«مجزرة سبايكر».. الحكومة حاولت إخفاء تفاصيلها.. وأهالي الضحايا جعلوها قضية رأي عام

مشعان الجبوري يكشف لـ {الشرق الأوسط} عن تفاصيل مقتل نحو ألفي جندي بتكريت

أهالي الضحايا يرفعون  صور أولادهم الذين قضوا في مجزرة «سبايكر» خلال مظاهرة في بغداد («الشرق الأوسط»)
أهالي الضحايا يرفعون صور أولادهم الذين قضوا في مجزرة «سبايكر» خلال مظاهرة في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

«مجزرة سبايكر».. الحكومة حاولت إخفاء تفاصيلها.. وأهالي الضحايا جعلوها قضية رأي عام

أهالي الضحايا يرفعون  صور أولادهم الذين قضوا في مجزرة «سبايكر» خلال مظاهرة في بغداد («الشرق الأوسط»)
أهالي الضحايا يرفعون صور أولادهم الذين قضوا في مجزرة «سبايكر» خلال مظاهرة في بغداد («الشرق الأوسط»)

غطت معلومات جديدة عن حقائق مجزرة قاعدة سبايكر في تكريت التي يقترب عدد ضحاياها من ألفين من الجنود العراقيين، والتي كشف عنها السياسي العراقي مشعان الجبوري، على أنباء تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بل خلقت ضجة كبيرة في عموم العراق دفعت مجلس النواب العراقي لأن يخصص جلسته الأسبوع الماضي للاستماع لإفادات شهود ولأهالي الضحايا ولوزير الدفاع وكبار القادة العسكريين بعدما اقتحم أهالي الضحايا مبنى البرلمان.
المجزرة التي كانت حدثت ظهر يوم 12 يونيو (حزيران) الماضي، والتي حاولت الحكومة العراقية المنتهية ولايتها برئاسة نوري المالكي التستر عليها لفداحتها، إذ جرى إنكارها في البداية وتكذيب تفاصيلها من قبل نواب وإعلاميين وكتاب ومحللين سياسيين مقربين من المالكي، لكن الصور ولقطات الفيديو التي جرى تسريبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أجبرت رئيس الحكومة المنتهية ولايته على أن يصرح عبر التلفزيون بأن «(داعش) قتلت 157 من طلبة القوة الجوية في قاعدة سبايكر بتكريت»، في وقت نفى فيه كبار القادة العسكريين وقاسم عطا الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة مقتل طلبة القوة الجوية، مؤكدين أن الطلبة جرى نقلهم إلى قاعدة الإمام علي طليلة بالناصرية.
الصور والمعلومات التي كشف عنها الجبوري أكدت أن عدد الضحايا من الجنود العراقيين قد يتجاوز الألفي ضحية، جرى إعدامهم جماعيا من قبل مسلحين من أبناء تكريت قبل أن تشترك «داعش» في اليوم التالي بالإجهاز على الآخرين.
وقال الجبوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ببغداد، أمس، إن «هؤلاء الجنود لم يقتلوا في ساحة معركة أو أنهم استشهدوا وهم يتصدون لعدوان خارجي، هم قتلوا غيلة وغدرا من قبل أشخاص يفترض أنهم من أبناء وطنهم»، مشيرا إلى أن «هذه المجزرة لم ترتكبها (داعش) كما يصور البعض من أجل تضييع دماء الضحايا، بل إن هؤلاء الأشخاص قتلوا على أيدي أشخاص عراقيين، وهم من أقارب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، يتقدمهم إبراهيم سبعاوي إبراهيم الحسن، ابن الأخ غير الشقيق لصدام حسين الذي جرى إعدامه بعد 2003، وأبناء عمه، أحدهم يدعى فارس ابن شقيق عبد حمود مرافق الرئيس الأسبق، هو الآخر جرى إعدامه استنادا إلى قرار من المحكمة الجنائية الخاصة، وآخر ابن مزاحم عبد الله الحمود وآخرون».
وحسب الجبوري، فإن «عدد الضحايا لا يقلون عن ألف وخمسمائة، هؤلاء من المؤكد جرى إعدامهم خلال أربع ساعات ظهر يوم 12 يوليو، وهناك أرقام أخرى غير مؤكدة قد تصل إلى ألفين وثلاثمائة، وفي اليوم الأول جرى قتل السنة والشيعة من دون أن يجري سؤال الضحايا عن أسمائهم أو مناطق سكنهم أو دينهم، وهي تكرار مأساوي لجرائم النظام السابق ولمشاهد تصفية المنتفضين من الشيعة عام 1991، وللمقابر الجماعية للأكراد وجرائم الأنفال، حيث كانوا يعدمون المئات من أبناء الجنوب جماعيا»، مضيفا أن «جريمة سبايكر نفذت من قبل الجيل الثاني من عائلة صدام، وهناك 8 أشخاص من عائلة واحدة، أربعة أشقاء مع أربعة من أبناء عمهم، هم أبرز من شاركوا في تنفيذ الجريمة وهم من مدينة تكريت وليسوا من أقرباء صدام حسين، أحدهم كان يقود الضحايا إلى شخص آخر يطلق رصاصة على رأس الضحية ويرميه في نهر دجلة».
ويوضح الجبوري تفاصيل ما حدث، قائلا: «الضحايا هم جنود كانوا في قاعدة سبايكر التي كانت سابقا كلية القوة الجوية، وباعتبارها مكانا محصنا فقد نقلت القيادة العسكرية جنودها إليها بعد احتلال (داعش) للموصل، ولكن كيف خرجوا من القاعدة ليقعوا بأيدي هؤلاء المسلحين الذين قتلوهم؛ فهناك إفادات متناقضة، ففي حين يقول القادة العسكريون في القاعدة إن الجنود خرجوا من تلقاء أنفسهم وبلا أوامر، فإن بعض الناجين قالوا لي بأن الضباط أبلغوهم التمتع بإجازة لمدة 15 يوما للذهاب إلى عوائلهم، وأنا تأكدت أن بوابة القاعدة فتحت بقرار من قيادتها، ولم تكن (داعش) وصلت إلى تكريت بعد وقتذاك، وخرج الجنود للعودة إلى منازلهم بملابس مدنية، غير عسكرية، ولم يكونوا مسلحين لأنهم لم يخرجوا للقتال، وهكذا أرادوا أن يعبروا للآخرين الذين هم خارج المعسكر، وساروا أفواجا في الطريق العام في انتظار أي وسائط نقل تقلهم لمرآب الحافلات أو لأي مكان قريب من بغداد، فخرجت لهم سيارتان تحملان 10 مسلحين يقودهم نجل سبعاوي، وأقنعوهم بأنهم يريدون مساعدتهم وأنهم ليسوا مع (داعش)، وإنما من عشائر تكريت وطلبوا منهم السير خلفهم لتوفير حافلات تقلهم إلى بغداد، وهذا ما فعله الجنود، خلال ذلك وصل عدد آخر من المسلحين وهم ليسوا من (داعش)، وأمروهم بأن يضعوا أيديهم فوق رؤوسهم وصعدوا سيارات حمل مكشوفة لينقلوهم إلى القصور الرئاسية، 56 قصرا، في منطقة العوجة (قصور صدام حسين سابقا) في تكريت».
وأضاف: «كان الجنود أخذوا غيلة، إذ سرى التخاذل والخوف بين صفوفهم، ولم يكونوا يتخيلون ولو للحظة أن هؤلاء المسلحين، وهم من أبناء تكريت، سيقتلون ما يقرب من ألفي جندي، وأدخلوا إلى منطقة القصور الرئاسية وبدأت هناك عملية الإعدامات الجماعية بهم فور وصولهم»، منوها إلى أن «مقر فضائية (الشعب) العائدة لي تبعد 100 متر عن الموقع الذي حدثت فيه المجزرة، وكنا نسمع أصوات إطلاق النار، وكنا نتصور أن المسلحين أخذوا هؤلاء الجنود أسرى لاستخدامهم ورقة ضغط على الحكومة ببغداد، وأن ثمة مواجهة مسلحة حدثت هنا أو هناك، ولم نكن نتصور أن هناك عمليات إعدام جماعية تنفذ من قبل عراقيين ضد أبناء بلدهم بعد أن أمنوا بهم ووثقوا بكلمتهم، ولا ذنب لهم سوى أنهم جنود في الجيش العراقي، ومن العار أن نسكت عن مثل هذه الجريمة»، مشيرا إلى أن «هناك من استطاع الهروب منذ البداية أو قبل ساعات من المجزرة أو بعدها بأيام وآوتهم بعض عشائر تكريت وأعادوهم إلى ذويهم».
وقال الجبوري إن «هؤلاء الذين نفذوا الجريمة تسامح المجتمع معهم على جرائم النظام السابق التي تورط فيها آباؤهم وأعمامهم، ونحن في تكريت مجتمع عشائري يؤمن بالثأر والانتقام، ومع ذلك منعنا أي أحد أراد الثأر منهم، بل حميناهم في العوجة، مسقط رأس صدام حسين، لكنهم عادوا وشعروا بالقوة وتصوروا أن الحكومة ببغداد ستسقط وأنهم سيسيطرون على السلطة، ناهيك بأنهم أرادوا الانتقام لصدام حسين وآبائهم الذين أعدموا بعد تغيير النظام السابق».
وحمل الجبوري «قادة وضباط الجيش العراقي مسؤولية ما حدث في سبايكر لسماحهم للجنود بالخروج من القاعدة مع أن (داعش) كانت قريبة منهم، والأوضاع الأمنية بعد سقوط الموصل كانت سيئة للغاية، فكيف يسمحون لهذا العدد الكبير من الجنود بالخروج وترك معسكر تابع للجيش العراقي؟!»، مؤكدا أن معلوماته تستند إلى «أشخاص كانوا شهودا على المجزرة داخل منطقة القصور الرئاسية ولم يشاركوا فيها والتقيتهم بعد حدوث الجريمة». وقال إن «(داعش) دخلت تكريت بعد يوم من حدوث المجزرة وأعدمت الشيعة من الجنود وأبقت على السنة منهم، وما يزال هناك عدد كبير من الأسرى لديهم».



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.