بريطانيا {شبة متأكدة} من مسؤولية إيران

تباين أوروبي حول هجوم الناقلتين وبكين تدعو إلى ضبط النفس وموسكو ترفض «النتائج المتسرعة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصیني شي جينبينغ والإيراني حسن روحاني على هامش قمة شنغهاي في قرغيزستان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصیني شي جينبينغ والإيراني حسن روحاني على هامش قمة شنغهاي في قرغيزستان أمس (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا {شبة متأكدة} من مسؤولية إيران

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصیني شي جينبينغ والإيراني حسن روحاني على هامش قمة شنغهاي في قرغيزستان أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصیني شي جينبينغ والإيراني حسن روحاني على هامش قمة شنغهاي في قرغيزستان أمس (أ.ف.ب)

تباينت المواقف الدولية أمس حول اتهام إيران، غداة الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان. وأعلنت بريطانيا أمس أنها {شبه متأكدة} من مسؤولية إيران عن الهجوم الجديد، فيما قالت ألمانيا، على لسان وزير خارجية هايكو ماس، إن شريط فيديو وزعته الولايات المتحدة ويظهر سحب زورق للحرس الثوري لغماً غير منفجر بجانب ناقلة نفط {ليس كافياً لاتهام إيران».
وقال الاتحاد الأوروبي إنه يجمع المعلومات «ونقيم الموقف»، نافياً أن يكون ذلك عدم اتفاق مع التحليل الأميركي، وفيما دفعت الصين باتجاه ضبط النفس، تحفظت موسكو على النتائج المتسرعة.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان أمس، إن التقييم الذي أجرته المملكة المتحدة للهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان أظهر بشكل «شبه مؤكد» مسؤولية فرع من فروع الجيش الإيراني. وتابعت: «ليست هناك دولة أخرى أو طرف آخر يمكن أن يكون مسؤولاً عن الهجمات على الناقلتين».
وعلّق وزير الخارجية جيريمي هانت بالقول إن الهجمات الأخيرة تُظهر قيام إيران بتصرفات مزعزعة للاستقرار و«تشكل تهديداً خطيراً على المنطقة». وتابع: «ندعو إيران إلى الكف فوراً عن كل الأنشطة المزعزعة للاستقرار».
وبعكس لندن التي تبنت الموقف الأميركي الذي عبر عنه الرئيس دونالد ترمب ووزير الخارجية مايك بومبيو، والذي يتهم إيران بالمسؤولية عن استهدف الناقلتين، بقيت باريس على حذرها وامتناعها عن تحميل المسؤولية لأي جهة كانت. لكنها بالمقابل، ووفق ما جاء في المؤتمر الصحافي الإلكتروني للناطقة باسم الخارجية، عبرت عن «قلقها الشديد» للهجوم وعن «إدانتها» له، من غير أن تصل إلى وصفه بالعمل الإرهابي. وبحسب ما كان متوقعا، فإن فرنسا تعتبر أن الهجوم «يساهم في زيادة نسبة التوتر المرتفعة أصلا في المنطقة». ويبدو أن باريس تريد الحصول بوسائلها الخاصة ومن خلال تواصلها مع «شركائها الأساسيين» على المعلومات التي تحتاجها. من هنا يأتي اعتبارها أنه «من الضروري والملح» إلقاء «كافة الأضواء» على هذه الأحداث. وعادت باريس لتؤكد مجددا تمسكها بالأمن والاستقرار الإقليميين وبحرية الملاحة الواجب المحافظة عليها. وامتدادا لردة فعلها الأولى، فقد دعت الخارجية مجددا «كافة الأطراف المعنية» إلى «ضبط النفس» و«خفض التصعيد».
من جانبه، دعا الاتحاد الأوروبي، أمس، لليوم الثاني على التوالي، إلى الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، وسط تزايد التوتر بشأن اتهامات الولايات المتحدة لإيران بالمسؤولية عن الهجوم. وكانت متحدثة باسم منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، دعت أول من أمس إلى «تفادي الاستفزازات» بالمنطقة، وقالت: «نقوم بجمع المعلومات عن هذا الحادث».
وأفادت «رويترز» عن متحدثة باسم الاتحاد: «نجمع مزيداً من المعلومات ونقيم الموقف». وأضافت: «قلنا مراراً إن المنطقة لا تحتاج لمزيد من التصعيد. لا تحتاج زعزعة الاستقرار. لا تحتاج مزيداً من التوتر، وبالتالي ندعو إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب الاستفزازات».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يتفق مع التحليل الأميركي للوضع، ذكر المسؤول أن هذا استنتاج خاطئ، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وردّ المسؤول بالقول: «يعني هذا أننا نجري تقييماً للوضع، ولا يعني إذا ما كنا مقتنعين أم غير مقتنعين. إنه وضع معقد، نحن بحاجة للحصول على جميع المعلومات اللازمة».
