شاشات : رحيل إعلامية

جوان ريفرز
جوان ريفرز
TT

شاشات : رحيل إعلامية

جوان ريفرز
جوان ريفرز

* كانت جوان ريفرز، الإعلامية التي رحلت بعد ظهر يوم الخميس الماضي عن 81 سنة، متعددة الوجوه: هي إعلامية الحضور من حيث مواكبتها مختلف وسائط التواصل التقليدية منها والحديثة، وشخصية تلفزيونية وممثلة من حين لآخر، كما كوميدية أدت مسارح فردية. وهي بدأت صولاتها التلفزيونية عام 1983 عندما عينها الإعلامي اللامع الراحل جوني كارسون لكي تتسلم برنامجه اليومي «ذا تونايت شو» في الأسابيع التي لا يظهر فيها (تبعا لعطل أو ضرورات)، لكنه فوجئ بها تقوم بتقديم برنامج منافس مع مطلع إطلاق قناة «فوكس» الأميركية، فامتنع عن الكلام معها حتى وفاته عام 2005.
برنامجها ذاك لم يعش طويلا. بعد ثمانية أشهر أوقفته المحطة، مما جعلها تتوجه إلى برنامج يبث إداريا (Syndicated) على أكثر من محطة في وقت واحد.
في التسعينات، شهدناها تقوم بتقديم الفقرات السابقة لحفل الـ«غولدن غلوبس» لحساب محطة (Entertainment) الأميركية، ثم ارتبطت بعقد مماثل مع محطة (TV Guide Channel)مدته ثلاث سنوات تقدمه مع ابنتها ماليسا.
جوان ريفرز، التي وُلدت باسم جوان ألكسندرا مولينسكي، في بروكلين عام 1933 لم تكترث للموهبة، بل للأداء ودعمت ذلك بأسلوبها اللاذع في الحديث وفي تناول الشخصيات الاجتماعية، بما في ذلك شخصيـتها هي. وقبل ولوجها عالم التلفزيون، بدأت وهي بعد شابة بالكتابة وتقديم الأدوار الكوميدية القصيرة. أرادت أن تقدم نفسها كـ«امرأة يهودية عصبية»، كما تقول في كتاب مذكرات وضعه المحامي هنري بوشكين الذي مثل جوني كارسون إعلاميا. وهي بذلك من رعيل الكوميديين بل كوسبي وريتشارد بريور ورودني دانجرفيلد، لكنها بلغت نجاحا لم ينجزه أي من هؤلاء، باستثناء بل كوسبي نفسه.
كانت ريفرز دخلت مستشفى «ماونت سيناي» في هوليوود قبل نحو أسبوع قبل وفاتها، حيث أعلن أن حالتها ازدادت سوءا بعد ذلك. ابنتها التي أعلنت وفاتها قالت: «إن سعادة أمها كانت جعل الناس تضحك». ربما هذا كان حقيقيا، لكنها في الوقت ذاته أمّت هذه السعادة بالضحك على الآخرين.‪

النقرة الحادية عشرة
* الجميع يشكو لكن الحل ليس سهلا. ‪هل هناك من باب لم تطرقه الصحافة اليومية لأجل استرداد قرائها؟ بل هل هناك من باب لم تطرقه إلى الآن؟
مع طغيان تفضيل قراءة الصحيفة على الإنترنت عوض شرائها من ‫المحال والمكتبات، تجد الصحف كافة نفسها وقد اضطرت إلى سوق موادها ومعلنيها صوب مواقعها الإلكترونية، حيث تكمن اليوم النسبة الأكبر من القراء.
بعض هذه الصحف، مثل «ذا نيويورك تايمز»، تحاول فرض قيود مقابل السماح للقراء بمطالعة الجريدة يوميا على الإنترنت، لا بد من اشتراك مدفوع في النقرة الحادية عشرة. معنى ذلك أنها تتيح للقارئ أينما كان قراءتها مجانا عشر مرات في الشهر. المرة الحادية عشرة عليه أن يدفع قيمة اشتراك لشهر أو أكثر.
البعض الآخر يعمد إلى المزج بين النشر والنشر المشروط، فبإمكانك أن تقرأ ما تريد في أي يوم، لكن إذا ما حاولت العودة إلى الأرشيف وجب عليك الاشتراك.
والمجلات الأسبوعية والشهرية أكثر احتكاما لأسلوب ثالث، وهو نشر مقالات محددة والإبقاء على معظم ما يحتويه العدد المطبوع ملك العدد المطبوع وحده.
والمجلات الأسبوعية تشهد الأزمة أكثر مما سواها، كون أعدادها الأسبوعية لا تواكب الحدث، وقارئ المواقع يذهب إلى ما سواها لاستشفاف ما يحدث يوميا. والمجلة الألمانية الأسبوعية «دير شبيغل» تمر بأزمة صراع بين فريقين: فريق المجلة المطبوعة وفريق المجلة الإلكترونية. الأول يريد التمسـك بمنوال العمل الذي سارت عليه المجلة العريقة، والآخر يريد تحويل الدفة بأسرها صوب الموقع المبثوث ودعم المحررين المتزايد لهذا الموقع.

قمة تلفزيونية
* صدرت قبل أقل من شهر إحصائية جديدة من مؤسسة «ABC» للتحقق من الانتشار حول سوق المجلات الأسبوعية والشهرية، حيث لوحظ انخفاض المبيعات بنسبة 4‪.4 في المائة، وذلك في فترة الأشهر الستة الأولى من هذا العام قياسا بفترة الأشهر الستة الثانية من العام الماضي. والسبب لا يزال واحدا وهو تفضيل القراء للمطالعة الديجيتال.
الناتج، بطبيعة الحال، ارتفاع عدد المجلات التي تقوم بالنشر المباشر بالديجتال، بقيام 95 مجلة باللجوء إلى هذا الحل، مما رفع نسبة مجلات الديجيتال إلى 44 في المائة. التقرير لا يشمل المواقع الإلكترونية، بل فقط النشر مقابل الدفع الفوري.
والمجلات العشر الأولى الواردة في هذا التقرير (من أصل مائة مطبوعة) تعتليها المجلات التلفزيونية الثلاث: «TV Choice» و«hat‪›s On TV»، وRadio Times»»، ومن المركز الرابع حتى العاشر المجلات النسائية والعامة الخفيفة وهي بترتيب ورودها Take a Break و Slimming World Magazine و Sage Magazine وGood Housekeeping و Glamour .Woman and Home و New



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».