عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> عبد الله بن سعد الغريري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المغربية، شهد احتفال «الخطوط السعودية» في المغرب بوصول أولى رحلاتها المباشرة والمنتظمة بين المملكة ومراكش، وثاني وجهاتها بالمملكة المغربية بعد الدار البيضاء. وألقى السفير كلمة بهذه المناسبة أكد فيها أن تدشين الخط الجديد سوف يسهم في تعزيز الروابط المشتركة، موضحاً أنها خطوة مباركة وبداية لخطوات مماثلة، يتم خلالها تدشين خطوط جديدة ورحلات مباشرة إلى وجهات ومدن سياحية أخرى في المغرب.
> الدكتورة ابتسام محمد صالح الدلال، عضو مجلس الشورى البحريني، عضو لجنة الخدمات بالمجلس، منحها المنتدى العالمي للقيادات السياسية النسائية (WPL)، منصب سفيرة المنتدى لدى مملكة البحرين، لتنضم بذلك الدلال إلى قائمة سفيرات المنتدى البالغ عددهن 41 سفيرة على مستوى العالم. وعبرت الدلال عن عميق امتنانها واعتزازها لنيلها ثقة إدارة المنتدى ومنحها هذا المنصب.
> الشيخ سيف بن هلال الحوسني، رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية بالإنابة، رعى فعاليات المهرجان التراثي الثاني بولاية الخابورة، الذي أقيم تحت شعار «إحياء الموروث العماني القديم في فرحة العيد»، تضمن المهرجان عدداً من الفعاليات المتنوعة، من بينها فنون الخيل، وفنون الهجن، والفنون التقليدية العمانية، ومعرض لصناعة الخناجر، ومعرض للحرفيين، بالإضافة إلى معرض للأسر المنتجة.
> فرانشيكوس فيروس، السفير اليوناني في بيروت، مثَّل الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس، في افتتاح المهرجان اليوناني في الشارع الروماني بجبيل، الذي نظمته جمعية «ستين فيريتو - بيروت». وقال السفير إن «فكرة تنظيم هذا المهرجان لا تصب فقط في خانة التسويق للثقافة والمأكولات اليونانية في لبنان، إنما أردنا أيضاً أن يتعرف اليونانيون إلى لبنان، وكذلك اللبنانيون على ثقافة اليونان وسياحتها».
> جانين مابوندا، الرئيسة الجديدة للبرلمان في الكونغو الديمقراطية، التقت حمدي شعبان، سفير مصر لدى الكونغو، الذي قدم لها التهنئة على انتخابها رئيسة للبرلمان، وباعتبارها أول سيدة في تاريخ الكونغو الديمقراطية تتولى هذا المنصب الرفيع. وأعربت مابوندا عن شكرها وتقديرها لمواقف مصر المساندة للكونغو الديمقراطية عبر العقود الماضية.
> الفريق الركن أحمد بن حارث النبهاني، رئيس أركان قوات السلطان المسلحة العُمانية، زار المعسكر التدريبي لفريق قوات السلطان المسلحة للرماية، المشارك في بطولة «بيزلي» الدولية للرماية بالمملكة المتحدة، والذي يقيمه الفريق استعداداً للمشاركة في البطولة العسكرية الدولية للرماية (بيزلي)، والمقرر إقامتها بالمملكة المتحدة خلال الفترة من 13 حتى 25 من يونيو (حزيران) الجاري. وحث النبهاني أعضاء الفريق على بذل مزيد من الجهد، مشيداً بالاستعدادات والجاهزية التي يقوم بها الفريق لخوض غمار المنافسات.
> جمال الجراح، وزير الإعلام اللبناني، شهد افتتاح مركز طبي في البقاع الأوسط. وشدد الوزير، في كلمته، على أهمية مثل هذه المراكز في منطقة متعطشة للمشروعات والخدمات الطبية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها البلد، مشيراً إلى أنه في منطقة البقاع، ومع زيادة التضخم السكاني، يزداد التلوث، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض أكثر. وفي ختام الافتتاح سلمت إدارة المركز الطبي درع شكر وتقدير لوزير الإعلام.
> السفير جمال الغنيم، مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، استقبل بمقر مندوبية الكويت بجنيف وفد الإدارة العامة للطيران المدني المشارك في فعاليات المؤتمر الدولي للأرصاد الجوية؛ حيث دار النقاش حول مسار جلسات المؤتمر، وكيفية الاستفادة من مناقشاته حول مواجهة التغيرات المناخية السلبية، خصوصاً أن المؤتمر هذا العام يناقش ملفات مختلفة، حول آليات الرصد والتنبؤات وتبادل المعلومات بين محطات الرصد إقليمياً ودولياً.
> الدكتور محمد مبارك بن دينه، الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة في البحرين، حضر فعالية نظمها كل من المجلس الأعلى للبيئة، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، ومكتب الأمم المتحدة للبيئة، في استوديو 224 بمحمية ومتنزه دوحة عراد، بمناسبة يوم البيئة العالمي. وأشاد الدكتور محمد بالجهود المتميزة التي يبذلها مكتب الأمم المتحدة للبيئة في مملكة البحرين، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، من أجل نشر الوعي البيئي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)