عدن تغرق... ونداءات حكومية للتدخل الإنساني

استنفار محلي ونزوح من المنازل وتوقف جزئي للخدمات

TT

عدن تغرق... ونداءات حكومية للتدخل الإنساني

تعرضت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن لموجة من الأمطار غير المعهودة في الساعات الماضية، ما تسبب في إحداث أزمة إنسانية بسبب غمر المياه للشوارع والمنازل وتوقف الخدمات في ظل استنفار حكومي ونداءات من أجل التدخل الإنساني للتخفيف من آثار معاناة السكان الذين غمرت السيول منازلهم.
وأفادت مصادر طبية ومحلية لـ«الشرق الأوسط» بأن العاصفة المدارية تسببت في مقتل شخصين على الأقل؛ الأول بتعرضه لسقوط شجرة في أحد شوارع المدينة جراء الرياح الشديدة، والآخر بسبب التماس كهربائي، في وقت كثفت فيه السلطات الأمنية والأجهزة الحكومية جهودها من أجل تصريف المياه وإنقاذ السكان في مختلف الأحياء في عدن، وعلى وجه الخصوص مديرية كريتر.
وأوضح وزير الإدارة المحلية ورئيس اللجنة اليمنية العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة ما زالت تتابع التطورات مع الجهات ذات العلاقة في السلطات المحلية في المحافظات التي تأثرت من الأمطار جراء المنخفض الجوي الذي حدث، وهي عدن وأبين ولحج بصورة خاصة.
وقال: «نعمل مع تلك الجهات من أجل تقييم الأضرار التي حدثت في الممتلكات العامة والخاصة من خلال غرف الطوارئ والعمليات التي تشكلت مسبقاً».
وناشد الوزير فتح من خلال «الشرق الأوسط» منظمات الأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية ليز غراندي بالتوجيه لتلك المنظمات بالتعامل مع الحدث الطارئ الذي حدث والتدخل المباشر من خلال فرق الطوارئ والخطط الطارئة التي تستخدم في مثل هذه الأوضاع، وذلك للتقييم ومعالجة احتياجات السكان في تلك المحافظات.
ووجه فتح نداء إلى العاملين في مكتب تنسيق المساعدات الخليجية المقدمة للشعب اليمني، دعا فيه إلى «سرعة التدخل العاجل كما تعود اليمنيون منهم في كل حالات الأعاصير أو حالات التدخلات الإغاثية المختلفة».
وأكد مصدر محلي في عدن لـ«الشرق الأوسط» أن مديرية كريتر كانت أكثر المديريات والأحياء التي تضررت في المدينة جراء غمر مياه الأمطار لعشرات المنازل، في وقت توقفت فيه شبكة الكهرباء عن مختلف أحياء المدينة عدن، كما توقفت شبكة المياه في أنحاء من المدينة بسبب غمر المياه لمحطات التوليد في أكثر من منطقة.
وشوهد رجال الأمن في مختلف الأحياء والمناطق لمساعدة السكان وإنقاذ المتضررين، في حين شرعت الفرق الخاصة بشفط المياه من الأحياء المغمورة، كما توجهت لتصريف المياه من الشوارع بعد أن غمرتها المياه بالتوازي مع قيام معدات أخرى بفتح الطرق التي جرفتها السيول.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسكان والمياه تغمرهم إلى المنتصف، بعد أن دهمت منازلهم في حي كريتر، في واحدة من أسوأ موجات الأمطار التي تشهدها المدينة الساحلية الواقعة على خليج عدن.
وذكرت مصادر محلية في ميناء عدن أن رئيس الموانئ محمد علوي أمزربه، طمأن كلاً من الخطوط الملاحية والمتعاملين والتجار المحليين بأن المحطة مستقرة وآمنة رغم قوة المنخفض الجوي. وقال إن «إدارة محطة الحاويات اتخذت التدابير اللازمة لتأمين الحاويات من خلال ربطها بعضها ببعض لتشكل سياجاً مقاوماً لشدة الرياح والأمطار، إلا أن هناك عدداً من الحاويات الفارغة التي تأثرت رغم التدابير المتخذة والتي لا تتعدى 5 حاويات».
وأطلق السكان نداءات استغاثة ليل السبت، بعد أن غمرت السيول منازلهم، وهو ما اضطرهم إلى مغادرتها إلى أماكن آمنة وسط تعذر الحركة في مختلف الشوارع التي تجولت إلى أشبه ببحيرات صغيرة بعضها متصل مع مياه البحر الذي يطوق المدينة.
وذكرت المصادر الرسمية الحكومية أن رئيس الوزراء معين عبد الملك وجه بتسخير كل الإمكانات المتاحة للإنقاذ وفتح الطرقات وإعادة الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء التي انقطعت في بعض الأحياء بالعاصمة عدن، جراء الأمطار وكذلك فتح قنوات وإيجاد وسائل عاجلة لتصريف المياه.
وأفادت وكالة «سبأ» بأن رئيس الحكومة أجرى اتصالات مكثفة مع قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية المختصة ومديري المديريات في عدن ومسؤولي الجهات الخدمية للتعرف على الأضرار الأولية التي خلفتها كارثة هطول الأمطار الغزيرة والمستمرة، بما في ذلك الخسائر البشرية والمادية وانقطاع بعض الخدمات، وما يجري من جهود للتعاطي معها وفق الإمكانات المتاحة.
وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة مضاعفة الجهود في هذا الظرف الاستثنائي للتخفيف من تداعيات وأضرار هطول الأمطار الغزيرة في مختلف مديريات العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة.
وأكد تحمل الحكومة وجميع أجهزتها المختصة وقيادة السلطة المحلية مسؤوليتها في مواجهة كارثة الأمطار وتدفق السيول التي تجتاح عدن، معرباً عن تقديره الكبير لكل الجهود الخيرية المدنية والمجتمعية للإسهام الفاعل في إسناد الحكومة والسلطة المحلية في هذا الظرف الاستثنائي.
واطلع رئيس الوزراء من المسؤولين والقيادات المختصة على التحركات العاجلة التي تمت والمسارات المتبعة للتعامل مع الأمطار وتدفق السيول جراء المنخفض الجوي، والصعوبات القائمة في هذا الجانب وآليات تجاوزها.
وفي السياق نفسه، أجرى نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن الأحمر اتصالاً هاتفياً بمحافظ محافظة عدن أحمد سالم ربيع، للاطمئنان على الأوضاع جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، وفق ما ذكرته المصادر الرسمية.
وأوردت المصادر أن نائب الرئيس اليمني استمع إلى موجز عن الحالة التي يعيشها أبناء المحافظة عقب سقوط الأمطار، وما خلفته من خسائر مختلفة والجهود التي بذلتها قيادة المحافظة لاحتواء هذه الأضرار وتقليل الخسائر.
وفيما شدد الأحمر على بذل مزيد من الجهود للتخفيف من آثار السيول، أكد توجيه الحكومة للقيام بدورها في ذلك بناء على توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي لاستنفار الطاقات وتوفير كل الإمكانات المتاحة وتهيئة الظروف والخدمات الأساسية من مرافق صحية وطرق وكهرباء وغيرها بما من شأنه الحد من آثار هذا الوضع وتقليل الخسائر قدر الإمكان.
وفي سياق الاستنفار الرسمي، كلف رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني نواب البرلمان الموجودين في عدن لمتابعة الحالة التي تمر بها المدينة ورفع تقرير عاجل للبرلمان عن حجم الأضرار ليتمكن البرلمان من وضع التوصيات للحكومة من أجل معالجة آثار السيول والرياح الناجمة عن العاصفة المدارية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.