توقعات بإزاحة «أبل» الستار عن ساعة ذكية بالإضافة إلى «آيفون 6»

إضافة خدمة التنبيهات الأمنية لمستخدمي «آي كلاود»

توقعات بإزاحة «أبل» الستار عن ساعة ذكية بالإضافة إلى «آيفون 6»
TT

توقعات بإزاحة «أبل» الستار عن ساعة ذكية بالإضافة إلى «آيفون 6»

توقعات بإزاحة «أبل» الستار عن ساعة ذكية بالإضافة إلى «آيفون 6»

لاحظ متابعو قطاع التكنولوجيا أن شركة أبل للكومبيوتر، التي ستعقد مؤتمرا صحافيا يوم الثلاثاء للإعلان عن منتجات جديدة، أنها وجهت الدعوة لعدد كبير من محرري شؤون الموضة والمدونين، مما يضيف دليلا جديدا على أن الشركة المنتجة للهاتف الجوال «آيفون» تعد العدة لإزاحة الستار عن ساعة ذكية، بالإضافة إلى «آيفون 6».
وتعكف شركة أبل على إقامة علاقات وثيقة مع عالم الموضة، وهي تخطط كي تغزو الميدان الخصب الخاص بالتقنيات التي يمكن ارتداؤها، في محاولة منها لحشد جمهور يمثل عنصرا حاسما في إنجاح فكرة الأدوات القابلة للارتداء.
وتجدر الإشارة إلى أن الساعة الذكية - إذا ما صحت التوقعات - هي أول منتج جديد لتيم كوك، الرئيس التنفيذي لـ«أبل»، منذ أن تسلم إدارة الشركة من الشريك المؤسس الراحل ستيف جوبز. وقال عدد كبير من رؤساء تحرير وسائل إعلامية في مجال شؤون الموضة لـ«رويترز»، إنهم تلقوا لأول مرة دعوات للحفل السنوي الذي يقام في التاسع من سبتمبر (أيلول) لإطلاق المنتجات الجديدة وقالوا إنه يمثل تأكيدا لانطلاق الساعة الذكية الجديدة.
إلا أن «أبل»، التي تتسم بالسرية الشديدة بالنسبة لمنتجاتها الجديدة امتنعت عن التعليق.
وكانت شركة أبل، المنتجة لـ«آيفون»، التي تشتهر بمنتجاتها الأنيقة تقدمت بمفاتحات من قبل لصحافة الموضة. وقال محرران في مجال صحافة الموض،ة إن الشركة تحبذ إقامة مهرجان منفصل في نيويورك يلتقي فيه رؤساء التحرير مع فريق الإنتاج لمعاينة المنتجات.
وكانت شركة أبل أعلنت منذ عدة أشهر أنها تستعد لبيع أول ساعات ذكية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في حين تهدف الشركة إلى إنتاج ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين ساعة ذكية شهريا مبدئيا.
وقالت مصادر بالصناعة، إنه ما زال يجري وضع اللمسات الأخيرة على مواصفات هذه الأجهزة، التي من المرجح أن تتضمن أجهزة استشعار تجمع بيانات صحية، ابتداء من مستوى السكر في الدم وحجم استهلاك السعرات الحرارية إلى النشاط خلال النوم.
إلا أن مستخدمي «أبل» ومحبي التكنولوجيا يتوقعون أن يروا أحدث هاتف ذكي (آيفون 6) للشركة العملاقة الأسبوع المقبل.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبيرغ» الاقتصادية، أن من بين إمكانات النسخة الجديدة من الهاتف إمكانية دفع ثمن السلع والخدمات باستخدام تطبيق «آي تيونز»، فضلا عن أن «أبل» قد تعلن عقد اتفاقات مع عدد من شركات بطاقات الائتمان مثل «فيزا» و«ماستر كارد» و«أميركان إكسبريس».
وكانت الشركة أصدرت دعوة في 28 أغسطس (آب) تؤكد فيها موعد ومكان الحدث الإعلامي: مركز فلنت للفنون المسرحية في المدينة التي يقع فيها مقر الشركة، كوبرتينو بولاية كاليفورنيا.
وتجدر الإشارة إلى أن مركز فلنت هو المركز الذي أعلن منه ستيف جوبز ظهور الكومبيوتر الشخصي للمرة الأولى، وهو الأمر الذي أحدث ثورة في مجال التقنية آنذاك، مما يشير إلى أن الشركة اختارت المكان نفسه للإعلان عن منتج جديد.
وجاء في الدعوة: «كنا نتمنى أن يكون بإمكاننا أن نفصح عن أكثر من ذلك».
واستباقا لهذا الإعلان، بدأت الطوابير تتشكل يوم الأربعاء الماضي أمام المتجر الرئيس لـ«أبل» في شارع الجادة الخامسة بمدينة نيويورك، ونصب البعض الخيام في المناطق القريبة من المتجر أملا في أن يكونوا من أوائل من يقتنون هذا الهاتف الذكي الجديد الذي يتمتع بمزايا لا تتوافر في الهواتف الذكية الأخرى.
ورغم أن «أبل» تتكتم على ذلك، فإن معلومات تسربت تفيد بأن الـ«آيفون» الجديد سيطرح في المتاجر في موعد قريب من التاسع عشر من سبتمبر الحالي. ويوجد هناك حجمان مختلفان لهذا الهاتف الذكي؛ الحجم الأول بشاشة 4.7 بوصة والحجم الثاني بشاشة 5.5 بوصة.
وعلى صعيد آخر، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، أن «أبل» تعتزم اتخاذ خطوات إضافية لإبعاد القراصنة عن حسابات المستخدمين، وذلك في مواجهة فضيحة صور المشاهير الأخيرة، لكنها نفت أن يكون الافتقار إلى الأمن هو ما سمح للمتطفلين ببث صور عارية للمشاهير على الإنترنت.
وقال كوك إن «أبل» ستنبه المستخدمين، عبر رسائل البريد الإلكتروني والإشعارات، عندما يحاول شخص ما تغيير كلمة السر الخاصة بالحساب أو استعادة بيانات خدمة «آي كلاود» على جهاز جديد أو عند الدخول الجهاز إلى الحساب للمرة الأولى.
وتتحرك «أبل» سريعا لاستعادة الثقة بأنظمة الأمان في أجهزتها قبل إطلاق النسخة الجديدة من جهاز «آيفون» الأسبوع الحالي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)