«إبيزا» أسعارها الأكثر ارتفاعاً عقارياً بين جزر إسبانيا خلال العقد الماضي

ليس من السهل العثور على صفقة جيدة على الأقل حتى نهاية الصيف عندما يصبح البائعون أكثر مرونة

«إبيزا» أسعارها الأكثر ارتفاعاً عقارياً بين جزر إسبانيا خلال العقد الماضي
TT

«إبيزا» أسعارها الأكثر ارتفاعاً عقارياً بين جزر إسبانيا خلال العقد الماضي

«إبيزا» أسعارها الأكثر ارتفاعاً عقارياً بين جزر إسبانيا خلال العقد الماضي

منزل مكون من سبع غرف نوم على جزيرة إبيزا مقابل 3.3 مليون دولار أو ما يعادل 2.98 مليون يورو. يقع هذا المنزل الريفي المكون من سبع غرف نوم على تل على أطراف بلدة سان أنطونيو على الساحل الغربي من إبيزا التي تعد واحدة من جزر البليار الإسبانية في البحر الأبيض المتوسط.
تم تشييد المنزل المبني من الجصّ الأبيض، والذي يمتد على مساحة 6577 قدماً مربعة، عام 1970 على طراز الـ«فينكا» الإسباني التقليدي حول مبنى أقدم يعود تاريخ بنائه إلى عام 1790 ويُعتقد أنه كان ديراً، على حد قول إنغي فان كنيبنبيرغ، التي تعمل في شركة «برستيج بروبارتيس» التي تتولى عملية عرض المنزل للبيع. وقد تم تجديد المنزل عام 2011، وشملت أعمال التجديد السباكة، والكهرباء، والألواح الشمسية، وأجهزة التكييف، ونظام التدفئة، ونظام تنقية المياه من الكلس.
يشمل العقار، الذي يبلغ إجمالي مساحته 0.72 فدان، منزل ضيافة به غرفتا نوم، وحمام، وحديقة، وبركة مياه، وحوض سباحة. وراء البوابة الخشبية، التي تنفتح وتنغلق ذاتياً بالكهرباء، يوجد ممر من الحصى يؤدي إلى مرآب على شكل سقيفة والمنزل الرئيسي. ينفتح الباب الخشبي المنقوش على بهو ودَرَج من اثنين، وتغطي أرضيات من الخرسانة المصقولة الجزء الأكبر من الطابق الأرضي.
بعد عبور المدخل المقوّس يجد المرء الصالون الرئيسي الذي يشمل مساحة للمعيشة وتناول الطعام. لمساحة تناول الطعام سقف مقوس ومقبّى عليه ألواح خشب سميكة، كان من التقليدي استخدامها في إبيزا لدعم أسقف المنازل الريفية القديمة. ويوجد ممر مقوّس آخر يؤدي إلى غرفة صغيرة مخصصة لمشاهدة التلفاز.
ويتفرع من الصالون غرفتا نوم ملحق بكل منهما حمام خاص، إلى جانب غرفة زينة ذات بلاطات زرقاء ومطبخ. تنفتح الأبواب الخشبية على باحة كبيرة متسعة بها بركة مياه تزين سطحها الزنابق، ومقاعد كثيرة، ومساحات مخصصة لتناول الطعام. يوجد في المطبخ مدفأة تعمل بالخشب، ومنضدة في وسط المطبخ تعلوها كتلة من الإسمنت المصقول، وكذلك هناك أدراج خشبية ومشرب. يوجد في حجرة المؤن الكبيرة ثلاجة، ومجمد، وثلاجة لحفظ النبيذ، وفي الخلف غرفة لغسيل الملابس.
إذا نزل المرء بضع درجات من السلم الملاصق للمطبخ سيجد ركناً له أبواب زجاجية مزدوجة تنفتح على فناء. كذلك يوجد باب آخر يفضي إلى مكان خارجي ذي ظُلّة به مقاعد مبنية وجدار مزين بالبلاطات. توجد في غرفة النوم الرئيسية مساحة للتزين، وحمام كبير به منضدتان للتزين من الخرسانة، وحوض استحمام، وثلاثة أقواس زجاجية تمتد من الأرض حتى السقف. يوجد في القوس، الذي يقع في المنتصف، باب ينفتح على باحة أخرى مظللة.
هناك ثلاث غرف نوم كبيرة أخرى في الطابق العلوي لها جميعاً أرضيات من الخشب. وهناك غرفة نوم صغيرة وأقرب حمام لها بعد عدة درجات من سلم المطبخ. تطل شرفة توجد في الطابق الثاني على بلدة إبيزا، عاصمة الجزيرة، باتجاه الجنوب. ويوجد في الحديقة حوض سباحة مساحته 10×32 قدماً، وبه سطح من الحجارة، ومقاعد مظللة، ومساحات لتناول الطعام، وأروقة مخصصة للاستلقاء من أجل حمام الشمس. كذلك يوجد مكانان في الخارج بكل منهما دش.
ويحيط بمنطقة حوض السباحة «الكثير من أشجار الفاكهة»، واللوز، والخوخ، والليمون، والبرتقال، واليوسفي، كما توضح فان كنيبنبيرغ التي تضيف قائلة: «يمكنك العيش هناك والاكتفاء بتناول طعامك من الحديقة».
وتشتهر جزيرة إبيزا، التي تقع بين الساحل الشرقي لإسبانيا وجزيرة مايوركا في البحر الأبيض المتوسط، بخلجانها المذهلة، وجبالها الخضراء، وشواطئها البيضاء، والقوارب، والمطاعم، والملاهي الليلية. يقع هذا العقار على بعد خمس دقائق فقط من سان أنطونيو، وثماني دقائق من قرية سان رافائيل، ونحو 15 دقيقة من بلدة إبيزا على الساحل الجنوبي الشرقي. وكذلك يبعد عن مطار إبيزا نحو 20 دقيقة فقط.

