منتدى أصيلة الـ41 يعود بقوة بعد شكوك حول إمكانية استمراره

بن عيسى: لم أتوقع حجم التعاطف وأشكال الدعم التلقائي والطوعي للاستمرار

محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة في حفل افتتاح الدورة 41
محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة في حفل افتتاح الدورة 41
TT

منتدى أصيلة الـ41 يعود بقوة بعد شكوك حول إمكانية استمراره

محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة في حفل افتتاح الدورة 41
محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة في حفل افتتاح الدورة 41

رفع موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ41 تحدي الاستمرارية، ونجح في تنظيم دورته الـ41 في موعدها رغم الشكوك التي حامت في نهاية الدورة السابقة حول إمكانية استمراره بسبب قلة الإمكانيات.
وعادت جامعة المعتمد ابن عباد التي تنعقد بالموازاة مع برنامج الموسم الثقافي، من خلال ندوات دورتها الـ34. بعناوين كبيرة من قبيل: «عبء الديمقراطية الثقيل، أين الخلاص؟» و«التنمية المستدامة وإكراهات دول الجنوب» و«التماسك الاجتماعي والتنوع في نظم التعليم العربية» و«الشعر العربي في مشهد ثقافي متحول»، إضافة إلى ندوة «الإبداع الأفريقي في أفريقيا والمهجر».
وقال محمد بن عيسى، أمين عام منتدى أصيلة في حفل افتتاح الدورة 41 مساء الجمعة: «أحاول استعادة الفرح الذي غمرنا، ونحن نطلق موسم أصيلة الثقافي الأول منذ أكثر من أربعة عقود، مرت زاخرة بأحداث وتحولات عميقة تركت فينا أثراً لا يمحى».
وأضاف بن عيسى: «في العام الماضي، وأثناء حفل اختتام الدورة الأربعين، عبرت عن تخوف مشروع، أننا قد لا نتمكن من تنظيم الدورة الموالية. كما أني قدرت أن الوقت قد حان ليحمل المشعل جيل جديد من شباب مدينتنا»، مضيفاً: «لم أتوقع حجم التعاطف وأشكال الدعم التلقائي والطوعي للاستمرار»، مشيراً إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، راعي موسم أصيلة منذ إن كان ولياً للعهد، كان في مقدمة وطليعة الداعمين.
وقال بن عيسى إن «أصيلة» أصبحت مؤسسة لفعل ثقافي نوعي عبر تقوية أواصر المعرفة وتوظيف الإبداع والعمل الثقافي لتحقيق التنمية المحلية، إضافة إلى توفير أرضية للتعارف والتبادل بين النخب من مختلف أطراف العالم.
ودعا بن عيسى إلى مقارنة ماضي المدينة بحاضرها لقياس الوقع الذي تركه موسمها الثقافي على مدى العقود الأربعة الماضية، مشيراً إلى أن المدينة أصبحت اليوم «تتوفر على هياكل ثقافية أساسية، ومنصات مجهزة للإنتاج والاستهلاك الثقافي، وكلها تحتضن منذ تشغيلها أنشطة ومظاهرات على مدى السنة».
وقال بن عيسى إن حصيلة المشاريع الثقافية الرائدة لا تحسب فحسب بالأرقام والمعطيات الكمية، مشيراً إلى أن «مشروع أصيلة، هو في جوهره، رهان ثقافي تشكيلي وإبداعي شامل. تخيلنا أصيلة لوحة زاهية الألوان، امتزج فيها بهاء الطبيعة بمهارة أدوات الفنان. لذلك رافَقَنَا التشكيل في كل المراحل والأطوار. وفي كل سنة أضفينا جمالاً ورونقاً على المشهد، آخرها تنظيم مشغل الربيعيات الذي يشارك فيه في شهر أبريل (نيسان) من كل سنة فنانات وفنانون من بلدان مختلفة».
وشدد بن عيسى على القول إن «الاستثمار في الحقل الثقافي والمجال الفني، هو أداة ناجعة لتحسين الصورة المميزة للإنسان العربي والأفريقي، وإنسان عالم الجنوب عموماً».
وتحدث بن عيسى أيضاً عن حصيلة جامعة المعتمد ابن عباد الصيفية، وقال إنها «شبيهة بمركز أبحاث ودراسات»، نظراً لرصيد الكتب والمنشورات التي أصدرتها والندوات والمظاهرات الفنية والفعاليات التي احتضنتها ووثقتها، مشيراً إلى أن «كل ذلك يشكل مصدراً معرفياً لا غنى عنه لأي باحث في التطور الثقافي والفكري في بلادنا».
وأضاف بن عيسى: «إنه في الدورة الحالية التي نعتبرها استهلالاً لمرحلة فارقة، غلبنا الحنين إلى البدايات الجميلة والحالمة. هكذا دعونا أجيالاً من الشعراء ممن طبعوا بإبداعهم مسار الشعر العربي الحديث إلى عكاظ مختلف».
من جانبه، قال محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي إن «ما يضفي على موسم أصيلة طابعاً خاصاً هو ارتباطه الوثيق بمدينة أصيلة باعتبارها واحدة من الحواضر المغربية العريقة التي حافظت على طابعها المعماري الفريد، وعلى تنوعها الثقافي وتراثها الفني الذي أسفر عن تلاقح يتميز بالإبداع والتميز.
