«سيدات القاعدة» أقمن تجمعات في مكة لنشر الفكر الإرهابي

المداولات القضائية مستمرة تمهيدا للنطق بالحكم

ارشيفية
ارشيفية
TT

«سيدات القاعدة» أقمن تجمعات في مكة لنشر الفكر الإرهابي

ارشيفية
ارشيفية

أدت التجمعات النسائية غير المشروعة إلى انتقال الفكر التكفيري من ولاية قندهار (جنوب أفغانستان) إلى منطقة مكة المكرمة (غرب السعودية)، حيث كانت سيدة يمنية (هربت مع زوجها السعودي إلى قندهار) تحضر دروسا تكفيرية في منزل القتيل أسامة بن لادن، وسيدة سعودية تحمل الفكر التكفيري تعمل في إحدى المؤسسات الخيرية بباكستان.
والتقت المتهمتان 3 سيدات سعوديات، من بينهن الهاربة أروى بغدادي، لعقد اجتماعات نسائية مع أسر الموقوفين أو المقتولين، ويعملن جميعا على جمع الأموال لدعم تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق، كما قامت إحداهن بإرسال ابنيها إلى أفغانستان، وسعت لتزويج ابنتها القاصر من مقاتل أفغاني في أفغانستان.
وفتحت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، أخيرا، ملفات قضاياهن التي أحيلت من هيئة التحقيق والادعاء العام، بعد أن ألقي القبض عليهن خلال الفترة الماضية، لتفنيد الاتهامات التي أقر بها النساء (أطلق سراحهن بأمر من القاضي)، تمهيدا للنطق بالحكم خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن ممثل الادعاء العام طالب بعقوبة تعزيرية شديدة لهن ورادعة لغيرهن.
واعترفت المتهمة اليمنية بأنها لحقت بزوجها (سعودي الجنسية وموقوف حاليا) إلى أفغانستان، وتوجهت مع زوجها إلى إحدى المضافات التابعة لتنظيم القاعدة في مدينة كويتا الباكستانية، حيث جرى سحب جوازات السفر منهما، حيث تمكنت من الوصول إلى قندهار، وعلى الفور ذهبت إلى أحد المنازل التي تقيم فيها بعض الأسر اليمنية، وقابلت نساء، وهن: أم أسامة، وأم خلود، وأم الزبير، واصطحبها زوجها (الموقوف) - فيما بعد - إلى منزل أسامة بن لادن في قندهار، حيث كانت تحضر درسا أسبوعيا عند زوجة بن لادن يشمل العقيدة والفقه ودروسا عن القتال والرباط، ودور تنظيم القاعدة في تحقيق ذلك، ودور المرأة في الدعاء للمقاتلين، ومؤازرتهم، ومعهن زوجات عناصر التنظيم من الجنسيتين المصرية والجزائرية، كما كانت تتعلم اللغة العربية عند زوجة بن لادن الأخرى، وهي سعودية الجنسية. وقالت المتهمة اليمنية خلال اعترافاتها إنها بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، توجهت مع مجموعة من النساء إلى قرية انجواي، ورحلن عبر حافلات إلى الحدود الباكستانية ومنها إلى كويتا، ثم سافرن إلى اليمن، بعد أن تسلمت جوازات سفرهن من المضافات، حيث قُبض عليها هناك من الأمن السياسي، وجرى توقيفها لمدة شهر، حيث قامت بالتسلل عبر الحدود السعودية - اليمنية بطريقة غير مشروعة بواسطة شقيقها، والتقت زوجها في منطقة جازان، وانتقلت معه إلى مكة المكرمة، واستأجرت شقة بجوار الحرم المكي، حيث كانت تكفّر الحكومة السعودية والأنظمة العربية التي تعطل فريضة الجهاد، وتتعامل مع الولايات المتحدة.
ورحلت المتهمة اليمنية إلى بلادها بعد أن ألقي القبض على زوجها، ثم عادت إلى السعودية بتأشيرة حج برفقة والدتها وأشقائها، وتعرفت على الهاربة السعودية أروى بغدادي، وذهبتا إلى منزل سيدة تدعى أم أسماء، ومكثت اليمنية عندها 4 أشهر، وكانت تجري مقابلات مع زميلاتها، ويتبادلن الأحاديث عن ذوي الموقوفين، وكلهن يحملن الفكر القتالي والتكفيري ضد الدولة، وكانت تلتقي معهن المتهمة الثالثة وكنيتها «أم صهيب»، وحضرت فيما بعد المتهمة الأولى التي تكنى بـ«أم تركي» و«أم اليزن»، وبدأن العمل على جمع التبرعات للمقاتلين، وكذلك إرسال البعض الآخر إلى أفغانستان. واعترفت المتهمة اليمنية بأنها مكثت في منزل المتهمة الثالثة (أم صهيب) 8 أشهر، وسهلت لها الأخيرة إنشاء بريد إلكتروني، حيث أخبرتها أم صهيب بأنها سبق لها السفر إلى باكستان أثناء الحرب السوفياتية، وقامت بالتدريس في مدرسة للأيتام بباكستان، ثم عادت إلى السعودية، حتى أوقف زوجها في قضية أمنية، وكانت مطلوبة للجهات الأمنية، إلا أنها لم تكن تتجاوب معهم، وكانت تتخفى في المنازل، وتدرس المتهمة مع عدد من النساء من بينهن والدة 3 أشخاص قتلوا في مواجهات أمنية بالمدينة المنورة.