- نظرة عامة على السوق
كانت جزيرة إبيزا خلال العقد الماضي الجزيرة «ذات الأسعار الأكثر ارتفاعاً» بين الجزر، رغم أن مايوركا بها «أكبر عقارات» و«أكثرها فخامة»، على حد قول فيكتور فان دين درايسشه، مدير المبيعات وشريك في «برستيج بروبارتيس». وقد عزا ذلك إلى ازدياد شهرة إبيزا كمركز عالمي لحياة الليل والصخب، حيث أدى ذلك إلى انتشار المتاجر الفخمة، والمطاعم ذات النجوم الخمس، وزيادة رحلات الطيران المباشرة إليها من المدن الأوروبية الأخرى، وتجديد الكثير من الفيلات بها.
يتراوح سعر العقارات في السوق بين 250 ألفاً و300 ألف يورو (ما يتراوح بين 280 ألفاً و335 ألف دولار) للشقق الصغيرة وبين 700 ألف و800 ألف يورو (ما يتراوح بين 780 ألفاً و893 ألف دولار) للمنازل ونحو مليون يورو (1.1 مليون دولار) للفيلات المكونة من أربع أو خمس غرف نوم والتي تحتوي على حوض سباحة، على حد قول فان دين درايسشه. مع ذلك تتراوح الأسعار في «قلب» سوق العقارات الفاخرة بين 2 و4 ملايين يورو (ما يتراوح بين 2.2 مليون و4.5 مليون دولار)، على حد قول فان دين، مشيراً إلى أن أسعار «العقارات الخاصة جداً» تتراوح بين 10 و20 مليون يورو (ما يتراوح بين 11.2 و22.3 مليون دولار).
يتراوح سعر الوحدة في المجمع السكني الفاخر الجديد، الذي يضم 24 وحدة في «كالا فاديلا»، منتجع شاطئي على ساحل سان خوسيه، بين 380 ألفاً و775 ألف يورو (ما يتراوح بين 424 ألفاً و865 ألف دولار)، على حد قول ميريام دي بوير، مديرة التسويق لدى «فيفا سوثبيز إنترناشونال ريالتي».
وحافظت الأسعار على استقرارها بدرجة كبيرة جداً خلال العام الماضي، لكن في عام 2019 تراجع حجم المعاملات التجارية كما أوضح ماركوس فون بوسيه، مدير المشروعات في شركة «إنجيل آند فولكرز» في إبيزا. حدث ذلك نتيجة عدد من العوامل من بينها عدم استقرار التوقعات الاقتصادية في أوروبا وهو ما أسفر عن مخزون «أقل من المعتاد» و«عدم وجود صفقات جيدة» على حد قوله.
ويقول ماكسيم ريتيش، صاحب شركة «إبيزا ناو ريال ستيت»، إن «البائعين متمسكون بأسعارهم»، على الأقل حتى انتهاء فصل الصيف «عندما تنتهي الإيجارات» و«يصبحون أكثر ميلاً للبيع وأكثر انفتاحاً على التفاوض». وتضع «لوائح صارمة جديدة» في البلاد حدوداً لما يمكن بناؤه، كما يوضح فون بوسيه، حيث يوضح قائلاً إنه مع ازدهار السياحة وموسم الرواج، الذي يمتد من منتصف مايو (أيار) حتى منتصف سبتمبر (أيلول): «تكون هناك رغبة في حماية الطبيعة والحد من عدد العقارات الموجودة على الجزيرة». وينتظر الكثير من المشترين نتائج الانتخابات المحلية في جزر البليار، التي يتم خلالها التنافس على 59 مقعداً في البرلمان، حيث ستحدد النتائج ما إذا كان ستتم مواصلة حالة الوقف المؤقت لإصدار تصريحات بناء جديدة والتي وصلت إلى عامها الثاني، وما إذا كان سيتم تمديد العمل بقوانين الإيجار الصارمة أم إلغاؤها، على حد قول ريتيش.

