«إنترفيو» المدارس... «كشف هيئة» يثير رهبة المصريين

الأسر تعتبر المقابلة معركة لتحديد مصير أبنائها

TT

«إنترفيو» المدارس... «كشف هيئة» يثير رهبة المصريين

استيقظ الأب مُبكرا بعد ليلة قلقة، تجاوزها ناهضاً للاستعداد ليوم حاسم، اختار زياً رسمياً مُهندماً، وعطراً مناسباً، في مظهر يشي بموعد شديد الأهمية بل والمصيرية... تشاركه الأم وطفلهما الذي أتم بالكاد ثلاثة أعوام ونصف العام من عمره، ملامح تلك الأناقة والتأهب لمعركة صباحية مُنتظرة، إذ يستعدون لخوض جولة في غمار محاولات القبول بمرحلة رياض الأطفال، التي تسبق المرحلة الابتدائية، في مصر، ويُطلق عليها «مقابلة» أو «إنترفيو» المدرسة، وبناءً على نتيجتها يتم قبول الطفل في المدرسة أو لا.
وبحسب وزارة التعليم المصرية فإنه يوجد في مصر أكثر من 52 ألف مدرسة، فيما يشير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة رسمية) أن تلك المدارس تتوزع على 45 ألفا و279 مدرسة حكومية، و7 آلاف و385 مدرسة خاصة، وذلك وفق بيانات العام الماضي.
نهى رجب «ولية أمر» انتهت قبل أيام من إجراء إحدى تلك المقابلات في مدرسة بمحافظة الجيزة، تقول لـ«الشرق الأوسط» إنه مع اقتراب طفلها من الالتحاق بالمدرسة كانت تشعر برهبة كبيرة مما تسمعه عن اختبارات الالتحاق بالمدارس، والتي باتت - بحسب تعبيرها - «أشبه بـ(كشف هيئة) يشبه الإجراءات اللازمة للالتحاق بالكليات العسكرية والمناصب الدبلوماسية الرفيعة».
وتوضح: «بذلت أنا ووالده جهداً كبيراً في البحث عن مدرسة ذات مستوى تعليمي لائق، وبعد أن وصلنا لاختيار أقرب للصحة، وجدنا أن التوتر قد بدأ بسبب احتمالية عدم قبوله في ظل الإقبال الكبير على التقدم لنفس المدرسة، وبالتالي أصبح الحكم للمقابلة مع الطفل».
وبسبب كثافة السكان في العاصمة القاهرة وإقليمها الواسع الذي يضم محافظتي الجيزة والقليوبية، يلجأ كثير من الأسر ذات مستوى الدخل المتوسط، إلى إلحاق أبنائها بمدارس خاصة لضمان توفير قدر ملائم من التعليم الجيد في مدارس ذات كثافة طلابية أقل.
وتشرح نهى مراحل استعدادها وأسرتها لـ«الإنترفيو»: «احتجنا فترة لتعليمه الحروف والأرقام والألوان الرئيسية بالإنجليزية، وتوجيهه بأن يستقبل أسئلة المعلمة التي سيجلس إليها بهدوء وتركيز».
كانت نهى تتصور أن المعركة قد انتهت باجتياز صغيرها لـ«الإنترفيو» الخاص به وإجابته عن أسئلة المختبرين، لكن جاءتها التعليمات الجديدة، هناك مقابلة أخرى ولكنها ستكون هي بطلتها مع والد الطفل في موعد آخر.
وتحكي عن أجواء تلك المقابلة: «كانت أغلب الأسئلة للتعرف على أسباب اختيارنا للمدرسة، ووظائفنا، ومدى قدرتنا على تطويع مواعيد عملنا مع موعد خروج الطفل من المدرسة يوميا، وإذا كان مصابا بأي حساسية أو غيرها من الأمور التي تتطلب رعاية خاصة من المدرسة».
وتُواكب كثير من المواقع الصحافية المصرية «موسم الإنترفيو» والذي تختلف مواعيده بحسب إدارة كل مدرسة، عن طريق إبراز قصص بعناوين خدمية تتضمن أسئلة عن طريقة الاختبارات من عينة «تعرف على أشهر أسئلة (الإنترفيو) للطفل والوالدين بالمدارس»، أو «كيف تنجح أنت وطفلك في إنترفيو المدرسة؟»، ومعظمها موضوعات تقدم إرشادات لأولياء الأمور لعل أبرزها مراجعة «عدد من كلمات اللغة الإنجليزية الأساسية كمفردات الأرقام والألوان وصور الحيوانات، ومراعاة المظهر الجيد للطفل ولوالديه».
وإلى جانب المواد الصحافية، ترصد وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر مسألة «الإنترفيو»، ولكن بشكل انتقادي أوسع، ومثال لذلك قيام سيدة مصرية وهي مي ماجد بإطلاق هاشتاغ أطلقت عليه #لا_لمقابلات_المدارس، والذي قوبل بتفاعل واسع بين رواد موقع «فيسبوك»، وشجع المئات للتدوين تحت هذا الهاشتاغ من المعترضين على إجراء تلك المقابلات لأطفالهم.
