مجلس الأمن يمدد حظر الأسلحة على ليبيا

الجيش الوطني يتحدث عن {تقهقر} للميليشيات في طرابلس... وحفتر يكلف قوات الصاعقة بتأمين الهلال النفطي

TT

مجلس الأمن يمدد حظر الأسلحة على ليبيا

استجاب مجلس الأمن، أمس الاثنين، لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إذ وافق بإجماع أعضائه الـ15 على التمديد سنة كاملة لعملية صوفيا الأوروبية المكلفة بمراقبة حظر الأسلحة على ليبيا. غير أنه لم يفرض أي تدابير جديدة للجم الإنتهاكات المتزايدة لهذا الحظر.
وفي جلسة قصيرة، أصدر أعضاء المجلس القرار الرقم 2473 الذي يمدد الأذون الواردة في القرار 2420 حول التنفيذ الحازم لحظر توريد الأسلحة في أعالي البحار قبالة سواحل ليبيا، لمدة 12 شهراً أخرى، في ظل تقارير أعدتها لجنة العقوبات بموجب القرار 1970 وغيره من القرارات الدولية ذات الصلة في شأن تدفق الأسلحة الى ليبيا، ولا سيما في الشهرين الأخيرين.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة حض بقوة كل الدول على تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه المنظمة الدولية على ليبيا، قائلاً إن {عمليات النقل غير المشروع للأسلحة تغذي القتال} في هذه الدولة الغنية بالنفط. ووجه غوتيريش هذا النداء قبل موافقة مجلس الامن بالإجماع على قراره الجديد الذي يسمح للعملية الأوروبية بتفتيش السفن في اعالي البحار إذا كانت متجهة الى ليبيا أو آتية منها. وقال غوتيريش إن {التنفيذ الفوري لكل تدابير حظر الأسلحة أمر أساسي لتخفيف حدة الوضع الليبي الحالي}. وأعرب عن القلق من احتمال أن تفضي هذه النشاطات الى تفويت فرصة هامة لإجراء حوار شامل والبحث عن حل سياسي لليبيا. وأكد أنه في ظل الوضع الحالي من الأهمية بمكان أن يتم تطبيق هذه التدابير، الى جانب الإذن بتفتيش السفن في أعالي البحر قبالة سواحل ليبيا، تطبيقا صارماً.
وكانت العملية الأوروبية بدأت عام 2015 بغية مكافحة شبكات تهريب المهاجرين. وتعتبر فرنسا أن عملية صوفيا التي علقت سابقاً نشر سفن في البحر {تحتفظ بدور بارز لاستقرار ليبيا}. وأفادت نائبة المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة آن غوغن إنّ {طبيعة (العملية) الردعية تحدّ من انتهاكات قرار حظر الأسلحة وتقلل من تدفقها المتواصل عبر البحر}. وقال نظيرها الألماني يورغن شولتز إن إرسال الأسلحة الى ليبيا هو العائق الأساسي أمام إحياء العملية السياسية في البلاد.
وكذلك عبّرت جنوب أفريقيا وبلجيكا، العضوان غير الدائمين في المجلس، عن أسفهما لاستمرار وصول أسلحة إلى ليبيا «عبر البحر والبر».
وصرح مندوب جنوب أفريقيا جيري ماتجيلا، مطالبا الدول الأعضاء {بالتنفيذ الكامل لتدابير الحظر، والتي تكتسي أهمية كبرى في سبيل حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة}. وقال إن «تدهور الوضع الأمني والإنساني في طرابلس يغذيه الإمداد المستمر بالأسلحة».
وجاء في القرار الذي طرحت مشروعه المملكة المتحدة، أن مجلس الأمن يطلب من الأمين العام تقديم تقرير عن تنفيذه في غضون أحد عشر شهراً.
وجاء اجتماع مجلس الأمن في وقت أعلن الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، أن الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج تتقهقر في المعارك التي يخوضها الطرفان على أطراف العاصمة طرابلس.
وقال اللواء فوزي المنصوري، قائد محور عين زارة التابع للجيش الوطني بجنوب طرابلس، لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج تتقهقر على جميع محاور القتال وتقوم بإنشاء سواتر في «محاولة يائسة» للتصدي لهجمات الجيش الوطني الذي يحاول اختراق الدفاعات الحصينة حول العاصمة الليبية.
وتحدثت مصادر عسكرية عن وصول المزيد من التعزيزات إلى القوات الموالية لحكومة السراج تمهيداً، على ما يبدو، لشن هجوم كبير ضد قوات الجيش الوطني. وتشهد محاور القتال هدوءاً نسبياً منذ يومين، مقارنة بالاشتباكات العنيفة بين قوات الجيش والميليشيات المسلحة منذ إطلاق المشير حفتر لعمليته العسكرية باسم «الفتح المبين» لتحرير طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.
في غضون ذلك، قرر المشير حفتر تكليف القوات الخاصة (الصاعقة)، التابعة له، بتأمين منطقة الهلال النفطي التي تحوي أهم موانئ تصدير النفط في ليبيا تحسباً لهجوم مرتقب عليها. وقال اللواء ونيس بوخمادة، آمر القوات الخاصة، في تصريحات إلى وسائل إعلام محلية إنه تم تكليف قواته بالتعاون مع وحدات أخرى من قوات الجيش بالتمركز في هذه المنطقة الحيوية للتصدي لأي هجوم محتمل على الحقول النفطية من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة والمجموعات الخارجة عن القانون.
وأوضح بوخمادة أنه سيتم تسيير دوريات تأمين بين مدينة أجدابيا ومدخل سرت الشرقي، بالإضافة إلى تسيير دوريات في الصحراء بشكل مستمر.
بدوره، قال أوليفر أوفتشا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، إن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أجرى أمس مشاورات في الإمارات تناولت جملة أمور متعلقة بالوضع في ليبيا، داعياً في بيان مقتضب إلى «تواصل الدعوة لوقف إطلاق النار، والعودة إلى الحوار السياسي واحترام حظر الأسلحة». كما لفت إلى أن الوضع يتطلب المرونة من جميع الأطراف.
من جهته، اعتبر لارس تومرز، سفير هولندا في ليبيا، أن ما وصفه بالهجوم العسكري للجيش الوطني على طرابلس وما تلاه من تصعيد يشكلان «تهديداً للسلام والأمن الدوليين ولاستقرار ليبيا».
وقال في تغريدة عبر موقع «تويتر»: «من المفارقات أن التطرف العنيف والإرهاب في تزايد الآن»، لافتاً إلى أنه «لا يوجد حل عسكري ممكن»، وإن «الحل الوحيد هو إجراء محادثات سياسية»، على حد قوله.
وأنهى أمس وفد أوروبي قدمه المجلس الأعلى للدولة في طرابلس على أنه لجنة اطلاع أوروبية رفيعة المستوى تضم خبراء سياسيين واقتصاديين وعسكريين، ومراسلي قنوات ووسائل إعلام أوروبية، زيارة للعاصمة الليبية دامت يومين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».