الهدوء يعود إلى حي الشراونة في بعلبك بعد تدخل «حزب الله»

إثر ليلة من المواجهات بين الجيش وأفراد من عشيرتين

TT

الهدوء يعود إلى حي الشراونة في بعلبك بعد تدخل «حزب الله»

ساد أمس هدوء حذر في حي الشراونة أحد أحياء مدينة بعلبك، فيما تحولت المنطقة إلى ما يشبه «مدينة أشباح» نتيجة غياب الحركة عن السوق التجارية وعن الشوارع والأحياء بعد ليلة من التوتر وتبادل إطلاق النار بين الجيش اللبناني ومسلحين استهدفوا مركزين له في الحي، إثر مقتل مطلوبين اثنين من آل زعيتر في مداهمات للجيش.
وكان وقف إطلاق النار قد تحقق بطلب من عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ شوقي زعيتر وبجهود سياسية حزبية أجبرت الشبان من عشيرتي «جعفر» و«زعيتر» الذين قاموا بالاعتداء على الالتزام بذلك.
وأعاد وقف النار الهدوء إلى المدينة التي نالت نصيبها من الرصاص الطائش الذي تساقط ولأكثر من ساعتين كحبات البرد ولم تسلم منه السيارات والممتلكات والمنازل وزرعت أصوات القذائف الرعب في قلوب الأطفال في معظم الأحياء. وأسفرت الاشتباكات عن إصابة مجند في الجيش إصابة طفيفة، وجرح الطفلة دعاء حسين العبد من الجنسية السورية (6 سنوات) إثر إصابتها بطلق ناري في الظهر جراء رصاصة طائشة اخترقت خيمة عائلتها في حي الكيال، والطفل محمود عزو النابوش في ساقه، ما استدعى نقلهما إلى أحد مستشفيات بعلبك للمعالجة، كما أصيب مجند في الجيش اللبناني من آل المولى إصابة طفيفة في رقبته جراء تساقط الرصاص الطائش، بينما كان يقف عند نقطة حراسة قرب آلية عسكرية عند مدخل مدينة بعلبك الجنوبي قرب أوتيل بالميرا.
كذلك أدت الاشتباكات إلى حريق في محلة البساتين، وفي مكب الكيال الذي استمر اشتعال النيران فيه حتى صباح أمس، حيث بادرت فرق الدفاع المدني إلى إطفائه. كما لحقت أضرار مادية بعشرات المنازل والمحلات التجارية والمؤسسات والسيارات في مختلف أنحاء المدينة، خصوصاً في أحياء الشراونة والبساتين وعين بورضاي ومشارف دورس، وطالب المتضررون الهيئة العليا للإغاثة بإجراء الكشف اللازم والتعويض عليهم. وأدت الاشتباكات، التي اعتاد البعلبكيون عليها، إلى إقفال الطرقات داخل الحي وفي التل الأبيض الذي يعتبر خط امتداد للحي من الجانب الشمالي، وصولاً إلى مدخل إيعات من الجانب الغربي على خلفية مداهمة قام بها الجيش اللبناني لملاحقة مطلوبين في بلدة الكنيسة في البقاع الشمالي أدت إلى تبادل لإطلاق النار ومقتل المطلوبين حسين زعيتر أبو زاهد وحمزة زعيتر وإصابة أحد السوريين وتوقيف مطلوبين. وفي بيان لها، أوضحت مديرية التوجيه في الجيش مساء أول من أمس، أنه «أثناء قيام قوة من الجيش بمداهمة منازل مطلوبين بموجب مذكرات توقيف عدة بجرم الاتجار بالمخدرات وإطلاق نار وسرقة سيارات في بلدة الكنيسة - البقاع، تعرضت لإطلاق نار كثيف من قبل المطلوبين، ما دفع بالدورية إلى الرد بالمثل على مصادر النيران، ما أدى إلى إصابة وتوقيف عدد منهم، وضبط كميات من الأسلحة والذخائر والسيارات المسروقة وكمية كبيرة من المخدرات. وسُلم الموقوفون مع المضبوطات إلى المراجع المختصة وبوشر التحقيق».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.