إجازة الصيف تشهد طرح ألبومات جديدة لمطربين عرب

أصالة ورامي صبري وناصيف زيتون ومي كساب في المقدمة

غلاف ألبوم رامي صبري
غلاف ألبوم رامي صبري
TT

إجازة الصيف تشهد طرح ألبومات جديدة لمطربين عرب

غلاف ألبوم رامي صبري
غلاف ألبوم رامي صبري

يشهد موسم الصيف الحالي، انتعاشة لافتة في طرح ألبومات غنائية جديدة، وأغنيات سينغل، من النجوم والمطربين العرب، بعد فترة من التوقف، ولا سيما بعد انشغال المطربين في تسجيل تترات مسلسلات رمضان وبعض الأدعية الدينية في الفترة الماضية.
أول الألبومات الغنائية التي من المقرر طرحها خلال الفترة المقبلة، هو ألبوم الفنانة المصرية مي كساب، الذي سيحمل عنوان «أنا لسه هنا» والذي يعيدها للساحة الغنائية بعد فترة غياب دامت 4 سنوات.
تقول مي كساب لـ«الشرق الأوسط»: «طرحت بعض أغنيات ألبوم (أنا لسه هنا)، خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عبر إحدى شركات الاتصالات المصرية، بالإضافة إلى قناتي الرسمية بموقع (يوتيوب)، وخلال الأيام المقبلة سأقوم بإصدار كافة أغنيات الألبوم الـ11 في الأسواق».
وأضافت: «أتعاون في الألبوم الجديد مع مجموعة كبيرة من الشعراء والملحنين المصريين، من بينهم أمير طعيمة، ورامي جمال، ومدين، ومحمد يحيى، كما لحن لي زوجي اورتيغا أغنيات عدة، من بينها أغنية الألبوم (أنا لسه هنا)».
ولفتت: «أقدم في الألبوم أشكالاً مختلفة تماماً عما قدمته من قبل على مستوى الكلمات والألحان، كما أظهر بشكل جديد ومختلف في الكليبات».
أما الألبوم الثاني المنتظر طرحه خلال الأيام المقبلة، فهو ألبوم الفنان رامي صبري «فارق معاك»، الذي يعد أول تعاون بين المطرب وشركة «نجوم ريكوردز» المصرية بعد انتهاء تعاقده مع شركة «مزيكا».
يتحدث رامي عن تفاصيل الألبوم الجديد قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ألبومي الجديد سيحمل عنوان (فارق معاك)، وسيتم الترويج لأغنياته بطرح أغنية (أنا بابا) والتي أتعاون فيها مع الشاعرة هالة علي، والملحن عزيز الشافعي، والموزع جلال الحمداوي».
وأضاف: «الألبوم سيتضمن 12 أغنية، ولن تكون جميع الأغنيات من تلحيني، فهناك أغنيات من ألحان جلال الحمداوي، وعزيز الشافعي، كما أن أغنيات الألبوم تم تسجيلها في أهم استوديوهات الصوت في أوروبا». مشيراً إلى أن «إطلاق الألبوم سيشهد حملة ترويجية كبرى في البلدان العربية كافة، وعلى رأسها السعودية، كما قمت كذلك بتصوير بوستر الألبوم لدى المصور العالمي دان كيندي؛ لأن هذا الألبوم عمل استثنائي في حياتي».
في السياق نفسه، يسابق الفنان مصطفى قمر، الزمن من أجل إطلاق ألبومه الجديد الذي انتهى رسمياً من تسجيل ما يقرب من 90 في المائة من أغنياته، ويتعاون فيه مع عدد كبير من الشعراء من بينهم، تامر حسين، وحسن عطية، ومحمد عاطف، وأسامة مصطفى.
أما الفنانة السورية أصالة نصري، تستعد حالياً لطرح ألبومها الجديد، الذي لم يتم تحديد اسمه بعد، بالتعاون مع شركة روتانا، حيث طرحت أصالة أغنيتها الأولى منه «بنت أكابر»، وحققت نجاحاً كبيراً مع الجمهور، والذي تتعاون فيه مع نخبة من الشعراء المصريين أمثال أمير طعيمة، ومحمد أبو نعمة، والملحنين محمود الخيامي، وإيهاب عبد الواحد.
ويرى نقاد فنيون أن موسم الصيف الماضي كان أقوى من الموسم الحالي، حيث تنافس الموسم الماضي، كبار المطربين في العالم العربي، وشهد طرح مجموعة من الألبومات الغنائية القوية، أبرزها ألبوم عمرو دياب «كل حياتي» الذي تضمن أغنية «يتعلموا»، التي حازت إعجاب الكثيرين في الوطن العربي، بالإضافة إلى طرح ألبوم المطرب تامر حسني، «عيش بشوقك»، بجانب ألبوم المطربة اللبنانية إليسا «إلى كل اللي بيحبوني».
وعلى صعيد الألبومات السورية بموسم الصيف الحالي، انتهى الفنان ناصيف زيتون، من تسجيل أغنيات ألبومه الجديد الذي سيحمل اسمه «ناصيف 2019» وكشف عن تفاصيله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «انتهيت من ألبومي منذ فترة قصيرة، لكنني أحببت طرح أغنياته واحدة تلو الأخرى، حيث بدأت الألبوم بطرح أغنية (كرمال الله) ثم استكملته بأغنية (ما بظن)، ثم طرحت أغنية (أزمة ثقة)، تتر مسلسل (الهيبة) الجزء الثالث».
وأوضح: «خلال الأيام المقبلة سيتم طرح باقي أغنيات الألبوم تباعاً إلى أن يتم إطلاقه رسمياً في الأسواق العربية، كما أنني سأعمل خلال الفترة المقبلة على وضع اختيارات أمام جمهوري عبر صفحاتي الموثقة بمواقع التواصل الاجتماعي من أجل اختيار الأغنيات التي يحبذ تصويرها فيديو كليب».
أما على مستوى الأغنية الخليجية، فسيطرح الفنان السعودي الكبير عبادي الجوهر، «ميني ألبوم»، جديد يضم نحو 5 أغنيات، أبرزها أغنية من كلمات الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد، وسيكون العمل من إنتاج «روتانا»، وهو عمل مكمل للميني ألبوم الأخير الذي طرحه نهاية العام الماضي بعنوان «خلاص راجع».
وعلى مستوى الأغنيات السينغل، فسيشهد بداية موسم الصيف طرح عدد من الأغنيات، أبرزها أغنية سيتعاون فيها الفنان الكبير عمرو دياب مع الموزع حميد الشاعري، الذي كشف عنها خلال استضافته في برنامج «عايشة شو» دون ذكر تفاصيلها، كما سيطلق الفنان اللبناني راغب علامة أغنيته المصرية الجديدة «ملك الرومانسية»، التي سجلها خلال تواجده الأخير بالقاهرة، وهي باكورة أعماله الغنائية المصرية لهذا العام، وهي من كلمات ناصر الجيل، وألحان محمد ضياء الدين، وتوزيع باسم منير، وسيطرح المطرب المصري محمد قماح أغنية جديدة بعنوان «بسكوتة»، وهي من كلمات محمد سليمان، وتوزيع محمد قماح، وألحان إسلام عاطف.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)