إلامَ يحتاج اقتلاع إرهاب الميليشيات المدعومة من إيران؟

إلامَ يحتاج اقتلاع إرهاب الميليشيات المدعومة من إيران؟
TT

إلامَ يحتاج اقتلاع إرهاب الميليشيات المدعومة من إيران؟

إلامَ يحتاج اقتلاع إرهاب الميليشيات المدعومة من إيران؟

يطغى على الجماعة الحوثية الاعتقاد أنها يمكن من خلال تصعيدها العسكري والاستمرار في خدمة الأجندة الإيرانية أن تكسب المعركة في اليمن ليصبح منطلقا إيرانيا صريحا لتهديد السلام والأمن في المنطقة والعالم، وهو الاعتقاد الذي يجب أن تعيد الجماعة مراجعته جيدا، مهما تتراءى لها الشعور بالغطرسة عبر صواريخ إيران وطائراتها المسيرة.
ولعل التحول الخطير مع تكثيف الجماعة الحوثية لهجماتها الإرهابية على الأهداف والأعيان المدنية في السعودية، يقود إلى إدراك جلي لطبيعة تفكير الجماعة وسعيها إلى توسيع رقعة الحرب وإطالة أمدها والإعراض عن مسارات السلام وبما يضر بمصلحة اليمنيين وتدمير مقدراتهم.
وبينما يدرك تحالف دعم الشرعية في المقام الأول أن المعركة التي يقودها في اليمن بطلب من الحكومة الشرعية، لا يمكن لها أن تتوقف دون استعادة الدولة المختطفة في اليمن والقضاء على التهديد الإيراني القادم من جنوب الجزيرة العربية، بات من الواضح الآن أن الحسم العسكري هو الخيار الأمثل، بعد أن قطعت الجماعة الحوثية كل الطرق أمام تحكيم العقل وتغليب مصلحة اليمنيين وإنهاء الانقلاب.
ويتكهن كثير من المراقبين اليمنيين أن الاستهداف الأخير لمطار أبها الدولي بصاروخ حوثي إيراني الصنع من شأنه أن ينقل المعركة ضد الوجود الإيراني إلى طور آخر جديد، ربما ستتوقف على إثره المساعي الأممية في الحديدة كليا بعد أن ثبت استغلال الجماعة لهذه المساعي وللهدنة من أجل تعزيز قدراتها وتحويل المحافظة الساحلية إلى منطقة آمنة من استهداف الطيران لورشات تركيب الصواريخ المهربة وصناعة القذائف والألغام.
ويبدو أن تصريح المتحدث باسم الميليشيات الحوثية يحيى سريع بعملية الاستهداف لمطار أبها الدولي وهو على شواطئ الحديدة مؤشر خطير، على أن الجماعة باتت تتخذ من المحافظة وشواطئها ملاذا آمنا لتخزين الأسلحة وإعادة تركيبها قبل نقلها خلسة إلى مواقع الإطلاق.
وعلى الرغم من الرسائل التي تحاول الميليشيات الحوثية إيصالها من خلال هذه العمليات الإرهابية من قبيل أنها تأتي للضغط من أجل فتح مطار صنعاء لخدمة أهدافها الانقلابية، كما يردد ذلك المتحدث باسمها محمد فليتة، فإن الجميع يدرك أن الهدف الحقيقي ليس مطار صنعاء وإنما إيصال رسائل إيران الإرهابية إلى المنطقة ردا على العقوبات الأميركية والحراك السياسي الذي تقوده دول الخليج بقيادة السعودية ضد إرهاب طهران في المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى أغلب اليمنيين الآن أن الرد على الجماعة الحوثية يجب أن يكون قويا وحاسما، وأن المعركة يجب أن تنتقل إلى قلب صنعاء وليس لانتزاع الحديدة وحسب، وعدم التغاضي بعد الآن عن تحركات الميليشيات وقادتها واستعراضاتها العسكرية ومصادر تمويلها المختلفة.