ومن جانبه، علّق وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على مقطع فيديو نشرته الولايات المتحدة، يُظهر قارباً لقوات «الحرس الثوري»، في اتهام مباشر لإيران بالوقوف وراء الهجوم. لكن ماس قال: «لا يكفي لإثبات أن إيران تقف وراء الهجوم».
وأوضح ماس للصحافيين، خلال زيارة لأوسلو: «مقطع الفيديو لا يكفي. نستطيع أن نفهم ما يعرض بالطبع، لكن بالنسبة لي هذا لا يكفي لوضع تقييم نهائي».
وكان ماس زار طهران الاثنين الماضي خلال جولة إقليمية، ودعا المسؤولين الإيرانيين إلى تجنب التصعيد وخفض التوتر. وأثارت مواقفه من البرنامج الصاروخي غضباً في وسائل الإعلام الإيرانية، ورسمت صحيفة «جوان» المنبر الإعلامي لـ«الحرس الثوري» رسم كاريكاتير على صفحتها الأولى، يُظهر ماس، وهو يؤدي التحية النازية، وعلى يده رموز نازية، كما أظهرت ربطة العنق بشكل العلم الأميركي، وعلى وجهه رموز إسرائيلية.
ومن جانبه، قال متحدث باسم اتحاد الملاحة البحرية الألمانية: «إذا لم تضمن الدول الآن حماية السفن التجارية في مضيق هرمز عبر الوسائل الدبلوماسية، حتى العسكرية، فإن ذلك ستكون له عواقب محتملة، ليس فقط على السفن الألمانية، قد تصل إلى تغيير مسار حركة مرور السفن».
وقال مارك هاوبتمان، العضو في البرلمان الألماني: «إيران ليست شريكة للاتحاد الأوروبي ولا الغرب. فالهجمات الأخيرة في خليج عمان ودعم الحوثيين في اليمن في هجومهم على المملكة العربية السعودية وكذلك التمويل الإرهابي لكل من حماس و(حزب الله) يثبت ذلك».
أما نيكولاس لوبل العضو أيضاً في البرلمان الألماني فقال: «ندين الهجوم الذي شنه المتمردون الحوثيون على المطار الإقليمي في أبها السعودية بأقوى العبارات. نريد السلام في اليمن، ولكن هذا يقوض أي جهود للسلام مع الحوثيين. نحن نفكر في الضحايا!».
بدورها، دعت بكين إلى ضبط النفس بعد الهجوم، وقالت وزارة الخارجية الصينية إنه لا أحد يريد حرباً في خليج عُمان، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس بعد الهجوم على ناقلتين للنفط في تلك المياه، وحثّت على الحوار لحلّ الخلافات.
وقال قنغ شوانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن الصين تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوتر. وقال في إفادة صحافية دورية في بكين: «لا أحد يريد حرباً في الخليج. هذا ليس في مصلحة أحد». وأضاف أن الصين تأمل أن تتمكن الأطراف كافة من حلّ الخلافات عبر الحوار.
ومضى قائلاً: «نأمل أن تلتزم الأطراف المعنية كافة بالهدوء، وأن تمارس ضبط النفس، وتتجنب حدوث مزيد من تصعيد التوتر، ونأمل أن تتمكن جميع الأطراف من الحفاظ على أمن الملاحة في المياه المذكورة، وكذلك السلام والاستقرار في المنطقة».
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مشاركته في اجتماع رؤساء الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون الذي يعقد في العاصمة القرغيزية بشكيك، إن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة وأن يقوض نظام منع الانتشار النووي.
وأوردت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية أن بوتين أعلن أن روسيا «ستسعى جاهدة لقيام المشاركين في الاتفاق النووي بتحقيق جميع الالتزامات التي تم التعهد بها». وقال: «نعتبر هذه الطريقة هي الطريقة المنطقية والصحيحة الوحيدة».
وفي الاتجاه نفسه، دعت روسيا أيضاً إلى «ضبط النفس» و«عدم استخلاص نتائج متسرعة» بعد الهجمات في بحر عمان. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان: «ندين بشدة هذه الهجمات، بغضّ النظر عن المسؤول عنها. لكن من الضروري الامتناع عن استخلاص نتائج متسرعة»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع بيان الخارجية الروسية: «من غير المقبول اتهام أي جهة بأنها على علاقة بهذا الحادث حتى يتم الانتهاء من تحقيق دولي شامل وحيادي»، مشيرة إلى «القلق» حيال التوتر في بحر عمان. وأضافت: «نشهد تصعيداً مصطنعاً للتوتر، وذلك مردّه إلى حدّ كبير سياسات الولايات المتحدة التي ترتاب بإيران»، ودعت جميع الأطراف إلى «ضبط النفس».
من جهته، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى إجراء «تحقيق جاد» حول التوترات والأحداث الأخيرة التي وقعت في خليج عُمان، محذرا من أخذ التطورات مسارا آخر في المنطقة.
وأشار إلى أن الهجمات على ناقلتي نفط في الخليج، أول من أمس، مثيرة للقلق بشكل كبير، وأنها أدت إلى تصعيد في المنطقة، قائلا: «نعتقد أن الإسراع بمحاولة تحميل المسؤولية لدولة (في إشارة إلى إيران) ليس مفيدا، وينبغي لنا التحقيق في الهجمات ومعرفة أسبابها».



