اقتصاد لبنان يدفع «كلفة الوقت»... وتقارير دولية تخفض توقعات النمو

عجز الموازنة مرشح للصعود مجدداً إلى عتبة 9% من الناتج

حذرت مصادر مالية من مغبة التباطؤ الذي يطغى على مسار استعادة الانتظام المالي في لبنان (أ.ف.ب)
حذرت مصادر مالية من مغبة التباطؤ الذي يطغى على مسار استعادة الانتظام المالي في لبنان (أ.ف.ب)
TT

اقتصاد لبنان يدفع «كلفة الوقت»... وتقارير دولية تخفض توقعات النمو

حذرت مصادر مالية من مغبة التباطؤ الذي يطغى على مسار استعادة الانتظام المالي في لبنان (أ.ف.ب)
حذرت مصادر مالية من مغبة التباطؤ الذي يطغى على مسار استعادة الانتظام المالي في لبنان (أ.ف.ب)

حذرت مصادر مالية رفيعة المستوى من مغبة التباطؤ الذي يطغى على مسار استعادة الانتظام المالي في لبنان، والذي يستلزم الربط المبكر بين إقرار قطع الحسابات عن السنوات الماضية العالق لدى ديوان المحاسبة، وبين إقرار مشروع قانون الموازنة العامة المطروح حالياً أمام لجنة المال النيابية قبيل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، حيث يرتقب أن تعلو مجدداً موجات التباري الخطابي والاعتراضات التي رافقت مرور المشروع في 20 جلسة حكومية متتابعة.
وتتفق المصادر مع تحليلات لمصرفيين وخبراء محليين وخارجيين، بأن عامل الوقت الدقيق لا يمنح السلطات اللبنانية المعنية هامش «الترف» الذي تظهره في اعتمادها على تمديد الإنفاق العام وفق القاعدة الاثنا عشرية (استثناءً يتيح الصرف لشهر واحد وفقاً للموازنة السابقة) حتى منتصف شهر يوليو (تموز) المقبل. وربما اضطرت إلى تمديد اللجوء إلى الخيار الاستثنائي في حال طالت المناقشات في مجلس النواب، بينما تتكاثر المؤشرات السلبية في مجمل القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، وبدأت تصيب بقوة القطاع المصرفي والمالي الذي يشكل النواة الصلبة للاقتصاد الوطني.
ولفتت المصادر إلى أن إطالة «حال الانتظار» ستحد من المفاعيل المرتقبة للتدابير التي يتضمنها مشروع الموازنة على جانبي الإنفاق والواردات. فاحتساب العوائد المنشودة ورد على أساس سنة مالية كاملة، في حين تتضاءل الآمال بإمكانية سريان هذه التدابير لأكثر من الأشهر الخمسة الأخيرة للسنة الحالية. وبذلك يمكن الجزم مسبقاً بأن أفضل نتيجة لخفض عجز الموازنة سيبلغ ما بين 8.5 و9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بخلاف التقديرات بنسبة 7.59 في المائة التي أوردتها الحكومة في مشروعها المحال إلى المجلس النيابي.
ويبرز في هذا السياق إجماع التقارير الصادرة عن مؤسسات مالية وبحثية محلية ودولية على تدني نمو الاقتصاد دون نسبة واحد في المائة للعام الثاني على التوالي. بينما يسجل ميزان المدفوعات عجوزات متتالية منذ 11 شهراً بإجمالي تخطى 8.5 مليار دولار منذ منتصف العام الماضي، منها نحو 3.3 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي. كما سجلت محفظة التمويل المصرفية للقطاع الخاص المزيد من الانكماش بنسبة تجاوزت 4 في المائة خلال الفترة ذاتها، وانضم مؤشر الودائع المصرفية إلى التراجع بنسبة تقل عن واحد في المائة. مع الإشارة إلى أن نسب التراجع الفعلية تكون أعلى عند احتساب حصيلة الفوائد المقبوضة والمدفوعة من قبل المصارف على التسليفات والمدخرات.
