البرهان يدعو «الحرية والتغيير» إلى مفاوضات بلا شروط

رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان (صورة أرشيفية - سونا)
رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان (صورة أرشيفية - سونا)
TT

البرهان يدعو «الحرية والتغيير» إلى مفاوضات بلا شروط

رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان (صورة أرشيفية - سونا)
رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان (صورة أرشيفية - سونا)

دعا رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اليوم (الأربعاء)، «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي قادت الاحتجاجات على مدى شهور وصولاً إلى الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، إلى مفاوضات غير مشروطة، بعد تعليق المفاوضات إثر فض اعتصام خلّف عشرات القتلى.
ونقل تلفزيون السودان عن البرهان وهو يتحدث إلى مجموعة من العاملين في الحقل الصحي: «دعوتنا إلى إخوتنا في كل القوى السياسية والحرية والتغيير؛ تعالوا إلى المفاوضات دون أن نضع شروطاً مسبقة».
وكانت «قوى إعلان الحرية والتغيير» السودانية قد أعلنت العودة إلى «جداول» التظاهر والاحتجاج الأسبوعية الشهيرة مرة أخرى، وإطلاق موجة ثالثة من «الثورة»، إزاء ما تسميه تعنت المجلس العسكري الانتقالي في تسليم السلطة لحكومة مدنية، وعدم جديته في التعامل مع مرتكبي «مجزرة» فض العصيان.
في غضون ذلك اعتبر سفير بريطانيا في الخرطوم عرفان صديق، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن على قادة المجلس العسكري الحاكم في السودان تسليم السلطة سريعاً لحكومة مدنية إذا كانوا يريدون استعادة الثقة المحلية والدولية بعد حملة القمع الشديدة لحركة الاحتجاج.
وقال صديق، من مقر إقامته في الخرطوم: «القوات الأمنية هي التي نفّذت هذه الهجمات وتسببت بقتل الناس»، وأضاف: «لذا يتحمل المجلس العسكري مسؤولية اتخاذ خطوات وإعادة بناء الثقة التي يمكن أن تسمح بحدوث الانتقال المدني».
وأثارت حملة القمع تنديداً دولياً، ونأى المجلس العسكري السوداني بنفسه عن هذه الأحداث.
وذكر صديق أن السودان قد يواجه مشكلات كبيرة إذا عجز عن إقامة حكم مدني، وقال: «دولة مثل السودان عانت لثلاثين عاماً من الحكم غير الرشيد والعزلة والعقوبات والنزاعات وسوء الإدارة الاقتصادية، بحاجة وتستحق حقاً الأفضل».
من جانبه، حذّر السفير البريطاني من أنّه في حال فشل قادة الجيش في تسليم السلطة للمدنيين، ستتواصل معاناة السودان على الصعيد الدولي. وقال إن «معاناة السودان ستستمر إذا لم يتمكن من تطبيع علاقاته مع العالم، وهو لن يطبع علاقاته مع العالم إذا لم يتجه صوب (مرحلة) انتقالية مدنية».
وأشاد صديق بإنجازات المحتجين خلال الأشهر الستة السابقة، لكنّه يشعر الآن بأن «الثورة» تخاطر بالفشل في تحقيق أهدافها. وأكّد أن مطالبة المتظاهرين بديمقراطية مدنية مبرَّرة، وختم: «إذا لم تتحقق إرادة الشعب السوداني، من المحتمل أن تتجدد الثورة الشعبية».
يُذكر أن لندن استدعت السفير السوداني بعد فض اعتصام المتظاهرين وهو ما ردت عليه الخرطوم باستدعاء صديق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.