يُذكر أن اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودية، طالب جميع النساء الغيورات على وطنهن بعدم التردد في الإبلاغ عن أي ملاحظة يجري رصدها داخل المجتمع النسائي، حيث إن التنظيمات الإرهابية الضالة استغلت عملية استدراج السعوديين لتدريبهم ودفعهم إلى الجرائم الإرهابية، ومن ثم العمل على إعادتهم مرة أخرى إلى السعودية خلايا محلية تكون نواة لتنظيم إرهابي جديد.
فيما أقرت المتهمة الأولى وكنيتها «أم اليزن» بأن ابنها، وهو مطلوب أمني، التحق بصفوف القتال في العراق عام 2007، وبعد 20 يوما وردها اتصال من مجهول يفيد بأن ابنها قُتل في عملية انتحارية، وبعد عام واحد دفعت المتهمة بابنها الآخر، وهو مطلوب أمني، للقتال في أفغانستان، حيث وردها اتصال بعد عامين، بأن ابنها قتل في عملية قصف أميركي في أفغانستان، لا سيما أن المتهمة كانت تحرض ابنيها قبل خروجهما للقتال على القيام بعملية إرهابية أو انتقامية في وزارة الداخلية، خلال مراجعتهما في قضية والدهما الموقوف.
وأفادت بأن هناك شخصا كان يلتقي مع ابنها (15 سنة)، وهو محمد عصام بغدادي (قُتل في مواجهات أمنية بنقطة تفتيش المثلث في وادي الدواسر عام 2010)، حيث كان البغدادي، وهو شقيق المتهمة الثانية أروى الهاربة إلى اليمن، متخفيا عن الأنظار، ويعتقد حينها أنه في العراق، ويسعى للحصول على هوية مزورة من أشخاص في جدة للرجوع إلى العراق مرة أخرى.
وطلب نجل المتهمة الأولى من والدته السيارة لتهريب القتيل بغدادي إلى جازان، للخروج إلى العراق عبر اليمن، وأنه سوف يرتدي عباءة نسائية للتخفي عن أنظار رجال الأمن، فعرضت على ابنها مرافقتهما إلى جازان حتى لا يُكتشف أمرهما، فرفض ذلك، وذهب ابنها إلى جازان، ولم يستطع الخروج، فعاد إلى الرياض حيث قُبض على والدها بعد مواجهات أمنية في نقطة المثلث بوادي الدواسر.
واعترفت أم اليزن بأن هناك تجمعات نسائية لزوجات الموقوفين بسجون المباحث في مكة المكرمة، وهن يحملن الأفكار والتوجهات الفكرية نفسها التي تؤيد الأعمال القتالية داخل السعودية وخارجها، والقائمة عليهن هي المتهمة الثالثة (أم صهيب)، والمتهمة الرابعة، وأنهما يقومان بإعطاء دروس في منزليهما، ويحضر تلك الدروس زوجات الموقوفين في سجون المباحث العامة، وأن «أم صهيب» لديها طرق مختلفة لإرسال الشباب إلى أفغانستان.
وأدينت «أم اليزن» بتواصلها عبر الهاتف والبريد الإلكتروني مع السعودي عبد المحسن الشارخ، المطلوب رقم 49 في قائمة الـ85، الذي تبنى مجلس الأمن الدولي، أخيرا بالإجماع، القرار الذي تقدمت به بريطانيا لإدراجه على لائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم القاعدة، وذلك حينما كان يتنقل بين إيران وأفغانستان، قبل أن ينتقل إلى سوريا، وينضم للواء «جبهة النصرة»، ويعين أميرا للساحل في اللاذقية.
وقد أثر زوج «أم صهيب»، وهو موقوف على ذمة قضية أمنية، في أبنائها وبناتها بالفكر القتالي التكفيري، وأمرهم بترك الدراسة في المدارس لأنها حرام، وقد تواصلت عبر الهاتف والبريد الإلكتروني مع أحد المقاتلين في أفغانستان ويدعى «جابر»، وطلب منها مبلغا ماليا، وقامت بتوفيره من الهاربة أروى بغدادي، حيث استعدت المتهمة لإرسال ابنتها (12 سنة) للسفر إلى أفغانستان للزواج من الأفغاني «جابر»، ولم تنجح المحاولة، وعزمت مرة أخرى على الخروج إلى أفغانستان بصحبة أبنائها وبناتها، ولم تستطع أيضا.
