تجربة فلسطينية فريدة في صناعة الآلات الموسيقية الوترية

شحادة الشلالدة... شارك بفعاليات عالمية

تجربة فلسطينية فريدة في صناعة الآلات الموسيقية الوترية
TT

تجربة فلسطينية فريدة في صناعة الآلات الموسيقية الوترية

تجربة فلسطينية فريدة في صناعة الآلات الموسيقية الوترية

داخل ورشته الصغيرة الواقعة في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، ينشغل الشاب شحادة الشلالدة (28 سنة) لساعاتٍ طويلة مسابقاً الوقت لإنجاز صنع آلة موسيقية جديدة من نوع «الكمان» يدوياً، ليواصل بذلك مسيرة شغفه وحبّه للآلات خاصّة الوترية منها الذي بدأ مُذ كان بعمر الطفولة.
يعود الشاب بالذاكرة للوراء، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «درست الموسيقى بجمعية الكمنجاتي المحلية في عمر 15 سنة، وتنبّه حينذاك عدد من المدرسين لاهتمامي بتفاصيل الآلات الوترية وشكلها، الذي نبع بالأساس من حبّي للتعامل مع الأخشاب والتعرّف على أنواعها»، مبيّناً أنّ أستاذاً إيطالياً كان يزور الجمعية لصيانة الآلات المتعطلة لاحظ ذلك أيضاً، وقام بتوجيه دعوة له لزيارة ورشته في إيطاليا.
خوضه لتلك التجربة كان علامة فارقة، فتحت الباب أمامه لمزيدٍ من الإبداع، فأنتقل من مراحل العمل على إصلاح الآلات المعطوبة لمراحل صنعها، وكانت «الكمنجة» أول آلة صنعها. لاقى إنتاجه الأول الذي استغرق شهوراً طويلة، قبولاً كبيراً من صاحب الورشة وبعض ذوي الخبرة.
«على أثر ذلك تلقيت دعماً وتحفيزاً لدراسة تخصص صناعة وترميم الكمان في كلية نيوارك ببريطانيا من المحيطين» يضيف، موضحاً أنّ التكلفة المالية العالية لدراسة هذا المجال كانت ستقف عائقاً أمامه، لولا تدخل عدد من المؤسسات المحلية التي تُعني بالفن وأصحاب المواهب وتقديمها المساعدة له.
في عام 2012. أنهى الشاب الذي يعدّ من أوائل صانعي الآلات الوترية الغربية في فلسطين دراسته، وعاد لمسقط رأسه ليبدأ العمل في المشغل التابع لجمعية الكمنجاتي. حيث تولى مهمة إصلاح أعطاب آلات الطلبة وغيرهم من العازفين المحليين والدوليين الذين ذاع بينهم صيته وصار مصدر ثقة بالنسبة لهم.
شقه لطريقٍ مغاير في التعامل مع الآلات، عن طريق الدمج بين الطبيعة الموسيقية التي تتطلبها الحالة المحلية وخبرته التي اكتسبها على أيدي أساتذة محترفين في عدد من الدول الأوروبية، أهْلَه ليكون المشارك العربي الوحيد في مسابقة «ترينالي» بمدينة كريمونا بإيطاليا، وهي مسابقة تقام كل ثلاث سنوات يشارك بها مئات صانعي الآلات من مختلف دول العالم وكان هذا في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2018.
يكمل شلالدة كلامه «المسابقة الدولية كان فيها إلى جانبي نحو 400 شخص، وشاركت بآلة من نوع (الفيولا)، استغرقت مني عملية صنعها أربعة أشهر، استطعت فيها مطابقة شكلها للمواصفات الواردة في شروط المسابقة»، مشيراً إلى أنّ آلته حصلت بحسب نتائج لجنة التحكيم على المرتبة العشرين، وهذا بحد ذاته إنجاز له ولبلده التي لمع اسمها لأول مرّة في مثل هذه المسابقة، كما يقول.
تمرّ عملية تصنيع الآلات التي تتراوح مدتها بين الثلاثة أشهر والسبعة حسب نوع وحجم الآلة، بعدد من المراحل أولها الرسم وقص الخشب وتجهيزه ثم الانتقال لحفره وفق الحاجة، وبعدها يتم تركيب الأوتار وملحقاتها وموازنتها، ليبدأ لاحقاً فحصها وتجريبها. ويعتمد شلالدة في ذلك على أذنه التي أصبحت مع الوقت أداته الأفضل لقياس أداء آلاته التي يُعدُّ كلّ واحدة منها بمثابة كائنٍ حي يحتاج لعناية ورعاية خاصّة.
40 آلة تقريباً، هي مجموع ما صنعه الشاب العشريني حتّى وقت إعداد هذا التقرير، توزعت أنواعها بين «الفيولا، والكمان، والتشيللو». يبيّن أنّ جميعها حظي بإعجاب العازفين وأصحاب الاختصاص، منبهاً إلى أنّ فرصة التصريف في السوق المحلية نادرة بسبب الحالة السياسية السائدة التي أدت لضعف الاهتمام بالموسيقى بشكلٍ عام.
«الحب والحلم بواقع أفضل وحياة دون تشويش الاحتلال، هي رسالتي من الموسيقى للعالم»، يتابع حديثه، لافتاً إلى أنّ كلّ الآلات التي صنعها حملت علامته التجارية مع شهادة صنع تفصيلية تشبه إلى حدٍ كبير شهادة ولادة الطفل الجديد.
وهذا الاهتمام بتلك التفاصيل يرجع وفقاً لقوله للصعوبة التي يواجهها خلال عملية الصنع، فالأمر بحاجة لتركيز عالٍ ومعرفة بعدد من العلوم مثل العلوم الموسيقية، وعلوم الصوتيات.
المعيقات التي تواجه الشاب خلال عمله كثيرة وأهمها عدم توفر المواد الخام محلياً التي يعتبر خشب القيقب والسبروس وهو الأمر الذي دفعه للسفر إلى أوروبا لتوفيرها، إضافة لذلك فهو يعاني أحياناً من صعوبة في التنقل بسبب قيود الاحتلال.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.