الفلسطينيون والإسرائيليون يجهزون ملفاتهم القانونية تحسبا لحرب قضائية محتملة

الطرفان يوثقان إدانات كل ضد الآخر.. ودفوعات عن صحة قراراتهم أثناء الحرب

الفلسطينيون والإسرائيليون يجهزون ملفاتهم القانونية تحسبا لحرب قضائية محتملة
TT

الفلسطينيون والإسرائيليون يجهزون ملفاتهم القانونية تحسبا لحرب قضائية محتملة

الفلسطينيون والإسرائيليون يجهزون ملفاتهم القانونية تحسبا لحرب قضائية محتملة

لم تكد تنتهي حرب الطائرات والصواريخ على قطاع غزة حتى بدأت حرب قانونية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يتجهز كل طرف لها بكل الأسلحة الممكنة، بالتوثيق والرصد والدفوعات القانونية.
وبينما وضعت السلطة الفلسطينية خطة تتضمن اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة إسرائيل وقادتها إذا فشلت محاولات إقامة الدولة الفلسطينية، وضعت إسرائيل كذلك خطة مضادة تتضمن التحرك نحو محاكمة السلطة وحكومة التوافق بتهمة تشكيل مظلة لحركة حماس. ويعكف الآن قانونيون من الطرفين على وضع خطط قانونية هجومية ودفاعية كذلك.
وكانت السلطة استفسرت من محكمة الجنايات عن شروط الانضمام وتبعات ذلك. ويفترض أن يلتقي وفد من المحامين الفلسطينيين بمحامين من كل الدول العربية في القاهرة في الـ11 من الشهر الحالي، لبحث سبل توثيق الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة والخروج بتوصيات حول الوضع القانوني لفلسطين وجدوى الانضمام إلى الجنايات. وسيزور الوفد قطاع غزة كذلك لرصد وتوثيق الجرائم الإسرائيلية.
وطالبت حماس السلطة بالانضمام للجنايات فورا بعد توقيعها على ورقة داخلية اشترطها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لذلك، لكن الأخير لا يبدو متعجلا في الأمر.
وقال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن «الانضمام إلى الجنايات الدولية سيف ذو حدين، إذ سيتضمن كذلك قدرة بعض الدول على محاكمتنا، محاكمة حماس مثلا». وأضاف «ثمة ما يمكن أن يفسر على أنه خروقات، نحن نقول إن المقاومة حق، لكن نريد أيضا أن نحميها». وتابع «المسألة تحتاج وقتا، لأننا نريد تحصين أنفسنا وضمان النجاح في القضايا المرفوعة من قبلنا».
ويبدو أن إسرائيل تحضر لضربات مسبقة، إذ قالت مصادر إسرائيلية إن قانونيين من الخارجية والنيابة والشرطة والسلك القضائي يضعون ملفا قانونيا محكما يتضمن معلومات تدين الفلسطينيين ودفوعات تبرئ إسرائيل. وقالت المصادر إن التحرك الإسرائيلي المرتقب ضد السلطة وحماس، يرتكز على أن حكومة التوافق شكلت مظلة لتنفيذ جرائم حرب من قبل حماس أثناء عملية «الجرف الصامد». وعد قانونيون تحدثوا إلى وسائل إعلام إسرائيلية أنه لا توجد جريمة حرب واحدة لا يمكن إلصاقها بحماس أثناء الحرب. وقالوا «من السهل اتهام الحركة بخرق قواعد القانون الدولي».
ويعمل عشرات من القانونيين في إسرائيل حاليا على تحضير ملفات لإدانة السلطة وتبرئة إسرائيل في أي مواجهات قانونية محتملة. ويسعى هؤلاء إلى إثبات تورط حماس في عمليات جرائم حرب، وتبرئة إسرائيل من أي تهم أثناء الحرب الأخيرة على غزة. ويعكفون على وضع تقرير شامل يتناول الجوانب القانونية للحرب، ويضع تفسيرات لمئات العمليات الميدانية التي وثقت أو حصلت على مصادقة قانونية خلال الحرب من باب أنها وقعت وفق حق الدفاع عن النفس، وفي المقابل يوثق لعمليات من طرف حماس ارتكبت خلالها جرائم حرب، بحسب إسرائيل.
وجاء ذلك، فيما بدأت لجنة تحقيق شكلتها الأمم المتحدة عملها بشأن ارتكاب جرائم محتملة في الحرب الأخيرة على غزة وسط مقاطعة إسرائيلية. وقال مسؤولون إسرائيليون إن لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برئاسة القاضي ويليام شاباس، تعد الجبهة الرئيسة ضد إسرائيل الآن ما دام الفلسطينيون لم يتحركوا نحو الجنايات. وترى إسرائيل في شاباس عدوا لإسرائيل، وهو متهم بمحاولة جرها إلى محكمة الجنايات الدولية.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن شاباس قوله لشبكة «سي إن إن» الأميركية الأسبوع الماضي «صحيح أن الفلسطينيين لم ينضموا حتى الآن لمحكمة الجنايات الدولية، لكن هناك إشارات جيدة على قرب انضمامهم، والتقرير الذي سأصدره نهاية التحقيق سيصل إلى يد المدعية العامة التي ستقرر مع من ستجري التحقيق». وفسر ذلك في إسرائيل بأنه يسعى إلى محاكمة قادتها أمام الجنايات.
وكانت إسرائيل قررت ألا تتعاون مع اللجنة نهائيا بما في ذلك منعها من الدخول إلى إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك تجهز تل أبيب ملفا يحمل موقفا قانونيا واضحا، وفيه دفوعات تجاه اتهامات محتملة من قبل اللجنة.
وقررت إسرائيل كذلك إطلاق حملة دبلوماسية في العالم لإقناع الجميع بـ«عدالة الحرب»، وأن الجيش التزم بالقانون الدولي. وبدأت إسرائيل إجراءات داخلية بالتحقيق في شكاوى ضد جنودها لإظهار «مدى جدية المنظومة القانونية الإسرائيلية»، ولمنع أي تدخل خارجي. وقال مسؤولون في النيابة الإسرائيلية إن «المحاكم الخارجية تتدخل فقط في حالات غياب فاعلية القضاء الداخلي للدول، وهذا لا ينطبق على إسرائيل التي تملك نظاما قضائيا متطورا».
ولا يعتقد أن تذهب السلطة في وقت قريب إلى الجنايات الدولية، أو أن تذهب إسرائيل لمحاكمة السلطة. وتريد السلطة إعطاء الولايات المتحدة وقتا من أجل ممارسة الضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات أولا، فإذا فشلت فستتوجه إلى مجلس الأمن لطلب إجلاء القوات الإسرائيلية عن فلسطين، فإذا تعثرت أيضا فستذهب إلى الجنايات، ولا تريد إسرائيل فتح جبهة قانونية ضدها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».