدي) الذين قاوموا الاحتلال الأميركي الذي أقرته الأمم المتحدة، يستحقون الحصول على المزايا التي يوفرها قانون السجناء السياسيين، أسوة بمن قاوم وعارض نظام صدام حسين».
وبشأن ما قد يثيره التعديل من مشكلات تتعلق بمنح مزايا لمقاتلي «جيش المهدي» في مقابل حرمان جماعات سنيّة، رفعت هي الأخرى شعار المقاومة وقاتلت القوات الأميركية بعد 2003، يرى المعموري أن «كل من قاوم الاحتلال ولم تتلطخ يداه بدماء الأبرياء من العراقيين وغير مطلوب للقضاء العراقي، فإنه يستحق أن يُشمل بمزايا هذا القانون».
ويمنح قانون السجناء السياسيين الذي أقره البرلمان عام 2006، وأجرى عليه تعديلاً عام 2013، رواتب تقاعدية وامتيازات للسجناء السياسيين وعوائلهم في حقبة نظام «البعث» من عام 1968 وحتى عام 2003. وقد ألحقت بالتعديل الأخير جماعات «رفحاء» الذين لجأوا إلى المملكة العربية السعودية بعد أحداث عام 1991، وشملتهم امتيازاته، الأمر الذي أثار وما زال يثير موجة انتقادات واسعة بين المواطنين، ويخشى أن يؤدي التعديل الجديد بشأن «جيش المهدي» إلى موجة انتقادات جديدة. كما يخشى أن يثير حفيظة بعض القوى السنية التي ترى أن بعض الفصائل السنيّة التي قاومت الاحتلال تستحق هي الأخرى أن تشمل بالتعديل الجديد للقانون، وذلك ربما سيواجه رفضاً من قبل بعض القوى الشيعية التي تضع أغلب القوى السنية المسلحة في خانة الإرهاب وتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وأشار النائب السابق والمثير للجدل مشعان الجبوري، أمس، صراحة إلى ذلك، حين اعتبر أن من وصفهم بـ«أبطال الفصائل السنية» ما زالوا مطاردين أو معرضين للإعدام، فيما نظراؤهم من الشيعة معفو عنهم ويتقدمون الصفوف في قيادة الدولة. وكتب الجبوري في تغريدة عبر «تويتر» قائلاً: إن «أبطال الفصائل السنية التي قاومت الاحتلال حصراً، بين سجين أو ينتظر في غرف الإعدام، أو لاجئ في دولة أخرى تطارده مذكرات اعتقال قضائية عبر الإنتربول العربي».
وأضاف: «أما المقاومون الشيعة، فقد شُمل من كان سجيناً بالعفو، وقادتهم اليوم يتقدمون صفوف قيادة الدولة».
ويتوقع عدد من المراقبين أن يثير التعديل الجديد موجة جديدة من الانتقادات الشعبية الناقمة أصلاً على المزايا التي حصلت عليها بعض الفئات الاجتماعية، في مقابل حرمان الملايين من العراقيين الذين عاشوا في حقبة النظام البعثي الديكتاتوري من أبسط الحقوق، كما يتوقعون أن يثير جدلاً واسعاً حول مفهومي «المقاومة» و«المعارضة السياسية» اللذين تختلف حولهما المكونات السكانية العراقية، وتتجادل بشأنهما منذ سنوات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».