ويؤكد مسؤول مصرفي كبير، فضّل عدم كشف اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلفة الوقت ستضاعف حتماً من حجم التداعيات السلبية على الحركة الاقتصادية، وستزيد منسوب الشكوك محلياً ودولياً بقدرة الحكومة على التحكم في معالجة المعضلة المتفاقمة للمالية العامة؛ والمتمثلة خصوصاً بعجز الموازنة وحجم الدين العام البالغ نحو 87 مليار دولار... أي ما يوازي أكثر من 155 في المائة من الناتج المحلي، وهو من أعلى المعدلات العالمية. وذلك في ظل استنزاف متواصل لاحتياط مصرف لبنان المركزي الداعم للاستقرار النقدي، ومع تزايد الصعوبات في جذب رساميل وودائع خارجية عبر الجهاز المصرفي الذي يوظف نحو 140 مليار دولار لدى البنك المركزي على شكل ودائع وشهادات إيداع، فضلاً عن محفظة تقارب 18 مليار دولار من سندات الدين الدولية».
وتوقع البنك الدولي في أحدث تقاريره أن تبقى نسبة النمو الاقتصادي في لبنان «خجولة»، على الرغم من ارتفاع توقعاتها من 0.2 في المائة في عام 2018، إلى 0.9 في المائة في عام 2019. و1.3 في المائة في عام 2020، و1.5 في المائة في عام 2021. واللافت أن هذه الأرقام تمّ تخفيضها مقارنة بالتقديرات السابقة، التي توقّعت نمواً بنسب 1 في المائة في عام 2018، و1.3 في المائة في 2019، و1.5 في المائة في كلٍّ من 2020 و2021.
ووفقاً لتقرير حديث صادر عن وكالة التصنيف الدولية «ستاندرد أند بورز»، فإن تخفيض العجز أمر أساسي لتخفيض مستويات الدين العالية في لبنان. إنما هذه الخطوة الإيجابية قد لا تكفي لاستعادة ثقة المستثمرين والمودعين غير المقيمين، آخذة بعين الاعتبار أّن تطبيق الإجراءات سيبدأ في النصف الثاني من عام 2019. وقد علّقت وكالة «فيتش» الدولية أيضاً بأنه «من المهم مراقبة قدرة النظام المالي على جذب تدفّقات رساميل إضافية، وقدرة مصرف لبنان على حماية احتياطاته بالعملة الأجنبية». وأشارت إلى أن إجمالي الاحتياطات بالعملة الأجنبيّة لدى المصرف المركزي البالغة 31.1 مليار دولار، قادرة على تسديد مستحقّات الدّين العام لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل البالغة 1.5 مليار دولار، ومستحقّات شهر مارس (آذار) 2020 البالغة 1.2 مليار دولار.
وكذلك توقّعت «فيتش» أن تصل نسبة العجز في الموازنة إلى 9 في المائة من الناتج المحّلي الإجمالي في عام 2019، بينما استبعدت «ستاندرد أند بورز» أن يكون لمشروع الموازنة تأثير كبير على الزيادة في مستوى الإيرادات؛ ما جعلها تتوقّع زيادة في نسبة الدين العام من الناتج المحلّي الإجمالي من 143 في المائة في عام 2018، إلى 160 في المائة في عام 2022. وبذلك توقّعت أن يتخطّى مستوى العجز نسبة 10 في المائة من الناتج المحّلي الإجمالي، مقارنة مع نسبة 7.6 في المائة التي يرمي إليها مشروع القانون.
وقد خفضت المؤسسة المصرفية الدولية «جي بي مورغان» توقّعاتها للنمو الاقتصادي في لبنان لعام 2019، من 1.3 إلى 1 في المائة، مقارنة مع 1.1 في المائة لعام 2018؛ وذلك نتيجة الإجراءات التقشفية التي اقترحتها الحكومة في مشروع قانون موازنة عام 2019. وأشارت إلى أن مشروع القانون يهدف إلى تخفيض العجز من نسبة تفوق 11 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2018، إلى 7.6 في المائة من خلال رزمة من التدابير تهدف إلى خفض النفقات وزيادة الإيرادات؛ مما سيؤدّي إلى إبطاء النموّ في الدين العام... إلا أنه وبحسب التقرير، فإن بعض هذه التدابير قد تلقى بعض الاعتراضات، وعليه فإن المؤسسة تتوقّع أن يبلغ العجز في الموازنة نسبة 8.4 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2019، كما اعتبرت أن مصرف لبنان لديه الإمكانية على حماية سعر صرف الليرة اللبنانية، وعلى تأمين تمويل خدمة الدين على المدى القصير.



منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
TT

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)
عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه القطاع، مشيراً إلى أن المنظومة حققت نسبة امتثال بلغت 94.4 في المائة في تطبيق معايير الأمن، وذلك ضمن تقرير «التدقيق الشامل لأمن الطيران» الذي أصدرته «منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)»؛ مما يضع البلاد في مصافّ الدول الرائدة عالميّاً بهذا المجال.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد تزامناً مع «أسبوع الأمن لمنظمة الطيران المدني الدولي 2024»، الذي تستضيفه حالياً عُمان خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتعاون مع منظمة «إيكاو»، وبمشاركة قادة ورؤساء منظمات وهيئات الطيران المدني بالعالم.

وأفاد الدعيلج بأن «التحديات الأمنية المتصاعدة التي تواجه القطاع حالياً تتسم بالتعقيد والتنوع، كالهجمات السيبرانية واستخدام الطائرات من دون طيار في أعمال تهدد الأمن، بالإضافة إلى التهديدات الناشئة عن التقنيات الحديثة، مثل الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الرقمية للطيران»، مشيراً إلى أن «هذه التهديدات أصبحت تُشكّل خطراً جديداً يحتاج إلى استراتيجيات مبتكرة للتصدي لها».

وأوضح الدعيلج أن «جهود السعودية في مجال أمن الطيران المدني، تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى تعزيز الجاهزية الأمنية وضمان سلامة القطاع على جميع الأصعدة».

ووفق الدعيلج، فإن بلاده «عملت على تحديث وتطوير الأنظمة الأمنية بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية، عبر تعزيز أنظمة الكشف والمراقبة في المطارات باستخدام تقنيات متقدمة، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم استجابات سريعة وفعالة للتهديدات المحتملة».

وأضاف الدعيلج أن السعودية «أولت اهتماماً كبيراً بالأمن السيبراني في ظل التحديات التكنولوجية الراهنة؛ إذ طورت برامج مختصة لحماية الأنظمة الرقمية ومنصات الحجز والعمليات التشغيلية للطيران، مما يعزز قدرة القطاع على التصدي للهجمات الإلكترونية».

وأشار الدعيلج إلى أن السعودية تسعى إلى بناء قدرات بشرية متميزة في هذا المجال، «عبر إطلاق برامج تدريبية متطورة بالتعاون مع المنظمات الدولية، بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز جاهزيتها للتعامل مع مختلف السيناريوهات الأمنية».

وقال الدعيلج إن السعودية «ساهمت بشكلٍ كبير في دعم المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمان في هذا القطاع الحيوي، وأسهمت بشكل فعال في تطوير استراتيجيات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ بهدف تعزيز التنسيق الأمني بين الدول، وهو ما يضمن استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية».

وواصل أن بلاده «شريك رئيسي في المبادرات الدولية التي تقودها (منظمة الطيران المدني الدولي - إيكاو)، وأسهمت في صياغة سياسات أمن الطيران وتنفيذ برامج تهدف إلى تحسين مستوى الأمن في جميع أنحاء العالم، من ذلك استضافة المملكة المقر الدائم لـ(البرنامج التعاوني لأمن الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط CASP - MID) التابع لـ(إيكاو)، ودعم (منظمة الطيران المدني الدولي) من خلال مبادرة (عدم ترك أي بلد خلف الركب)».