هاجم الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد»، شبتاي شَبيط، 80 عاما، سياسة حكومة إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو، وقال إنه يرى أن هذه الحكومة لا تريد السلام ولا تعمل من أجله.
وقال شبيط: «لو كانت تنشد السلام حقا، لما تعاملت بهذه الطريقة الاستعلائية الفظة مع السلطة الفلسطينية. ولو كانت تريد السلام، لأقامت علاقات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بل كانت ستبحث عن مجالات تعاون في الاقتصاد، البنية التحتية، في المواضيع التي تخدم مصالح الجانبين، لكن السلطة الفلسطينية بالنسبة لرئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) هي فراغ، لا يقيمون علاقات معها». وتساءل: «هل تعرفون رئيس حكومة (إسرائيلي) آخر في العقود الأخيرة منذ اتفاقيات أوسلو، لا يتحدث مع الفلسطينيين؟».
وكان شبيط يتكلم في مقابلة مطولة مع صحيفة «معريب» نشرت كاملة أمس الجمعة، فقال إن نتنياهو تحدث مع الفلسطينيين في الماضي، وإنه نفذ الانسحاب من مدينة الخليل في إطار اتفاق أوسلو. لكنه أوقف اتصالاته هذه بسبب رضوخه المهين أمام اليمين الإسرائيلي المتطرف، وبشكل خاص أمام قيادة المستوطنين، الذي يريد إدارة الصراع وليس البحث عن حل له. وقال: «اليوم كانوا سيرجمونه في ساحة المدينة لو فعل أمرا كهذا».
وتابع شبيط، الذي يعتبر جنرالا ذا باع طويل في حروب إسرائيل: «نحن الدولة الأقوى في الشرق الأوسط. ولا يتشكل في مواجهتنا تحالف عسكري عربي كبير اليوم مثلما حدث في الستينات والسبعينات ويشكل تهديدا على وجودنا. ولكن قانون الطبيعة يقول إن القوي هو الذي يسمح لنفسه ما لا يسمح به الضعيف لنفسه. بإمكاننا أن نتحمل مخاطر، خصوصا أنه لا توجد مقابلنا في الجانب الآخر هوامش أمنية واسعة مثلنا. وإذا شئنا، بإمكاننا أن ندهسهم.
ولو كنا نبحث عن سلام، فإنه ستُفتح كل يوم قناة اتصال ومحادثات». وأضاف: «هناك مقولة معروفة بأنه عندما يتحدثون لا يطلقون النار، وهذا مكسب. فعندما يتحدثون تنشأ أفكار لا تظهر أثناء الصمت. لكن عندما يتعامل طرف (إسرائيل) مع الطرف الآخر وكأنه خيال، ولا يريد التحدث، ولا ينفذ خطوة من أجل أن يقول إن نياته جدية، فإن هذا لا يفيد الطرف الآخر حتى لو أراد التحدث».
ورأى شبيط أن اليمين الإسرائيلي «جعل من اتفاق أوسلو شيئا مدنسا نجسا. وبذلك أبعدوا إسرائيل وشعبها عن السلام».
وقال إنه «ليس لديه شك في أنهم (في اليمين الحاكم) استمروا في عملية السلام، لكان بالإمكان النجاح في تحقيق السلام. ولكنهم بدلا من ذلك زرعوا الوهم المنهجي لدى المواطنين بأن أوسلو كانت أم كل الآثام، وأن تعبيرنا عن الرغبة بالسلام والاستعداد لدفع ثمن السلام بالأرض، هو الإثم الأكبر. فهل الأرض أهم من العائلة والأولاد؟ لقد عاش شعب إسرائيل 3000 سنة في الشتات، ومن دون أرض».
وتحدث شبيط عن الدور الهدام للتيار الديني الصهيوني، الذي يقود المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقال إنه يطلق على هذا التيار اسم «اليهودية الاستيطانية». وقال إن «هذه اليهودية اخترعت لنفسها شيئا اسمه المناطق (يقصد الضفة الغربية).
نصف الدولة عندنا فارغة وهم ينتقلون للسكنى في المناطق. بالإمكان تحويل المنطقة من بئر السبع جنوبا إلى حديقة مزهرة، وبالإمكان إسكان ثلاثة أضعاف عدد المستوطنين اليوم فيها. وأقول هذا كي أشير إلى عدم وجود حاجة لمزيد من الأرض. والدافع الوحيد عندهم هو ما يسمونه الإيمان. ولكننا نعيش اليوم في القرن الحادي والعشرين. فهل في هذا العصر يوجد أناس يحاربون من أجل الدين سوى أولئك المنبوذين من طراز (داعش)».
وأكد شبيط أنه من خلال مشاركته في الأبحاث السرية ومعرفته المتجددة وعلاقاته الواسعة يعرف بأنه «توجد بين الإسرائيليين والفلسطينيين تفاهمات حول 80 في المائة من المواضيع، جرى الاتفاق عليها في جولات التفاوض الطويلة السابقة. ولا يوجد اتفاق على 20 في المائة، في الحد الأعلى، وهنا ينبغي أن يتدخل الأميركيون من جهة وتحالف الدول العربية من جهة ثانية ويحلوا المشكلة. عليهم أن يجبروا الجانبين على الجلوس معا وأن يقولوا لهما: (ستبقيان هنا ولن تغادرا الغرفة حتى يخرج دخان أبيض وتتفقا). وعندها أريد أن أرى أبطالنا يقولون (لا يهمنا). إذ لا يمكن أنه يستحيل التوصل إلى حل. وهذا منوط بتضحية من الجانبين».
وقال إن «السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيؤدي إلى إقامة علاقات بين إسرائيل وأكثر من 50 دولة إسلامية، وبضمنها جميع الدول العربية، ما سيعود بالفائدة الاقتصادية على الإسرائيليين والعرب، بينما استمرار الصراع سيؤدي إلى خسارة اقتصادية».
وانتقد شبيط خطة «صفقة القرن»، التي يعتزم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، طرحها، قائلا: «أنا لا أعرف تفاصيلها، لكنني أريد أن أشير لبعض الأخطاء التي ارتكبها أصحابها. إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وتغريدة السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، بأنه في ظروف معينة يوجد مبرر لإسرائيل بأن تضم (أجزاء من الضفة الغربية)، تعتبر أخطاء بليغة لا يقدم على فعلها حتى شخص مبتدئ في السياسة».
رئيس الموساد الأسبق يتهم نتنياهو بإفشال جهود السلام مع الفلسطينيين
قال إن المسؤولين عن صفقة القرن ارتكبوا أخطاء لا يقع فيها حتى المبتدئون في السياسة
رئيس الموساد الأسبق يتهم نتنياهو بإفشال جهود السلام مع الفلسطينيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة