شكوك بقدرة «ممر البحر الشمالي» على منافسة قناة السويس

كاسحة جليد نووية روسية جديدة تنضم إلى جهود تنشيطه

كاسحة الجليد النووية الروسية {أورال} بعد تدشينها الشهر الماضي (رويترز)
كاسحة الجليد النووية الروسية {أورال} بعد تدشينها الشهر الماضي (رويترز)
TT

شكوك بقدرة «ممر البحر الشمالي» على منافسة قناة السويس

كاسحة الجليد النووية الروسية {أورال} بعد تدشينها الشهر الماضي (رويترز)
كاسحة الجليد النووية الروسية {أورال} بعد تدشينها الشهر الماضي (رويترز)

قررت مؤسسة «روسآتوم» إطلاق منصة لبحث تطوير ممر البحر الشمالي للنقل مع جميع المهتمين بهذا الممر الجديد من روسيا ودول أخرى. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود الروسية الرامية إلى تحسين قدرات النقل التجاري الدولي عبر البحار المتجمدة في القطب الشمالي. وفي السياق ذاته أعلنت «روسآتوم» أخيراً انضمام كاسحة جليد نووية جديدة إلى أسطول يضم عشرات كاسحات الجليد من هذا النوع، تعمل على تسهيل عبور السفن التجارية عبر تلك البحار، وشق الجليد أمامها لاستخدام ذلك الممر طيلة أيام السنة. ومع أن تصنيع كاسحات الجليد يعود إلى الستينيات من القرن الماضي، إلا أن ذوبان أجزاء منه تحت تأثير التغيرات المناخية، دفع مجددا إلى الواجهة بإمكانية الاستفادة من بحار الشمال المتجمدة كممر جديد للتجارة الدولية، لا سيما بالنسبة لروسيا التي يتركز إنتاج معظم صادراتها من المواد الخام (النفط والغاز والأخشاب، وغيرها) على أطراف المنطقة القطبية، في الشمال وشمال شرقي البلاد. في غضون ذلك يستمر الجدل بشأن القدرات الفعلية لهذا الممر التجاري، وبينما يقول مسؤولون روس إنه قد يتحول إلى بديل عن قناة السويس، يشكك خبراء بدقة هذا الاعتقاد، انطلاقا من عوامل عدة متصلة بالتعقيدات المناخية، وتوزع حركة التجارة العالمية.
وكانت مؤسسة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية، عقدت على هامش أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الاجتماع التأسيسي لما أطلقت عليه «المجلس الاجتماعي لتطوير ممر البحر الشمالي»، بمشاركة شخصيات من مؤسسات السلطة الروسية في المنطقة القطبية، فضلا عن ممثلي شركات روسية وأجنبية تعمل في تلك المنطقة. وأشار أليكسي ليخاتشوف، مدير عام «روسآتوم» إلى مشاركة شركات نقل بحري عملاقة من مختلف الدول في الاجتماع، ورأى في ذلك تأكيداً على الاهتمام الكبير من جانب الشركات الروسية والأجنبية في تطوير عمل الممر.
وفي وقت سابق، وبغية توسيع إمكانيات النقل التجاري عبر البحار المتجمدة في أقصى الشمال، أطلقت «روسآتوم» كاسحة جليد جديدة تعمل بالطاقة النووية، اسمها «أورال»، طولها 173 متراً، وتم تزويدها بمفاعلين نوويين يتميزان بكفاءة عالية وحجم صغير، وباستطاعة توليد طاقة تصل حتى 350 ميغاواط، ما يسمح لها باختراق جليد بسماكة 3 أمتار. وتتميز كاسحة الجليد «أورال» بقدرتها على تغيير غاطس السفينة اعتماداً على ما إذا كانت السفينة تحتاج إلى التنقل في البحر القطبي أو مصبات الأنهار الضحلة. وقال مدير عام «روسآتوم» إن كاسحة الجليد «أورال» تشكل مع مثيلاتها «عنصراً رئيسياً في مشروعنا الاستراتيجي المتمثل في فتح طريق بحر الشمال أمام النشاط الملاحي طوال العام». موضحا أن الهدف العام من هذه الخطوات هو الوصول عام 2024. إلى مرور أكثر من 80 مليون طن من الشحنات عبر هذا المنفذ البحري»، وأكد العمل على «إضافة سفينتين أخريين إلى أسطولنا من كاسحات الجليد النووية بحلول عام 2027».
ومع أن الأنظار بدأت تتجه نحو الممر الشمالي على خلفية ذوبان أجزاء من الجليد خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الاهتمام بهذا الممر التجاري يعود إلى القرن السادس عشر. أما تصنيع أول كاسحة جليد نووية بغية شق الطريق أمام السفن التجارية فيعود إلى الحقبة السوفياتية، حين تم اتخاذ قرار ببناء أول كاسحة من هذا النوع في خريف عام 1953. وفي الوقت الحالي خرجت معظم كاسحات الجليد النووية التي صُنعت في الحقبة السوفياتية عن الخدمة. ويبقى في الأسطول الروسي 4 كاسحات نووية، ترافقها 5 سفن للخدمة التقنية. ويجري العمل حاليا على إطالة فترة خدمة عدد من الكاسحات، وتصنيع عدد آخر وفق تصاميم تقنية حديثة.
