روحاني: إيران لن تشن حرباً على أي دولة

طهران أعلنت تفكيك «شبكة تجسس» أميركية جديدة

الرئيس الإيراني حسن روحاني (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني (رويترز)
TT

روحاني: إيران لن تشن حرباً على أي دولة

الرئيس الإيراني حسن روحاني (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني (رويترز)

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده لن تشن حربا على أي دولة، وذلك في أعقاب إعلان الولايات المتحدة نشر نحو ألف جندي إضافي في الشرق الأوسط.
وقال روحاني في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة اليوم (الثلاثاء): «إيران لن تشن حربا على أي دولة... من يواجهوننا مجموعة سياسيين محدودي الخبرة».
وكان القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان قد أعلن في الساعات الأولى من صباح اليوم عن نشر نحو ألف جندي إضافي في الشرق الأوسط لـ«أغراض دفاعية»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن الخطر المحتمل يأتي من إيران.
وقال شاناهان في بيان «الهجمات الإيرانية الأخيرة تؤكد صحة معلومات المخابرات الموثوقة التي تلقيناها بشأن السلوك العدواني للقوات الإيرانية والجماعات الوكيلة لها التي تهدد أفراد الجيش الأميركي والمصالح الأميركية في المنطقة».
وتأتي تصريحات روحاني غداة إعلان المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن احتياطات اليورانيوم المخصب لدى إيران ستتجاوز اعتباراً من 27 يونيو (حزيران) الحدود التي ينص عليها الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الموقع في 2015. مما قد يؤجج التوترات مع الولايات المتحدة على نحو أكبر.
وقال المتحدث باسم المنظمة بهروز كمالوندي، في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون الإيراني مباشرة: «اليوم بدأ العد العكسي لتجاوز الـ300 كيلوغرام لمخزونات اليورانيوم المخصب، وخلال 10 أيام، أي في 27 يونيو، سنتجاوز هذه الحدود». وأضاف: «قد نزيد تخصيب اليورانيوم لما يصل إلى 20 في المائة لاستخدامه في المفاعلات المحلية، وقد نصدر الماء الثقيل، وهذا لن يمثل انتهاكاً للاتفاق النووي». وتابع قائلاً: «لا يزال هناك وقت أمام الدول الأوروبية للمساعدة في حماية إيران من عقوبات أميركا، لكنها في حاجة للتحرك لا الكلام».
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض غاريت ماركيس، إن خطة إيران هي «ابتزاز نووي» ويجب مواجهتها بمزيد من الضغوط الدولية. ولفت إلى أن «خطط التخصيب الإيرانية ممكنة فقط لأن الاتفاق النووي المروع لم يؤثر على قدراتها. لقد أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه لن يسمح لإيران مطلقاً بتطوير أسلحة نووية. يجب أن يواجه الابتزاز النووي للنظام بضغوط دولية متزايدة».
إلى ذلك، أعلنت طهران اليوم أنها فككت «شبكة جديدة» من جواسيس يعملون لحساب الولايات المتحدة كما أفادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (إرنا) التي وصفت العملية بانها «ضربة كبرى وواسعة النطاق» إلى واشنطن في فترة توتر بين البلدين.
وكتبت «إرنا» نقلا عن مصدر قالت إنه رئيس وحدة مكافحة التجسس في وزارة الاستخبارات «على أساس استخباراتنا الخاصة ومؤشرات جمعت من داخل أجهزة أميركية، عثرنا في الآونة الاخيرة على عملاء جدد جندهم الأميركيون وفككنا هذه الشبكة الجديدة».
وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قد أعلن أمس عن تفكيك «واحدة من أكثر الشبكات السايبرية تعقيدا» لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي أيه) بواسطة الأجهزة الإستخباراتية الإيرانية.
وأضاف شمخاني أنه من خلال تفكيك هذه الشبكة، تم القضاء تماما على جزء مهم من الطاقات العملياتية لـ«سي آي أيه» في الدول المستهدفة من قبل  الولايات المتحدة، حسبما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية. 
وأوضح شمخاني: «لقد سلمنا إلى شركائنا المعلومات المكتشفة حول هذه الشبكة التي كانت تنشط في بعض البلدان، ما أدى إلى كشفها وانهيار شبكة قادة  المخابرات في (سي آي أيه) واعتقال عدد من الجواسيس ومعاقبتهم في بلدان متعددة».
وزاد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ أكثر من عام بعدما أعلن ترمب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية في عام 2015 واعتزامه إعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران.
والاتفاق النووي، المبرم في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، يشترط على إيران كبح قدراتها لتخصيب اليورانيوم، ويضع حدا لمخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب.
وتصاعدت التوترات الأميركية - الإيرانية بشكل أكبر بعد اتهام إدارة ترمب لطهران يوم الخميس الماضي بمهاجمة ناقلتي نفط في خليج عمان الحيوي في شحن النفط. ونفت إيران ضلوعها في الهجوم.
 



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».