تقول مي ماجد لـ«الشرق الأوسط»: «استفزتني مسألة المقابلات تلك، خصوصاً أن لي ابنا اقترب من مرحلة القبول بالمدرسة، وحتى الآن لا أفهم معنى تقييم الطفل بتلك المعايير المتعسفة التي لا تليق مع معايير الطفولة، فمن الطبيعي أن يهاب الطفل مسألة الخضوع لأسئلة وتقييم مع معلمة يراها لأول مرة في حياته وأيضا دون أن يرافقه والداه لهذا الاختبار، لذلك دونت تحت هذا الهاشتاغ الذي فوجئت بعده بحجم الانتقادات من أولياء الأمور لهذا النظام».
وتتابع مؤسسة الهاشتاغ: «رصدت من خلال تلك المحاولة أسئلة غريبة توجه لأولياء الأمور تتعلق بمستواهم المادي والنادي الرياضي الذي يلتحقون به، وحتى تقييم مظهرهم، فأصبح أولياء الأمور يتوجهون لتلك المقابلات بالملابس الرسمية والفخمة التي تشي بمستواهم الاجتماعي المرتفع، إلى حد أن أصبحت تلك المقابلات موسماً لحصد الأموال من قبل بعض المدارس، إذ تتراوح رسوم الخضوع لها ما بين 500 إلى أكثر من 1000 جنيه مصري (الدولار يساوي 16.6 جنيه مصري) سواء تم قبول الطفل بعدها أو لم يُقبل».
أما عن مصروفات الدراسة في مرحلة رياض الأطفال بالمدارس الخاصة ذات المستوى المتوسط لنظام التعليم المصري (وليس الدولي) فتتراوح ما بين 7 آلاف وحتى 30 ألف جنيه.
وبرغم الانتقادات لفكرة «الإنترفيو» وتعقيدات وتفاصيل الأسئلة، فإن إدارات المدارس لا تعدم التبرير لها وتسوق حججاً تبدو مقنعة للبعض، وتعتبر نادية علي، مديرة قسم رياض الأطفال في واحدة من المدارس الخاصة، أن تلك المقابلات «تضطر لها المدرسة بسبب الأعداد الكبيرة التي تتقدم لها مطلع كل عام دراسي» على حد تعبيرها.
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «يتم عبر تلك المقابلات تصفية أعداد المتقدمين إلى نسبة أقل، تتناسب مع قدرة المدرسة الاستيعابية، وكذلك فإن عددا كبيرا من المتقدمين يكون أحق بالاختيار لسنه الأكبر نسبيا، فضلاً عن الأشقاء».
وبعيداً عن التباين بين القبول والرفض لفكرة «الإنترفيو» تضع هاجر أسامة، وهي مدربة مونتسوري والتربية الإيجابية، معايير تستند إلى خبرة بمجال التنشئة، وتشرح أنها «ليست ضد إجراء مقابلة للطفل للقبول في المدرسة، ولكنها ضد الطريقة التي تصفها بـ(استجواب الطفل) والتي تُتبع خلال إجراءات القبول حاليا».
وتضيف في حديثها إلى «الشرق الأوسط»: «اختبارات القبول بصورتها حاليا جريمة في حق الطفولة، فيجب أن تكون الرسالة التي نرسلها للطفل هي أنه مقبول دائما أياً كانت مهاراته أو صفاته، وتجنيبه ذلك الضغط الذي يتعرض له من والديه أولا في البيت، حتى يثبت جدارة في المقابلة، ويلتحق بمدرسة شقيقه أو أقربائه، ثم الضغط الذي يتعرض له في المقابلة نفسها لإثبات أنه جدير بالقبول».
كذلك فإن خبيرة التربية تؤكد على أنه «يجب أن تكون تلك المقابلات في مناخ أقرب للعب من طريقة الأسئلة واختبار المعلومات عن الأرقام والألوان وغيرها، فعبر اللعب يمكن قراءة قدرة الطفل على الانتباه والابتكار والتفاعل، فقد يكون الطفل ذكيا جداً ولكنه قد يتعثر في المقابلة بسبب هذا الضغط، أو بسبب هيبته من الموقف بشكل عام الذي يضطره للتعامل مع معلمة يراها لأول مرة في حياته تقوم باستجوابه، وفي حال عدم قبوله للمدرسة، فهذه في حد ذاتها رسالة سلبية جدا تتوجه للطفل في سنواته المبكرة، لا يجب أن يمر بها من الأساس».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.