اهتمام روسيا بممر النقل البحري الشمالي، يعود إلى حاجتها لممرات تجارية مناسبة، لنقل إنتاجها من نفط وغاز ومواد خام أخرى كثيرة، يتركز الجزء الأكبر منها في سيبيريا ومناطق أخرى على حافة القطب الشمالي، إلى الأسواق الخارجية. إذ تشير المعطيات إلى أن شركات النفط والغاز الروسية الضخمة، مثل «غاز بروم» و«روسنفت» و«لوك أويل»، هي من المستخدمين الرئيسيين للممر البحري الشمالي. وقالت وكالة «تاس» إن كاسحة الجليد النووية «أورال» التي نزلت المياه أخيراً ستضمن بما في ذلك شق الجليد ومرافقة السفن المحملة بالنفط والغاز وغيرهما من مواد خام باتجاه أسواق منطقة آسيا –المحيط الهادي. وأعلنت روسيا في 25 مايو (أيار) 2016 عن تحميل أول ناقلة نفط روسية في محطة تخزين وشحن النفط الجديدة في منطقة «يامال» في القطب الشمالي، وقد أطلق على تلك المحطة اسم «بوابة القطب الشمالي». وأشرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحميل الناقلة ضمن مراسم رسمية لإعلان بدء العمل عبر تلك «البوابة»، التي ستقوم بصورة رئيسية بمهام نقل النفط الروسي من سيبيريا، وبصورة خاصة من حقل «نوفوبورتوفسك» الأغنى عالميا باحتياطيات مستكشفة نحو 250 مليون طن من النفط، و320 مليار متكر مكعب من الغاز، إلى الأسواق الخارجية...
رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف ترأس نهاية العام الماضي اجتماعا للجنة الخاصة بتطوير الشمال، قال في مستهله إن «منطقة القطب الشمالي تحتوي على أكبر احتياطي مواد خام في البلاد»، موضحاً أن «احتياطات الموارد الطبيعية فيها تصل حتى 7.3 مليار طن من النفط ونحو 55 تريليون متر مكعب من الغاز». وقال إن «الأمر لا يقتصر على الهيدروكربونات فقط، وهناك خامات أخرى كثيرة هنا هي فريدة من نوعها»، لافتاً إلى أنه «تم اكتشاف مخزونات من البلاتين والألماس والذهب وغيرها، بما في ذلك المعادن الاستراتيجية». ونظراً للموقع الجغرافي للمنطقة التي يدور الحديث عنها، من الطبيعي أن يكون ممر بحر الشمال مثاليا لتصدير كل تلك المنتجات من روسيا إلى الأسواق الخارجية، لذلك شدد ميدفيديف في كلمته تلك على «ضرورة تنفيذ المشاريع الأساسية، وغيره من شروط لتطوير طريق البحر الشمالي».
إلى جانب ما سبق تأمل روسيا بتنشيط حركة التجارة الدولية عبر طريق البحر الشمالي، وتعلق الآمال بأن يصبح مع الوقت بديلا أو منافسا للطرق المتاحة حاليا، مثل قناة السويس. هذا الموقف عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالته السنوية إلى الجمعية الفيدرالية ربيع العام الماضي، وقال حينها إن طريق البحر الشمالي سيصبح «مفتاح تطوير المناطق القطبية الشمالية الروسية والشرق الأقصى»، لافتا إلى مهمة أمام الحكومة الروسية لجعل تلك الطريق «شريان نقل عالميا تنافسيا بجدارة» وعبر عن قناعته بأنه «إذا تأكدنا من استخدام هذه الطريق التجارية على مدار العام، فإن حركة البضائع من آسيا إلى أوروبا والعودة ستكون أكثر جدوى اقتصاديا من الطرق الأخرى المتاحة اليوم».
إلا أن خبراء يشككون بقدرة الممر الشمالي على منافسة ممر مثل قناة السويس، لجملة أسباب، وفي مقدمتها طبيعة المناخ في القطب الشمالي، حيث لا تستطيع السفن التحرك هناك إلا خلال فترة محدودة من السنة (3 - 4 أشهر فقط) وغير ذلك ستكون السفن التجارية بحاجة لمرافقة كاسحة جليد، ما يؤدي إلى طول الزمن خلال الرحلة. فضلا عن ذلك تتطلب رحلة تجارية كهذه توفر طاقم يتمتع بالخبرة المناسبة. وبالنسبة للإشارة إلى التباين في المسافات بين استخدام ممر البحر الشمالي وممر السويس، يشير الخبراء إلى أن المسألة هنا نسبية وتعود إلى وجهة وموقع الميناء الذي تنطلق منه السفينة. هذا علاوة على مسائل أخرى مثل التعقيدات البيروقراطية للحصول على موافقات عبور تضمن الحصول على الخدمات خلال العبور في حالة الممر البحري الشمالي، بينما يتم الحصول على تلك الموافقات دون أي عناء بحال استخدام قناة السويس.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.