إيران تعلن تفكيك شبكة تجسس تديرها الولايات المتحدة وإسرائيل

صورة عامة للعاصمة طهران (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة طهران (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعلن تفكيك شبكة تجسس تديرها الولايات المتحدة وإسرائيل

صورة عامة للعاصمة طهران (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة طهران (أرشيفية - رويترز)

أعلنت إيران، اليوم الثلاثاء، أنها فككت شبكة تجسس قالت إنها تدار من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، وذلك بعد أشهر من الحرب التي استمرت 12 يوماً بين طهران والدولة العبرية.

وقال جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني في بيان نقله التلفزيون الرسمي، إنه تم «كشف وتفكيك خلية مناوئة للأمن الوطني في إيران، كانت تنشط بتوجيه من أجهزة التجسس الأميركية والإسرائيلية».

وأشار البيان إلى أن «العملية نُفذت بشكل منسق في عدد من المحافظات»، من دون أن يورد تفاصيل بشأن زمان ومكان مواقع العمليات أو عدد الموقوفين.

وكانت إسرائيل قد شنت في يونيو (حزيران) ضربات غير مسبوقة ضد إيران، أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص بينهم ضباط كبار وعلماء نوويون، فيما ردّت طهران بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة على الدولة العبرية أوقعت أكثر من 25 قتيلاً.

كما نفذت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، غارات على منشآت نووية إيرانية في أعقاب التصعيد.

ويسود وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل منذ 24 يونيو.

