4 طرق علمية لمواجهة «دودة الحشد»

وفدت من أميركا وتهدد 40 دولة أفريقية

«دودة الحشد» في محصول الذرة بإحدى الدول الأفريقية
«دودة الحشد» في محصول الذرة بإحدى الدول الأفريقية
TT

4 طرق علمية لمواجهة «دودة الحشد»

«دودة الحشد» في محصول الذرة بإحدى الدول الأفريقية
«دودة الحشد» في محصول الذرة بإحدى الدول الأفريقية

اجتاحت حشرة «دودة الحشد» الخريفية أكثر من 40 دولة أفريقية، كان آخرها مصر، خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأعلنت وزارة الزراعة المصرية، نهاية مايو (أيار) الماضي، وصول هذه الحشرة المدمرة إلى أراضيها، لأول مرة، بعد أخذ عينة حشرية من أحد حقول الذرة الشامية في قرية العقبة بمركز كوم أمبو في أسوان جنوب مصر، وجاءت نتائج التحليلات التي أجريت لتلك العينة في معهد بحوث وقاية النبات لتؤكد أنها ترجع لهذه الحشرة.
- حشرة مدمرة
يعود أصل انتشار هذه الحشرة التي تهاجم المحاصيل في مجموعات أشبه بـ«الجيوش»، إلى قارة أميركا الشمالية، لكنها انتقلت إلى أفريقيا مطلع 2016 عبر السفن أو الطائرات، لتنتشر في جميع أنحاء القارة متنقلة من بلد إلى آخر.
ورغم القدرات التدميرية الهائلة لهذه الحشرة، التي أوردتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، في تقرير على موقعها الرسمي، إلا أن الدكتور ثائر ياسين، المسؤول الإقليمي لوقاية النبات في مكتب «الفاو» لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مقاومتها ممكنة».
وأوضح ياسين: «هذه الحشرة يمكن ليرقاتها أن تقطع ما يصل إلى 100 كلم في الليلة الواحدة، كما أنها تتوالد بشكل كبير، حيث يمكن لليرقة خلال حياتها أن تضع ما يقرب من ألف بيضة، وتتغذى على أكثر من 80 محصولاً، من بينها الأرز، و(السيرغوم) (الذرة الرفيعة)، وقصب السكر، ومحاصيل الخضراوات والقطن، ولكنها تفضل الذرة».
وتقدر منظمة «الفاو» الخسائر المتوقعة في حالة عدم التمكن من مواجهتها بنحو 4.8 مليار دولار من إنتاج الذرة وحده، وهو ما جعلها تطلق بالتعاون مع الحكومة المصرية خطة طوارئ لمواجهتها عبر 4 أسلحة هي «التدريب والمصائد الهرمونية والمقاومة البيولوجية والإنذار المبكر».
وشدد ياسين على ضرورة التكامل بين هذه الأسلحة في المواجهة، بحيث تعمل معاً بشكل متكامل لمواجهة هذه الحشرة الفتاكة.
- مصائد هرمونية
وأضاف: «انتهينا فيما يتعلق بالتدريب من إعطاء برنامج تدريبي لـ100 مدرب تم تأهيلهم خلاله على كيفية التعرف على الحشرة، ومواجهتها بشكل آمن. ويقوم هؤلاء المدربون حالياً بنقل تلك الخبرة لألف مزارع في جنوب مصر. وبالتزامن مع ذلك قمنا بالتعاون مع الحكومة المصرية بنشر 500 مصيدة هرمونية لتعقب الحشرة، وتعاوناً مع وزارة الزراعة في المقاومة البيولوجية عبر التدريب على إنتاج المبيدات الطبيعية من الأشجار وإنتاج الأعداء الحيوية لها، وأخيراً تم التدريب على نظام الإنذار المبكر عبر الهاتف المحمول الذي دشنته (الفاو) لنقل معلومات حول انتشار الحشرة في منطقة ما إلى منصة عالمية، بما يمكن المنظمة من وضع برامج للإنذار المبكر».
ومن أنظمة المكافحة التي يتم تدريب المزارعين عليها هي زراعة الذرة «المحصول المحبب للحشرة» مع محاصيل أخرى مثل «الكاسافا» أو البطاطا الحلوة، وتجنب الزراعة المتأخرة، والتقاط وقتل البيوض واليرقات الموجودة على أوراق نبات الذرة، ورش الذرة المصابة بالمبيدات النباتية (المستخدم فيها نبات النيم أو أي نبات آخر)، ووضع الرماد أو التربة أو الرمال في قلب النبتة (الذي تقتات عليه الدودة)، وحماية وتشجيع وجود الأعداء الحيويين التي تحمي النباتات (أصدقاء المزارع)، مثل النمل.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً