أثناء ذروة الحرب الأهلية الأميركية بين الانفصاليين والقوات الاتحادية، التي استمرت بين عامي 1861 و1865، كلف الجراح العام للقوات الاتحادية مرشداً للعلاجات النباتية، بالمساعدة في علاج الجرحى، حيث واجه أطباء ميدان المعركة وقتها معدلات عالية من الإصابات مصحوبة بنقص شديد في الأدوية التقليدية.
ورغم مرور 154 عاماً على انتهاء الحرب، وتقدم الأبحاث الطبية في أميركا، خلال تلك الفترة، إلا أن هذه السنوات الطويلة لم تطفئ شغف بعض الباحثين بدراسة فاعلية العلاجات النباتية التي ورد ذكرها في وثائق يتضمنها متحف متخصص عن هذه الحرب، ووجدت دراسة جديدة لثلاثة من النباتات، وهي «البلوط الأبيض» و«حور الزنبق» و«أراليا شوكية»، أن لديها خصائص مطهرة.
وخلال الدراسة التي قادها علماء من جامعة «إيموري» الأميركية، ونشرت نتائجها في دورية «ساينتيفك ريبورتز»، تم جمع عينات من النباتات الثلاثة من الحرم الجامعي، واختبار مستخلصات هذه النباتات على ثلاثة أنواع من البكتيريا المقاومة للعقاقير المتعددة، التي توجد عادة في التهابات الجروح، وهي «الراكدة البومانية»(Acinetobacterbaumannii) و«المكورة العنقودية الذهبية» (Staphylococcus aureus) و«الكلبسيلة الرئوية» (Klebsiella pneumonia).
وتُظهر بكتريا «الراكدة البومانية»، التي تعرف أيضاً باسم «بكتريا العراق»، لتسببها في مشكلات صحية للقوات الأميركية التي جرحت خلال حرب العراق، مقاومة واسعة النطاق لمعظم المضادات الحيوية، وتعتبر «المكورات العنقودية الذهبية» الأخطر بين العديد من «بكتيريا المكورات العنقودية» الشائعة، ويمكن أن تنتقل عبر التهابات الجلد أو الأجهزة الطبية الملوثة إلى مجرى الدم، وتصيب الأعضاء البعيدة، أما «الكلبسيلة الرئوية» فهي سبب رئيسي آخر للإصابة بالمستشفيات، ويمكن أن تؤدي إلى حالات تهدد الحياة من الالتهاب الرئوي و«الصدمة الإنتانية».
وأظهرت الاختبارات المعملية أن المستخلصات من البلوط الأبيض وحور الزنبق حالت دون نمو «المكورات العنقودية الذهبية»، بينما حالت مستخلصات البلوط الأبيض دون نمو «الراكدة البومانية» و«الكلبسيلة الرئوية»، كما منعت المستخلصات من كلا هذين النباتين «المكورات العنقودية الذهبية» من تكوين الأغشية الحيوية، التي يمكن أن تعمل درعاً ضد المضادات الحيوية.
أما المستخلصات من نبات «أراليا شوكية»، فقد حالت هي الأخرى دون تكوين الغشاء الحيوي في «المكورات العنقودية الذهبية»، كما حالت أيضاً دون العملية التي تعرف باسم «استشعار النصاب» أو (quorum sensing)، وهو نظام للإشارات تستخدمه البكتيريا لتصنيع السموم، وعرقلته تعني «نزع سلاح» البكتيريا.
يقول الدكتور كاساندرا كواف، من مركز جامعة «إيموري» لدراسة صحة الإنسان، والباحث الرئيسي، في تقرير نشره موقع الجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، «تشير النتائج إلى أن استخدام هذه العلاجات النباتية ربما أنقذت أطراف الجرحى أو حتى أرواحهم أثناء الحرب الأهلية».
ويؤكد ميكا ديتويلر، المؤلف الأول بالدراسة، ما قاله كواف، مضيفاً: «قد يفيد بحثنا يوماً من الأيام في العناية الحديثة بالجروح، إذا تمكنا من تحديد المركبات المسؤولة عن النشاط المضاد للميكروبات، التي توجد في النباتات الثلاثة».
نباتات الحرب الأهلية الأميركية في المختبر بعد 154 عاماً
أظهرت كفاءة في مقاومة البكتريا
نباتات الحرب الأهلية الأميركية في المختبر بعد 154 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة