اليمن يكشف تورط الانقلابيين في التهريب مستغلين غطاء منظمة إنسانية أممية

TT

اليمن يكشف تورط الانقلابيين في التهريب مستغلين غطاء منظمة إنسانية أممية

يستمر الحوثيون في الاستثمار في الأزمة الإنسانية باليمن، عبر تورطهم في عمليات تهريب تحت غطاء برنامج الأغذية العالمي.
ودخلت سفينة تحمل آلاف الأطنان من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة في الآونة الأخيرة، على أنها مخصصة للإغاثة، ليتبين لاحقاً أنها السفينة ذاتها التي ادعت أنها تجارية، ورفضت لجنة حكومية يمنية دخولها في وقت سابق لعدم وضوح مصدرها، وعدم استكمالها المتطلبات.
ويسيطر الحوثيون على ميناء الحديدة، ما يزيد الشبهات حول مصير الشحنة التي يدعي برنامج الأغذية العالمي أنها مخصصة لتشغيل مطاحن القمح المخصص للإغاثة، في حين تؤكد اللجنة الاقتصادية التابعة للحكومة اليمنية أن المطاحن لا تحتاج تلك الكمية الكبيرة من النفط. وطالبت اللجنة الاقتصادية أمس برنامج الأغذية العالمي والأمم المتحدة بفتح تحقيق وتقديم توضيح حول السفينة التي تقدمت في البداية للجنة بطلب منحها إذن دخول على أنها تجارية تحمل شحنة مشتقات نفطية، وبعد رفض دخولها لعدم استيفائها المتطلبات والأوراق وعدم وضوح مصدر شحنتها، أرسل برنامج الأغذية العالمي رسالة رسمية إلى خلية الإجلاء والقوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، يطلب الإذن بدخولها بدعوى أن شحنتها من الديزل التي تزيد عن 24 ألف طن تعد إغاثية، وهو ما لم يذكر في الطلب الأول للدخول.
وبعد نحو 50 يوماً من طلب التوضيح، أرسل برنامج الأغذية العالمي أول من أمس رسالة، تفيد بأن شحنة الديزل إغاثية أرسلت على متن سفينة تجارية لتشغيل مطاحن القمح المخصصة للإغاثة، بينما أكدت اللجنة الاقتصادية أن كمية الديزل على متن السفينة التجارية تكفي لتشغيل المناطق غير المحررة كافة، لمدة لا تقل عن 10 أيام، وليست لتشغيل مطاحن تطحن بضع أطنان من القمح المخصص للإغاثة.
ولضبط مثل هذه العمليات، أقرت اللجنة الاقتصادية بالتعاون مع قوات تحالف دعم الشرعية، إخضاع جميع السفن بما فيها الإغاثية لإجراءات قرار الحكومة رقم 75 وآليته التنفيذية المعتمدة، لضبط وتنظيم تجارة المشتقات النفطية. وأكدت استمرارها في تطبيق قراراتها بإيقاف نشاط التاجر المسؤول عن هذه الشحنة النفطية المشبوهة.
وعن تفاصيل سفينة المشتقات النفطية، قال الدكتور فارس الجعدبي، عضو اللجنة الاقتصادية رئيس المكتب الفني، لـ«الشرق الأوسط»: «ضمن إجراءات التفتيش التي تقوم بها اللجنة الاقتصادية للسفن التجارية لمنحها وثيقة الموافقة على شحن واستيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وفقاً للضوابط التي نص عليها قرار الحكومة 75 وآليته التنفيذية المعتمدة، رفضت اللجنة منح الإذن لإحدى السفن التجارية التي تحمل مشتقات نفطية، لعدم استيفاء طلباتها واكتمال أوراقها ووضوح مصادرها».
وأضاف أن اللجنة فوجئت بدخولها ميناء الحديدة وتفريغ شحنتها، وعلمنا أنها تمكنت من الدخول بعد إرسال رسالة بريد إلكتروني رسمي من برنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة لخلية الإجلاء والقوات المشتركة، يفيد بأن هذه السفينة تابعة لهم والمطالبة بدخولها، لأنها تحمل مشتقات نفطية إغاثية، ولأن هذا البرنامج في الأمم المتحدة يقوم بعمل إنساني فإن خلية الإجلاء والقوات المشتركة منحت السفينة إذن الدخول، كونهم يمنحون السفن الإغاثية أولوية إذن الدخول للميناء.
وتابع الجعدبي: «تحققنا بعد دخول هذه السفينة لميناء الحديدة وتفريغ شحنتها، من أنها السفينة التجارية التي منعنا دخولها لعدم اكتمال أوراقها ووضوح مصدرها، وهي واحدة من السفينتين التجاريتين المشبوهتين، وقد زج بها الحوثيون لتجار المشتقات النفطية لإدخالها دون أي تصريح في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي من العام الحالي، وعند رفضنا منحها الإذن تم إرسال بريد إلكتروني رسمي من برنامج الغذاء العالمي لخلية الإجلاء والقوات المشتركة، تفيد بأن الشحنة التي على متنها إغاثية تابعة لهم، وهو ما لم يذكر في بداية طلب اللجنة الأوراق الخاصة لتوضيح مصدر هذه الشحنة، وتم إعطاؤها إذن الدخول».
وبيّن أن برنامج الأغذية العالمي أرسل رده أول من أمس، بناء على طلب اللجنة توضيح ما جرى، لافتاً إلى أن جزءاً من مادة الديزل التي حملتها السفينة يستخدم لطحن بعض الحبوب المخصصة لأعمال الإغاثة، ولكن الحقيقة أن السفينة حملت ما لا يقل عن 24 ألف طن من مادة الديزل، وبالتالي جاء رد البرنامج غير مقنع لهذه الحادثة، مشيراً إلى أن البرنامج أكد في رده التزامه في المرات القادمة بكل قرارات الحكومة وضوابطها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».