- مَن يشتري في إبيزا؟
نحو 20% من المشترين على جزيرة إبيزا من أراضي إسبانيا الرئيسية، على حد قول وكلاء عقاريين، أما الباقي فمن دول أوروبية أخرى من بينها ألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، إلى جانب إنجلترا، وإسكندنافيا. وقد بدأ الوكلاء العقاريون يلاحظون وجود مشترين من الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، والصين، والشرق الأوسط أيضاً، كما أوضح فان دين درايسشه. ويبحث أكثر المشترين الأجانب عن منازل للعطلات كما يوضح فون بوسيه.
تقع المناطق الأكثر جذباً بالنسبة إلى المشترين الأجانب في الجنوب، حيث تقدم بلدة إبيزا فرص ترفيه وخيارات سفر كثيرة، وحيث يمكن الاستمتاع «بمشاهد الغروب الرائعة» على حد قول دي بوير. وتعد المناطق، التي يزداد الإقبال عليها، هي تلك القريبة من قلب تلك البلدة مثل منتجع «تالامانكا»، و«كاب مارتينت» التي تشهد تجمع ونشاط الأثرياء الاجتماعي، و«كان ريمباو» المكان المجاور الفخم لقرية جيسيز.

- المبادئ الأساسية للشراء
من الضروري تقديم رقم هوية أجنبية لشراء عقار في إسبانيا إذا لم تكن مواطناً إسبانياً. وتتراجع الضرائب على نقل الملكية في جزر البليار، حيث تتراوح بين 8% على العقارات المبيعة بسعر 400 ألف يورو (446 ألف دولار) وبين 11% على العقارات التي تزيد قيمتها على مليون يورو (1.1 مليون دولار)، على حد قول فان دين.
كذلك تخضع المنازل والشقق الجديدة لضريبة القيمة المضافة، التي تبلغ 10%، فضلاً عن ضريبة دمغة قدرها 1.2% من سعر البيع. عادةً لا تتجاوز تكاليف الموثّق (كاتب العدل)، التي يدفعها المشتري، ألفي يورو (2230 دولاراً). ويُنصح المشترون بالاستعانة بمحامٍ كتصرف احترازي، ويبلغ أجره نحو 1% فقط من سعر البيع. قروض الرهن العقاري متاحة للمشترين الأجانب، وتبلغ تكلفة عملية تقدير قيمة العقار، اللازمة للحصول على قرض، 500 يورو (560 دولاراً)، وهناك تكاليف أخرى مرتبطة بالحصول على قرض عقاري تبلغ قيمتها 1% من أصل القرض.
ويحصل المشترون الأجانب، الذين ينفقون 500 ألف يورو على الأقل (560 ألف دولار) في شراء منزل، على التأشيرة الذهبية التي تسمح لهم ولأسرهم بالإقامة والعمل في إسبانيا، على حد قول دي بوير.

- اللغات والعملة
الكاتالونية والإسبانية. اليورو (واحد يورو= 1.12 دولار).

- الضرائب والرسوم
تبلغ الضرائب العقارية السنوية على هذا المنزل 1200 يورو (1340 دولاراً).

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جرى توقيع المذكرة بحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل ووزير المالية محمد الجدعان وممثلي «السعودية لإعادة التمويل» وشركة «حصانة» (الشرق الأوسط)

«السعودية لإعادة التمويل العقاري» تُوقع مذكرة مع «حصانة» لتعزيز السيولة وتقديم فئة أصول جديدة

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية تهدف إلى تعميق وتوسيع نطاق أسواق المال بالمملكة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»