الصينيون يبحثون عن «العربية» عبر التعليم عن بُعد

اتفاقية لتصدير اللغة مع شركة سعودية

المهندس زهير أثناء توقيع الاتفاقية مع الجانب الصيني
المهندس زهير أثناء توقيع الاتفاقية مع الجانب الصيني
TT

الصينيون يبحثون عن «العربية» عبر التعليم عن بُعد

المهندس زهير أثناء توقيع الاتفاقية مع الجانب الصيني
المهندس زهير أثناء توقيع الاتفاقية مع الجانب الصيني

تتجه الصين خلال الفترة المقبلة إلى رفع عدد المتحدثين باللغة العربية بين مواطنيها، الذين يزيد عددهم على 1.4 مليار شخص، بعد أن وقّعت الصين، أول من أمس، اتفاقية مع شركة التعليم والتدريب عن بُعد السعودية، لتعليم وتدريب المواطنين الصينيين على قواعد اللغة العربية ومضامينها.
ويدفع هذا التوجه شغف الصينيين للاطلاع على الثقافة العربية الإسلامية، واسترجاع حكاية التاريخ عبر طريق الحرير الصيني، الرابط بين العالم العربي والصين منذ آلاف السنين، والذي أسهم في تطور الكثير من المدن التي تمر بها القوافل المتجهة من الشرق إلى الغرب، إضافة إلى رغبة الصينيين المسلمين في تعلم اللغة العربية.
وقال دينغ هو في، رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الصينية «إن البدء بالعمل في مضامين الاتفاقية سيجري في وقت قريب»، موضحا أنه سيعقد اجتماعات متعددة خلال أيام مع الجامعات والمدارس الصينية في بلاده، وسيوصي بالإسراع في تفعيل بنود واستخدام البرامج الخاصة بها». وأضاف دينغ أن بلاده متجهة من خلال هذه الاتفاقية إلى زيادة نسبة المتحدثين بالعربية بين صفوف مواطنيها، مؤكدا أهمية التوجه الذي سيعمل على تعزيز المعرفة بالحضارة الإسلامية العريقة بين صفوف الأقلية الإسلامية في بلاده بشكل خاص، وبين عامة الشعب بشكل عام.
وتابع دينغ أن «الشراكة بين بلاده وبين الحضارة العربية هي شراكة قديمة وأثرية، امتدت على مدى عصور وقرون ماضية، وتحديدا منذ نشأة طريق الحرير الذي شهد من خلاله وصول الدين الإسلامي إلى بلاده، بجوار التعاون الاقتصادي الذي ما زال قائما حتى اليوم»، موضحا أن الاتفاقية تعتبر شيئا جديدا ومهما، لإشاعة ونشر ثقافة تعلم اللغة العربية في الصين، التي يتجاوز عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، من بينهم أقلية يصل عددها إلى أكثر من 50 مليون نسمة يعتنقون الديانة الإسلامية، مشيرا إلى أنه على الرغم من وجود بعض المدارس الإسلامية التي تعلم اللغة العربية، فإنها غير كافية. وقال دينغ «إن تعلم اللغة يحتاج إلى جهات متخصصة في المجال لتتمكن من توصيل الرسالة بالشكل الصحيح والأمثل»، مستدركا «وجود التبرعات لبناء المساجد والمدارس الإسلامية أمر غير كاف، وكلا الأمرين مهم، فوجود المتبرعين ووجود الجهات المتخصصة بالتدريب والتعليم معا، هو أمر تكاملي سيحقق المصلحة والمنفعة للجميع».
ووصف رئيس مجلس العلاقات الصينية - الإسلامية توقيع الاتفاقية بالمسار المهم الذي سينقلهم إلى مرحلة جديدة، في ما يتعلق برفع مستوى المسلمين في الصين، من حيث تعلم اللغة وزيادة تعريفهم بالديانة الإسلامية والثقافة والحضارة الإسلامية العريقة، لافتا إلى أن نحو ألف صيني فقط من أصل العدد الإجمالي للسكان يجيدون اللغة العربية تحدثا وكتابة.
وعن عدد المستهدفين بتعلم اللغة العربية، لم يفصح رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الصينية عن حجم العدد المستهدف، إلا أنه يرى الأفضلية في زيادة عدد من يجيدون اللغة العربية دون تحديد سقف أعلى لمن سيحصلون على تلك البرامج التي تضمنتها بنود الاتفاقية، لافتا إلى أن التعرف على الحضارة الإسلامية مهم بالنسبة لنا، فالحضارة الإسلامية تعد حضارة عريقة يجب الاهتمام بها والتعرف عليها، خاصة أنها تأتي من بين أبرز خمس حضارات عرفها العالم على مر التاريخ والعصور. واستطرد أن «الشعب الصيني مهتم بالاطلاع على الثقافة العربية الإسلامية، خاصة أن طريق الحرير الصيني هو الرابط الذي جمع بين العالم العربي والصيني منذ آلاف السنين، وقبل أن تصل الثقافة الغربية إلى بلادنا، التي لم يتجاوز عمرها حتى الآن نحو القرن الميلادي»، مفيدا بأن طريق الحرير هو أحد أهم مسالك القوافل المتجهة من الشرق إلى الغرب، التي تمر في طريقها ببلدان ما لبثت أن ازدهرت مع ازدهار هذا الطريق التجاري الأكثر شهرة في العالم القديم.
من جانبه، قال المهندس زهير بن علي أزهر، الرئيس التنفيذي لشركة التعليم عن بُعد «هذه الاتفاقية التي تنص على تقديم خدمات التعليم والتدريب عن بُعد في الصين تكمن أهميتها في حاجة الصينيين المسلمين بشكل خاص لتعلم وإجادة لغة دينهم، خاصة أن أعداد الناطقين والمجيدين لها إجادة تامة ما زالت في حدودها الدنيا».
ويرى أزهر أن الاتفاقية تؤكد أهمية وحاجة المسلمين الصينيين إلى تعلم اللغة العربية وعلومها، وتعلم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف – أيضا - وحفظ وقراءة القرآن الكريم بشكل متقن وصحيح، مضيفا «تأتي هذه الخطوة امتدادا لواجبات الشراكة الاجتماعية تجاه المسلمين بشكل عام، وبشكل خاص تجاه الوطن العربي والإسلامي». وأشار أزهر إلى أن اللغة العربية استطاعت أن تستوعب الحضارات المختلفة، وأنها ارتبطت بالحياة بشكل عام، حتى أصبحت هي اللغة السائدة للغة العلم والأدب والسياسة والحضارة، فضلا عن كونها لغة الدين والعبادة.
وعن سبب تبنيهم مثل هذا التوجه في الاتفاقية، قال الرئيس التنفيذي لشركة التعليم والتدريب عن بُعد «جاء توجهنا بعد ما شهدناه من قلة الجهود المبذولة في هذا الميدان، إذ إنه على الرغم من سعي الكثير من المؤسسات الرسمية والهيئات التعليمية إلى تقديم شيء في هذا الميدان، فإن الطلب على اللغة العربية لا يمكن مقارنته بتلك الجهود المبذولة في الوقت الحالي، فمهما قدّمت الجامعات في الدول العربية والمنظمات الرسمية في مختلف أنحاء العالم من جهد، فإنه تظل هناك حاجة إلى المزيد والمزيد».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.