فيما أقرت السعودية أروى بغدادي، التي هربت إلى اليمن بصحبة شقيقها وزوجة شقيقها القتيل، وطفلها الرضيع، وأطفال قامت بتبنيهم، بانتهاجها الفكر التكفيري، وأن المتهمة اليمنية التي تلقت الدروس التكفيرية في منزل بن لادن، طلبت منها عدم اللهو في الدنيا، وأن تتعلم معها ومع بعض زميلاتها الكتب الدينية، وأن علماء السعودية لا يعجبونها، وأن المتهمة الأولى (أم اليزن) طلبت منها أن تعرض أفلاما، ومقاطع قتالية، وعمليات عسكرية، ومقاطع قتل ونحر، على الأطفال الذين تبنتهم الهاربة بغدادي، وكانت ترى أن أسامة بن لادن ليس شيخا للمجاهدين، بل أن عبد الله عزام يستحق هذا اللقب.
وتزوجت «بغدادي» من أحد الموقوفين في السجن، الذي تعرف على شقيقها القتيل محمد قبل أن يطلق سراحه، وقامت بعد القبض عليها بسب ولعن المجندات في السجن، وتوجيه ألفاظ غير أخلاقية إليهن، وحاولت الاعتداء بالضرب على إحدى المجندات، وإثارة الفوضى والإضراب عن الطعام، كما لعنت الدكتورة أثناء الكشف عليها، ورمتها بجهاز الضغط، وقذفت إحدى المجندات بـ«الزنا».
واعترفت المتهمة الثالثة (أم صهيب) بأن فكرة خروجها إلى باكستان عائدة إلى تأثير المجلات الدعوية في فكرها، وعزمت بعد ذلك على الذهاب إلى هناك، وبعد زواجها طلبت من زوجها الذهاب إلى باكستان، والتحقت بمؤسسة دار الأيتام، ومعها مجموعة من النساء المصريات والجزائريات اللائي يحملن الفكر التكفيري، وتعرفت على المتهمات الأربع، ونساء أخريات، نتيجة إيقاف أزواجهن لدى الجهات الأمنية، وجهّزت عددا من الرجال للقتال في أفغانستان، وزودتهم بنحو 60 ألف ريال، وقامت بربط أحدهم مع شخص يحمل الجنسية الأفغانية يعمل في المدينة المنورة للتنسيق معه.
وكفّرت المتهمة الرابعة، وكنيتها «أم سليمان»، الدولة السعودية، واتهمت أفرادها وضباطها بالردة، وادعي عليها بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، وتأييدها الأعمال التي يقومون بها، وحيازتها مقاطع مرئية تحث على المشاركة في القتال، ودورات تدريبية في صناعة الأسلحة، والتشريك، وعمل المتفجرات، وعملت على نشر فكر «القاعدة» الإرهابي، وقدحت في أمانة مفتي عام المملكة العربية السعودية، ووصفته بأنه شيخ سلطة.
وهربت «أم سليمان» إلى منطقة الجوف، ومكثت هناك نحو 20 شهرا، دون أن يعلم عنها أحد، وذلك بعد أن طلبت منها السلطات الأمنية الحضور، خلال القبض على اثنين من أشقائها، لا سيما أن زوجها الموقوف لدى السلطات الأمنية غادر إلى أفغانستان، مرورا بالإمارات وباكستان، ثم عاد إلى هناك بعد أن مكث سنة كاملة، وألقي القبض عليه. وكانت «أم سليمان» تجمع النساء في منزلها للحديث عن الجهاد بشكل عام، وكذلك جهاد تنظيم القاعدة، وكانت تجمع الأموال لصالح مؤسسة خيرية، إلا أن المؤسسة أغلقت بأمر من السلطات الأمنية، وجرى إيقاف مديرها، وقامت بتحويل الأموال إلى أفغانستان. واعترف أحد الموقوفين السعوديين بأن هناك تجمعات نسائية في منطقة مكة المكرمة لا تقل خطورتها عن تجمعات الشباب المتطرفة، بل هي أشد خطورة، لسهولة تواصلهن بحجة الزيارات العائلية، إذ أصبح ارتباط النساء المتطرفات عن طريق النسب فيما بينهن غطاء لتنقلاتهن، مفيدا بأن هؤلاء النساء يحملن فكرا تكفيريا، ويحرِّمن الالتحاق بالوظائف الحكومية والمدارس، وأن أنشطتهن بدأت تنتشر في منطقتي الجوف والقصيم.
وقال الموقوف إن أهداف النساء المتطرفات تتضمن التواصل مع أسر السجناء لضمهن إليهن، واحتوائهن، وتقديم المساعدات المالية لهن، وإقامة محاضرات داخل الاستراحات لنشر الأفكار التكفيرية والجهادية المتطرفة، وجمع الأموال من خلال تلك التجمعات لدعم القتال، والعمل على تزويج الشباب، سواء الموقوفون منهم ومن يحمل التوجهات المتطرفة، بهؤلاء النساء.
وأكد الموقوف أن المتهمة الرابعة وكنيتها «أم سليمان» التي تعد بمثابة «الشيخ» عند النساء، وامرأة تكنى بـ«أم صهيب» تعد من أكثر النساء تشددا وتطرفا في تلك المجموعة، كما أنهن يتواصلن مع السجناء أثناء زيارة أزواجهن، لمعرفة من ألقي القبض عليه، حتى يتسنى لهن زيارة عائلة الموقوف.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)