زلنسكي يلتقي ميركل ويدعو إلى موقف ألماني أقوى تجاه روسيا

«البنتاغون» يخصص 250 مليون دولار لدعم القوات الأوكرانية

ميركل أكدت للرئيس الأوكراني التزام بلادها بإبقاء العقوبات الاقتصادية على روسيا ما دام «الوضع على حاله» (إ.ب.أ)
ميركل أكدت للرئيس الأوكراني التزام بلادها بإبقاء العقوبات الاقتصادية على روسيا ما دام «الوضع على حاله» (إ.ب.أ)
TT

زلنسكي يلتقي ميركل ويدعو إلى موقف ألماني أقوى تجاه روسيا

ميركل أكدت للرئيس الأوكراني التزام بلادها بإبقاء العقوبات الاقتصادية على روسيا ما دام «الوضع على حاله» (إ.ب.أ)
ميركل أكدت للرئيس الأوكراني التزام بلادها بإبقاء العقوبات الاقتصادية على روسيا ما دام «الوضع على حاله» (إ.ب.أ)

حتى بعد أن أصبح رئيساً وترك التمثيل الكوميدي، مهنته الأصلية، ما زال الرئيس الأوكراني الجديد فولوديمير زلنسكي، قادراً على إحداث الضحكات حتى في أكثر الحالات جدية. وفي برلين لم يختلف الوضع كثيراً. فرغم أن استقباله في العاصمة الألمانية بدأ بحالة رجفان أصابت مضيفته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في أثناء المراسم الرسمية، نجح زلنسكي في التخفيف من الواقعة في المؤتمر الصحافي الذي عقداه معاً بعد ساعة من لقائهما. وفيما أكدت ميركل أن الأمر لم يتعد كونه جفافاً بسبب الحر في يوم وصلت فيه درجة الحرارة إلى 30، وأنها تشعر بتحسن كبير بعد شرب 3 أكواب ماء، سارع زلنكسي إلى القول بأنه كان واقفاً إلى جانبها وأنها «كانت بأمان تام»، ما استدعى ضحكات من ميركل والصحافيين الموجودين.
وفي مواضيع أكثر جدية، أكدت ميركل التزام بلادها بإبقاء العقوبات الاقتصادية على روسيا ما دام «الوضع على حاله» فيما يتعلق بالقرم التي ضمتها روسيا إليها قبل 5 أعوام، ما استدعى عقوبات أوروبية عليها. وقالت ميركل في المؤتمر الصحافي: «ما دام ليس هناك تقدم في هذا الأمر فلا يمكن رفع العقوبات المتعلقة بالقرم. العقوبات تُرفع فقط في حالة إعادة القرم إلى أوكرانيا».
وكان زلنسكي قد دعا قبل لقائه ميركل في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية، إلى موقف ألماني أقوى تجاه روسيا، محذراً من تخفيف العقوبات الأوروبية عليها. ودعا حتى إلى عقوبات أقسى لحث موسكو على الانسحاب من القرم التي ضمتها إلى أراضيها، ووقف دعم الميليشيات في شرق أوكرانيا. وكرر زلنسكي دعوته لتشديد العقوبات على موسكو خلال المؤتمر الصحافي وقال: «إذا لم تنفع العقوبات الموجودة حالياً، يجب النظر في أدوات أخرى»، مضيفاً أن العقوبات الاقتصادية هي «الطريق الوحيد لوقف الصراع من دون دماء».
ويتصاعد في ألمانيا مؤخراً الجدل حول رفع العقوبات عن روسيا، ولم تعد الدعوات إلى رفع العقوبات عن موسكو تخرج فقط عن حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف وأكبر كتلة معارضة في البرلمان، بل أيضاً من أعضاء داخل حزب ميركل، الاتحاد المسيحي الديمقراطي.
وحذّر زلنسكي كذلك في مقابلته مع «بيلد» من استمرار مشروع أنانبيب الغاز الجديد مع روسيا «نورد ستريم 2» الذي سيقلل مرور الغاز الطبيعي عبر أوكرانيا ويصل روسيا بألمانيا مباشرةً، ما سيؤثر على أرباح أوكرانيا بشكل كبير. ووصف زلنسكي أنبوب الغاز الجديد بأنه يشكل «خطراً على الأمن، أمن الطاقة في أوكرانيا وأوروبا». ويعارض أنبوبَ الغاز هذا الاتحادُ الأوروبي وواشنطن ويخشيان من زيادة اعتماد برلين على موسكو في تأمين متطلباتها من الغاز الطبيعي.