ويعتقد مراقبون يمنيون أن استطالة أمد الحرب مع الجماعة الحوثية دون إعادة النظر في التكتيك القائم، سيجعل المجال واسعا أمام الميليشيات لاستقدام المزيد من الأسلحة الإيرانية المهربة عبر سواحل البحر الأحمر، كما سيعطي للخبراء الإيرانيين الوقت الكافي لإنتاج وتعديل المزيد من هذه الأسلحة.
ويرى الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل أنه بات الآن «لدى السعودية والتحالف مبررات قوية للرد على الحوثيين والتعاطي مع تصعيدهم»؛ ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الحوثيين يتجهون إلى تحويل الأراضي التي يسيطرون عليها في اليمن إلى قواعد إيرانية لاستهداف دول الجوار وابتزاز العالم بقدراتهم العسكرية التي يمكنها أن تؤذي مصالح الجميع في المنطقة وخصوصا البحر الأحمر».
ويقترح أن «يكون الرد عسكريا صارما وحاسما وعلى مختلف الجبهات، وأن تكون هذه العملية الإرهابية الحوثية مبررا لعودة الأعمال العسكرية في مختلف الجبهات المتوقفة؛ بما فيها جبهة الساحل الغربي حيث إن الحوثيين تنصلوا من تنفيذ اتفاق استوكهولم؛ واتخذوا الهدنة فرصة لإعادة موضعة وانتشار ميليشياتهم، وأيضا تطوير أسلحتهم الاستراتيجية بدعم وتمويل إيراني، وغطاء أممي وتوجيه صواريخهم وطائراتهم المسيرة لاستهداف منشآت حيوية في الأراضي السعودية، وقبل ذلك فتح جبهات جديدة داخل الأراضي اليمنية ومحاولة استعادة بعض المناطق التي كانوا قد طُردوا منها».
وعلى المنوال نفسه يعتقد الباحث اليمني الدكتور فارس البيل أن الرد «ينبغي أن يكون سياسيا وعسكريا» ويكون ذلك في الشق الأول «بكشف الغطاء عن ميليشيات الحوثي وربطها تماما بمشروع إيران، والعمل على تعديل هذه الحقيقة لدى الأطراف الدولية والرأي العام الدولي والمؤسسات والأنظمة المعنية».
ويشدد الدكتور البيل بالقول: «بات واضحا لدى المجتمع الدولي أن ميليشيات الحوثي ليست طرفا سياسيا يمنيا، كما أنها ليست طرفا في الصراع على السلطة في اليمن وبالتالي ليست في وارد الشراكة في مستقبل سياسي قادم وأنها ليست سوى آلة عسكرية بيد النظام الإيراني ولا تعنيها اليمن سوى كجغرافيا عسكرية ومورد حربي فقط».
ويعتقد البيل أن «الحلول والمبادرات الدولية التي تستهدف التوسط في المشكلة اليمنية بناء على أن الحوثي طرف يمني يمكن أن يفاوض، كل هذه الرؤى والحلول ليست واقعية ولن تتحقق وهي كمن يزرع في الهواء»، ويفترض أن تكون مسؤولية هذا الوعي على عاتق الحكومة ومؤسساتها والنخبة المثقفة اليمنية والأحزاب والمنظمات والناشطين، إذ لا ينبغي «أن نكون في كل هذا الدمار وأن نسمح للمفاهيم المغلوطة التي تريد أن تصور أن الصراع بين المملكة واليمن وتناسي أن إيران هي كل المشكلة وكل العدوان وكل الجريمة».
أما في الشق العسكري، فيعتقد البيل أن «هزيمة الميليشيات تتم بانتفاضة عسكرية وشعبية تشمل كل المحاور والجبهات بتوحد كل القوى اليمنية والأحزاب والفئات»، ويؤكد أن الميليشيات في هذه الحال «لن تصمد سوى أيام» أما باستمرار الوضع كما هو عليه فذلك يعني «أن كل يوم يمر دون هزيمة للميليشيات هو يوم إضافي يمنحها مزيدا من التدمير والقتل وتهديد الأمن والسلم الدوليين».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.