وأضاف أن مؤسسة منتدى أصيلة تستمد إشعاعها «من تعاطيها المستمر مع القضايا الكبرى التي تواصل طرح تحديات على المستوى الوطني والدولي». وزاد قائلاً: «التعقيد الذي يطبع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي يتطلب مواكبة فكرية وتفكيكية لا يدخر المنتدى الذي يجمعنا اليوم جهداً في تناولها بالدرس والتحليل». من جهتها، انطلقت منية بوستة، كاتبة الدولة (وزيرة دولة) لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي، في كلمتها، من الإشكالية التي وضعتها جامعة المعتمدة ابن عباد عنواناً للندوة الافتتاحية لفعاليات دورتها الـ34 «عبء الديمقراطية الثقيل أين الخلاص؟». وأكدت بوستة أن «الديمقراطية كانت ولا تزال خياراً لا محيد عنه بالنسبة للمملكة المغربية منذ فجر الاستقلال». وأشارت إلى أن المغرب عرف، منذ جلوس الملك محمد السادس» حركات إصلاحية غير مسبوقة في شتى المجالات. كانت آثارها جلية في كل ما تم تحقيقه من استقرار سياسي ومن تقدم اجتماعي واقتصادي».
من جانبه، ثمن لويس غونزاليس بوصادا، وزير خارجية بيرو سابقاً ورئيس البرلمان البيروفي الأسبق، موقف المغرب من الديكتاتورية في فنزويلا، والتي تسببت في تهجير نحو 5 ملايين شخص. وعبر عن إعجابه الكبير بالمغرب، الدولة العريقة التي توجد منذ آلاف السنين، وبالتقدم الكبير الذي حققه في مختلف المجالات، مشيراً على الخصوص إلى تمكن المغرب من استيفاء 42 في المائة من استهلاكه من الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى توفره على بنيات تحتية متطورة من قبيل القطار فائق السرعة، وميناء طنجة المتوسط الذي كلف أزيد من 10 مليارات دولار، وارتفاع مؤشر الحريات والأمن، إضافة إلى التحام المغاربة حول المؤسسة الملكية ودستور البلاد.
من جانبه، اعتبر فيكتور بورغيس، وزير خارجية جمهورية الرأس الأخضر، أن عنوان الندوة الافتتاحية لجامعة المعتمد ابن عباد، «عبء الديمقراطية الثقيل أين الخلاص؟»، يعد عنواناً مستفزاً للتفكير، مزعجاً للبعض وموقظاً للبعض الآخر.
وأشار بورغيس إلى أن مساءلة أو انتقاد الديمقراطية غالباً ما يعد خطاً أحمر، لأن هناك منطقاً يرى في أي تساؤل حول الديمقراطية تشكيكاً فيها ورفضاً لها، ويعتبر كل من ينتقدها عدواً لها ونصيراً للاستبداد والديكتاتورية. وأضاف: «هذا من شأنه أن يشكل أكبر تهديد على الديمقراطية، وأن يحول دون تطويرها وأن يحد من مصداقيتها». وأشار إلى أن مثل هذا العنوان كان ليعتبر أمراً غير مقبول في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
وأشار بورغيس إلى أن التساؤل حول الديمقراطية أصبح يطرح نفسه بحدة في الدول النامية، وخصوصاً في العديد من الدول الأفريقية، التي لم تستطع الديمقراطية أن توفي فيها بوعودها في إقامة الأمن والسلام والتنمية. وأضاف أن اختلالات الديمقراطية، يمكن ملاحظتها في أماكن مختلفة من العالم، غير أن أعراض ونتائج هذه الاختلالات يبدو بشكل أكثر وضوحاً في البلدان النامية، حيث تبلغ حداً مأساوياً في بعض الأحيان.
وشدد بورغيس على أهمية الحوار وتبديد التناقضات التي تؤدي إلى الصراعات قبل وبعد الانتخابات، التي تتسبب في خيبة أمل الناخبين وتدفعهم إلى العزوف عن المشاركة وفقدان الأمل في الانتخابات.
وتساءل بورغيس: «ماذا يمكن أن نعمل لمعالجة الوضع؟» مشيراً إلى عدم الركون لإغراء «الاهتمام بالأعراض في إطار نوع من صناعة السلام التي نعرفها جميعاً، عبر مصالحة الأحزاب مع إبرام اتفاقيات مخالفة للطبيعة بين أحزاب متناقضة، والتي تبدو أحياناً منافية تماماً للديمقراطية». وأضاف: «بما أن نفس الأسباب تعطي نفس النتائج، فإن النزاعات والخلافات تصبح ظواهر دورية متكررة، تفسد الأولويات وتؤخر مسلسل التنمية».
ويرى بورغيس أن «الطريق لإنقاذ الديمقراطية يتطلب تشخيصاً صارماً لمختلف أسباب الاختلالات في أفريقيا وغيرها، وهذا يجب أن يشكل موضوع عمل جماعي رصين، لأن الحلول الجيدة نادراً تأتي من الارتجال ومن المحاولة الأولى، أو من التقليد الساذج لتجارب الغير». وأضاف قائلاً: «إن وضع القوانين وخلق المؤسسات لتدبير العمليات الانتخابية وتنظيمها في وقتها، وكل الوسائل المسخرة لذلك، مهما كانت أهميتها، لن تكفي لانبثاق القيادة والحكم الديمقراطي الذي ننشده، لذلك أعتقد أن علينا الخروج من الطرق المبنية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».