مصر: «الأعلى للثقافة» يعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة

عصفور ونوار وبدران يتوجون بجائزة «النيل» أكبر جائزة مصرية

TT

مصر: «الأعلى للثقافة» يعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة

أعلن المجلس الأعلى للثقافة، أمس، أسماء الفائزين بجوائز الدولة المصرية التقديرية والتشجيعية والتفوق وجائزة النيل لعام 2018 - 2019، وذلك بحضور وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم، وحشد من كبار المثقفين والمبدعين المصريين. وتعتبر الجوائز بفئاتها المختلفة أرفع الجوائز للمبدعين المصريين، وتصاحبها سجالات حادة في الوسط الثقافي المصري كل عام.
وحصد جائزة النيل للمبدعين المصريين في العلوم الاجتماعية الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي ووزير المجالس النيابية والشؤون القانونية الأسبق، كما حصل على الجائزة نفسها في فرع الآداب وزير ثقافة مصر الأسبق الدكتور جابر عصفور، وفي فرع الفنون توج بها الفنان أحمد نوار، أما جائزة النيل للمبدعين العرب فحصدها المعماري راسم بدران. وتبلغ قيمة كل جائزة من جوائز النيل 500 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 16.6 جنيه) وشهادة تقديرية وميدالية ذهبية.
أما جائزة الدولة التقديرية، التي تبلغ قيمتها 200 ألف جنيه مصري، وميدالية ذهبية، فذهبت في فرع الفنون إلى كل من الدكتور عبد الحليم إبراهيم، والمخرج محمد فهمي الخولي، والمخرج هاشم النحاس، تقديراً لإسهاماتهم الفنية. أما في الآداب فذهبت لكل من الدكتور محمد عبد المطلب، والكاتب محمد أبو العلا السلاموني، والشاعر محمد محمد الشهاوي. بينما حصل على جوائز الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية كل من الدكتور سعيد توفيق، والدكتورة سميحة القليوبي، واسم الراحل الدكتور محمد أحمد غنيم.
كما أعلنت أسماء الفائزين بجائزة الدولة للتفوق، وتبلغ قيمة كل جائزة لكل فرع من هذه الفروع 100 ألف جنيه مصري، وميدالية فضية، وفاز بها في العلوم الاجتماعية كل من الدكتور جمال شقرة، والدكتورة هويدا سيد محمد مصطفى، والدكتور عاطف منصور. بينما حصدها في فرع الآداب كل من الشاعرين فؤاد طمان وأحمد فضل شبلول، وفي الفنون حصل عليها كل من إبراهيم الدسوقي فهمي عارف وابتسام محمد فريد.
أما جوائز الدولة التشجيعية، التي تبلغ قيمة كل جائزة 50 ألف جنيه مصري لكل من فروعها، ففاز بها في فرع التصوير: أسماء النواوي، والنحت: نجيب معين، فيما حجبت الجائزة في فرع التأليف الموسيقى. أما فرع الإخراج المسرحي فذهبت للمخرج تامر كرم، فيما حجبت عن فرع التأليف المسرحي. أما في العمارة وعمران الثقافة: ففاز بها محمد عبد الحميد محمد عبيد، وحجبت عن فرعي الموال الشعبي (أداء - جمع - دراسة) وفرع إخراج الفيلم الوثائقي الطويل.
وتوج بـ«التشجيعية» في فرع الآداب: علاء عبد المنعم عن دراسة تطبيقية في السرد العربي، وحجبت الجائزة عن فئة التحليل اللغوي لنص أدبي. وفاز عبد الرحمن مقلد عن فئة ديوان الشعر الفصيح، وفي شعر العامية فاز كمال كامل مبروك، بينما فاز في فئة الرواية التاريخية: أحمد محمد سعد الدين إسماعيل، وفي فئة المجموعة القصصية القصيرة جداً فاز محمد الحديني، بينما حجبت الجائزة عن فرعي إخراج فيلم أطفال لرسوم متحركة من 3: 10 دقائق، وترجمة كتاب لأحد الأعمال الإبداعية.
بينما حجبت الجوائز في فرع العلوم الاجتماعية بكل فئاته: علم الاجتماع، والتاريخ، والجغرافيا، والفلسفة وعلم النفس، والإعلام، والآثار، والثقافة العلمية، والتربية.
أما في فرع العلوم الاقتصادية والقانونية، فقد حجبت أيضاً الجائزة عن فئتي اقتصاديات صناعة السياحة في مصر، واستراتيجيات التنمية الاقتصادية في مصر بين الواقع والمأمول، بينما ذهبت الجائزة في فئة نظم سياسية إلى رابحة علام، بينما ذهبت جائزة فئة ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان إلى رامي متولي عبد الوهاب إبراهيم.
وحجبت في هذا الفرع فئات نظم سياسية دولية، والشريعة الإسلامية، وفئة القانون الدولي العام، وإصلاح منظمة الأمم المتحدة، وكذلك السياسات والتشريعات المقترحة لمناهضة التمييز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».