وخلال الأشهر الأخيرة، أعلنت السلطات الإيرانية عدة اعتقالات بتهم التجسس، إلى جانب إعدامات لأشخاص أُدينوا بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي.

وأقرت إيران في أكتوبر (تشرين الأول) قانوناً يشدد العقوبات على المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل أو الولايات المتحدة، اللتين تعتبرهما عدويها منذ أكثر من أربعة عقود.


مجموعة العمل المشتركة بين مصر وتركيا تجتمع للمرة الأولى في أنقرة

لقاء وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري بدر عبد العاطي في أنقرة في 4 فبراير الماضي (الخارجية التركية)
لقاء وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري بدر عبد العاطي في أنقرة في 4 فبراير الماضي (الخارجية التركية)
TT

مجموعة العمل المشتركة بين مصر وتركيا تجتمع للمرة الأولى في أنقرة

لقاء وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري بدر عبد العاطي في أنقرة في 4 فبراير الماضي (الخارجية التركية)
لقاء وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري بدر عبد العاطي في أنقرة في 4 فبراير الماضي (الخارجية التركية)

تعقد مجموعة التخطيط المشتركة التركية - المصرية اجتماعها الأول في أنقرة، الأربعاء، برئاسة وزيري خارجية البلدين هاكان فيدان وبدر عبد العاطي.

سيتناول الاجتماع مختلف جوانب العلاقات المصرية - التركية إلى جانب القضايا والملفات الإقليمية والدولية، في مقدمتها الوضع في غزة ومراحل تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، وملفات سوريا والسودان وليبيا.

وأُعلن عن تأسيس مجموعة التخطيط المشتركة بين مصر وتركيا في ختام زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للقاهرة في 14 فبراير (شباط) 2024، التي جاءت بعد توتر بين البلدين استمر أكثر من 10 سنوات بسبب موقف أنقرة من الإطاحة بحكم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر.

وجاء ذلك خلال بيان مشترك صدر عقب مباحثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع إردوغان، أُعلن فيه عن إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

تعاون متنام

برئاسة رئيسي البلدين، عُقد أول اجتماع للمجلس خلال الزيارة التي قام بها السيسي إلى أنقرة في 4 سبتمبر (أيلول) 2024 إلى أنقرة رداً على زيارة إردوغان. وشهد اللقاء توقيع العديد من مذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتجارية، فضلاً عن التعاون في مجالات النقل والطاقة والإعلام.

شهد الرئيسان المصري والتركي توقيع مذكرات تفاهم وبرتوكولات تعاون بين البلدين في أول اجتماع للمجلس الاستراتيجي في 4 سبتمبر 2024 (الرئاسة التركية)

وحسب ما ذكرت مصادر في وزارة الخارجية التركية، الثلاثاء، سيشارك في اجتماع مجموعة العمل المشتركة الأول مسؤولون من المؤسسات المعنية، حيث ستتم مراجعة الاتفاقيات التي لا تزال قيد التفاوض بين أنقرة والقاهرة، إلى جانب العلاقات الثنائية بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.

وستُناقش خلال الاجتماع التحضيرات لعقد الاجتماع الثاني لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، المزمع عقده في القاهرة برئاسة السيسي وإردوغان.

وقالت المصادر التركية إن من المتوقع أن يؤكد فيدان على ضرورة تعزيز التعاون بين تركيا ومصر في العديد من المجالات، منها الصناعات الدفاعية والنقل والربط الإقليمي والطاقة، إضافةً إلى تشجيع الاستثمارات المتبادلة، وذلك في إطار الهدف المشترك برفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار.

قضايا إقليمية

بالنسبة للقضايا الإقليمية، قالت المصادر إن قضية غزة ستكون مطروحة على طاولة المباحثات بين فيدان وعبد العاطي، حيث سيبحثان تطورات اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، مع التأكيد على أهمية تنفيذه بشكل كامل، إلى جانب مناقشة مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.