وحاولت ميركل طمأنة الرئيس الأوكراني من هذا المشروع الجديد، وقالت إنه لن يكون له تأثير على استيراد الغاز عبر أوكرانيا، وقالت: «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد لي أنه يعلم بطلب ألمانيا أن يستمر نقل الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا بعد الانتهاء من تركيب أنبوب (نورد ستريم 2)». وأضافت: «لقد كررت أكثر من مرة للرئيس الروسي أنه بالنسبة إليّ فإن مسألة أن تكون أوكرانيا نقطة ترانزيت للغاز هو أساس، ومهم للغاية، والرئيس بوتين أكد لي أنه يتفهم ذلك». ووصل زلنسكي إلى برلين قادماً من باريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد شهر من توليه منصبه. وتحاول ألمانيا وفرنسا التوسط بين أوكرانيا وروسيا لإعادة تحريك عملية السلام وإطلاق المفاوضات المتوقفة بينهما منذ أكتوبر 2016، ورغم تعهد ميركل بإبقاء العقوبات على روسيا فإنها قالت إنه لا يمكن التوصل للسلام «من دون محادثات وتواصل».
وزلنكسي وصل بشكل مفاجئ إلى الرئاسة بعد أن كان ممثلاً لعب دور الرئيس في برنامج تلفزيوني، وهو يدعو منذ حملته الانتخابية إلى عقوبات أقوى ضد روسيا لحثها على الانسحاب من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها قبل 5 سنوات. ولم يهنئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زلنسكي بعدُ بالفوز بالانتخابات، بعد شهر عليها. وتأتي زيارة الرئيس الأوكراني الجديد لبرلين بناءً على دعوة رسمية وجهتها إليه ميركل بعد فوزه بالانتخابات.
كان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي زار الشهر الماضي كييف والتقى زلنكسي بعد الانتخابات، قد قال قُبيل وصول الرئيس الأوكراني إلى برلين إن الزيارة بالغة الأهمية لأن ألمانيا تريد مساعدة زلنسكي على «تحقيق السلام». وأضاف ماس أن «اتفاقية مينسك تبقى خريطة الطريق لحل الأزمة في أوكرانيا».
وفي سياق متصل أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أمس (الثلاثاء)، عن خطط لتقديم 250 مليون دولار لأوكرانيا في صناديق التعاون الأمني لتوفير المزيد من التدريب والمعدات والجهود الاستشارية لبناء قدرات القوات المسلحة الأوكرانية. وأضاف بيان عن البنتاغون أن القرار يؤكد من جديد العلاقة الدفاعية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مشيراً إلى أن إجمالي المساعدات الأمنية الأميركية إلى أوكرانيا سيصل إلى 1.5 مليار دولار منذ عام 2014.
وأضاف البيان أن تلك الأموال ستوفر معدات لدعم برامج التدريب المستمرة والاحتياجات التشغيلية، بما في ذلك القدرات اللازمة لتعزيز الوعي بالظروف البحرية والعمليات كجزء من الجهود الأميركية المستمرة لزيادة الدعم لمشاة البحرية والبحرية الأوكرانية. كما ستعزز تلك المساعدة القدرة الدفاعية للقوات البرية والعمليات الخاصة في أوكرانيا وتوفير الحماية لها من خلال توفير بنادق القنص وقاذفات القنابل الصاروخية ورادارات المدفعية المضادة ومهمات القيادة والسيطرة، والتصدي للحرب الإلكترونية وتوفير الاتصالات الآمنة والتحرك العسكري والرؤية الليلية والعلاج الطبي.
وشدد البيان على أن التعاون الأمني بين البلدين أصبح ممكناً بفضل التقدم المستمر لأوكرانيا في اعتماد الإصلاحات المؤسسية الدفاعية الرئيسية لمواءمة هيكل الأمن القومي لأوكرانيا مع المبادئ الأوروبية الأطلسية. وأضاف البيان أن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة أوكرانيا على تطبيق أحكام قانون الأمن القومي لعام 2018 في أوكرانيا لتعزيز السيطرة المدنية الديمقراطية على الجيش، وتعزيز إصلاحات القيادة وتعزيز الشفافية والمساءلة في عمليات الاستحواذ ووضع الميزانية، ودعم إصلاحات صناعة الدفاع. وختم البيان بأن تلك الإصلاحات ستدعم قدرة أوكرانيا على الدفاع عن سلامتها الإقليمية آمنة ومزدهرة وديمقراطية وحرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».