عبد العاطي وفيدان خلال مباحثات في القاهرة العام الماضي (أرشيفية - الخارجية التركية)

وأضافت أن فيدان سيشدد على أن الجانب الفلسطيني يلتزم ببنود وقف إطلاق النار ويدير العملية بمسؤولية رغم الانتهاكات الإسرائيلية، وسيدعو المجتمع الدولي إلى دعم الجهود الرامية لإعادة إعمار غزة مع التأكيد على استعداد تركيا لتقديم مساهمتها في عملية الإعمار.

وسيتبادل الوزيران، حسب المصادر، الآراء حول الجهود والاتصالات الرامية لتحقيق الاستقرار الدائم في سوريا، مع التركيز على الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.

كما سيتم التأكيد على الإرادة المشتركة بين أنقرة والقاهرة لترسيخ الاستقرار والأمن في ليبيا، وسيعبر فيدان عن ارتياحه لمستوى المشاورات والتنسيق المستمر بين البلدين في هذا الإطار. كما سيبحث الجانبان سبل مساهمة تركيا ومصر في جعل منطقة شرق البحر المتوسط ساحة يسودها السلام والازدهار والاستقرار.

وسيتناول الوزيران كذلك التطورات في السودان، حيث من المنتظر أن يعبّر فيدان عن قلق أنقرة إزاء استمرار الصراع في البلد الأفريقي، مع تأكيده على الدعم الواضح الذي تقدمه تركيا لوحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادته، وسيجدد التأكيد على أهمية الحوار كوسيلة للتوصل إلى حل سلمي للصراع الدائر.

تشاور مستمر

يشهد التنسيق بين أنقرة والقاهرة حول مختلف قضايا المنطقة زخماً كبيراً، ويُجري وزيرا خارجية البلدين مشاورات مستمرة حول مختلف التطورات في المنطقة؛ وقد أجريا اتصالاً هاتفياً بعد اجتماع استضافته تركيا حول غزة بمشاركة عدد من وزراء خارجية دول إسلامية.

فيدان وعبد العاطي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة في فبراير الماضي (الخارجية التركية)

وزار عبد العاطي أنقرة في 4 فبراير (شباط) الماضي، فيما كانت آخر زيارة لفيدان إلى القاهرة في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في إطار مشاركته بقمة شرم الشيخ الدولية حول غزة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يواصل البلدان خطواتهما لتوسيع التعاون في هذا المجال، ووصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 8.8 مليار دولار في عام 2024، وحافظت مصر على مكانتها أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الأفريقية. وارتفعت قيمة الاستثمارات التركية في مصر إلى 4 مليارات دولار.


الدور الأميركي المتزايد في غزة يعزز قلق الإسرائيليين

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)
نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)
TT

الدور الأميركي المتزايد في غزة يعزز قلق الإسرائيليين

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)
نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)

يثير التدخل الأميركي المتزايد في قطاع غزة قلقاً إسرائيلياً متزايداً، وأبدت مصادر أمنية إسرائيلية، قلقاً من اعتزام واشنطن إنشاء قاعدة عسكرية ضخمة في القطاع؛ ما يشير في تقديرهم إلى «إصرار غير مسبوق على التدخل في غزة، وفي الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني».

وبحسب المصادر التي نقلت عنها صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن ذلك «يغير خريطة النفوذ بعدما بذلت إسرائيل منذ حرب عام 1967 كل ما بوسعها للحد من التدخل الدولي في الأراضي الفلسطينية».

وحتى وقت قريب، كان الوجود العسكري الأميركي في إسرائيل محدوداً للغاية، وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، أرسلت الولايات المتحدة نحو 200 جندي إلى إسرائيل، ويعملون حالياً من مركز قيادة أميركي في كريات غات جنوب إسرائيل.

وإضافة إلى ذلك نشرت الولايات المتحدة بطارية صواريخ «ثاد» خلال الحرب للمساعدة في اعتراض الصواريخ الإيرانية.

جنود أميركيون يستمعون لنائب الرئيس جي دي فانس وهو يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)

وقالت يديعوت إن القاعدة المُخطط لها تنضم إلى التحركات الأميركية التي قلصت بالفعل من حرية عمل إسرائيل في القطاع، خاصةً فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتي استخدمتها إسرائيل وسيلة للضغط على «حماس». ووفقاً لمصادر إسرائيلية، من المتوقع أن يتولى مركز القيادة الأميركي في كريات غات السيطرة الكاملة على توزيع المساعدات الإنسانية، تاركاً لإسرائيل دوراً هامشياً فقط في تنسيق عمل الحكومة في المناطق.

تغيير وضع إسرائيل

قال الدكتور مايكل ميلستين، الباحث البارز في مركز ديان في جامعة تل أبيب والرئيس السابق لقسم الشؤون الفلسطينية في جهاز الاستخبارات العسكرية، لصحيفة «الغارديان»: «سيكون مركز التنسيق العسكري في كريات غات مسؤولاً عن معظم النشاط في غزة، وسوف يتغير وضع إسرائيل بوصفها اللاعب الرئيسي في القطاع».

ويعزز كل ذلك الاتهامات المتزايدة في إسرائيل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو منذ وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن، والتي تستند إلى أن الأميركيين أخذوا زمام المبادرة في غزة من إسرائيل.

واضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدفاع عن نفسه وعلاقته بالولايات المتحدة، عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، بعد اتهامات إسرائيلية أن الولايات المتحدة رسخت هيمنتها على إسرائيل بجسر جوي سياسي من المسؤولين الكبار، ومقر عسكري في الجنوب يراقب غزة دقيقة بدقيقة، وطائرات أميركية مسيرة في القطاع، وقد منعوا (الأميركيون) نتنياهو وحكومته، من اتخاذ خطوات ضد «حماس» أو تنفيذ هجمات أو حتى فرض عقوبات، وتدخلوا في عملية البحث عن الجثامين، وأدخلوا فرقاً أجنبية من الخارج رغم رفض إسرائيل القاطع بداية، ويريدون إخراج عناصر «حماس» أحياء من رفح، ويقررون عملياً طبيعة المرحلة المقبلة، ومن سيحكم القطاع، ومن سيشارك في القوات الدولية.

ويقول كثير من الإسرائيليين بينهم سياسيون وكتاب ومحللون إن الولايات الولايات المتحدة أخذت المبادرة في قطاع غزة، وأصبحت تقرر في الشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلية بشكل صارخ ما حوَّل إسرائيل إلى «محمية» أميركية فعلاً.

وكتب المحللون الإسرائيليون عن «رعاية بيبي (بنيامين نتنياهو)» و«جهة واحدة تقرر» وتدويل الصراع و«الحراسة الأميركية اللصيقة».

وتعزز كل ذلك مع تقرير عن خطط للولايات المتحدة الأميركية لإقامة قاعدة عسكرية بقيمة 500 مليون دولار قرب حدود غزة، لدعم وقف إطلاق النار.

وأفاد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، الثلاثاء، بأن القاعدة الأميركية المخطط لها على طول حدود غزة، ستضم عدة آلاف من الجنود المكلفين بالحفاظ على وقف إطلاق النار.

وقدَّر المسؤولون ميزانية المشروع بنحو 500 مليون دولار. وفي الأسابيع الأخيرة، طرح المسؤولون الأميركيون هذا الاقتراح في مناقشات مع الحكومة الإسرائيلية وجيش الدفاع الإسرائيلي، وبدأوا بمسح المواقع المحتملة في محيط غزة.

وعقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في مدينة شرم الشيخ المصرية، تم نشر نحو 200 جندي أميركي في إسرائيل، انطلاقاً من مركز التنسيق العسكري المركزي الأميركي في كريات غات، لكن الولايات المتحدة شددت أنها لن تشارك بإرسال جنود إلى القطاع.