سيراليون تفرض حظر التجوال لمدة 4 أيام لمكافحة الإيبولا

العشرات يفرون من منازلهم في ليبيريا خوفا من مصابين بالفيروس

فريق طبي بملابس واقية ينقل جثة لأحد ضحايا الفيروس في مستشفى جون كنيدي بالعاصمة الليبيرية مونروفيا (أ.ف.ب)
فريق طبي بملابس واقية ينقل جثة لأحد ضحايا الفيروس في مستشفى جون كنيدي بالعاصمة الليبيرية مونروفيا (أ.ف.ب)
TT

سيراليون تفرض حظر التجوال لمدة 4 أيام لمكافحة الإيبولا

فريق طبي بملابس واقية ينقل جثة لأحد ضحايا الفيروس في مستشفى جون كنيدي بالعاصمة الليبيرية مونروفيا (أ.ف.ب)
فريق طبي بملابس واقية ينقل جثة لأحد ضحايا الفيروس في مستشفى جون كنيدي بالعاصمة الليبيرية مونروفيا (أ.ف.ب)

قررت سيراليون فرض حظر التجوال في شتى أنحاء البلاد لمدة 4 أيام ابتداء من 18 سبتمبر (أيلول) الحالي في محاولة وقف انتشار فيروس الإيبولا عبر هذا البلد الغرب أفريقي.
وقال إبراهيم بن كارجبو، وهو مستشار للرئيس في قوة عمل مكافحة الإيبولا في سيراليون، إنه لن يسمح للمواطنين بمغادرة منازلهم فيما بين 18 و21 سبتمبر في محاولة لمنع انتشار المرض بشكل أكبر والسماح لموظفي الصحة بتحديد الحالات في مراحلها الأولى، مضيفا في تصريحات لوكالة رويترز أن «هذا المنهج الجريء ضروري لمعالجة انتشار الإيبولا بشكل نهائي».
وأظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أنه بحلول الجمعة سجلت سيراليون 491 حالة وفاة من بين إجمالي 2097 حالة وفاة، أُنحي باللائمة فيها على الإيبولا في غرب أفريقيا منذ مارس (آذار).
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الخبراء اتفقوا على أن العلاج باستخدام الأدوية المشتقة من الدم والأمصال من ناجين قد تستخدم لعلاج فيروس الإيبولا، ودعت للاستثمار في مجال الأدوية التجريبية.
وقالت ماري بول كيني مساعدة المدير العام للمنظمة في مؤتمر صحافي أول من أمس الجمعة: «هناك فرصة حقيقية في إمكان استخدام المنتجات المستخلصة من الدم الآن. قد يكون هذا فعالا في علاج المرضى». وأضافت: «هناك سلبيات تتمثل في أن لدينا عددا كبيرا من المرضى، لكن النقطة الإيجابية هي أن هناك الكثير من الناس في مرحلة النقاهة وقد نجوا وصحتهم جيدة. يمكننا استخلاص الدم والمصل من هؤلاء للعلاج». وذكرت أنه تم تحديد لقاحين «مبشرين» ضد الإيبولا، وقد تتوفر نتائج عن سلامة الاستخدام من التجارب الإكلينيكية في الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا بحلول شهر نوفمبر (تشرين الثاني) تمهيدا لاستخدامها.
ذكرت تقارير إخبارية أمس السبت أن العشرات من السكان فروا من منازلهم عندما منع مصابون بفيروس الإيبولا من دخول مركز عزل مكتظ في العاصمة الليبيرية مونروفيا.
وقالت صحيفة «فرانت بيدج أفريكا» الليبيرية إن سيارات إسعاف حكومية وسيارات أجرة تركت 6 مصابين بالإيبولا أمام مركز للحجر الصحي في ضاحية بانيسفيل بمونروفيا. وقال السكان إنه نظرا لأن المركز لا يتسع لاستقبالهم، تم تركهم في الشارع. وقال الشهود إن بعض المرضى كانوا يتقيأون ويتبولون. ونقل عن أحد السكان قوله: «لقد رأيتهم عبر النافذة، ثم خرجت من المنزل، وعندما حاولوا الاقتراب مني فررت (منهم)».
وقال ممثل المنطقة أنتوني كباهن، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية للأنباء، إن سكان بانيسفيل يعيشون في خوف، ودعوا الحكومة الليبيرية إلى التصدي لهذا الأمر. وفي النهاية وصل موظفو الصحة لتعقيم المنطقة. وتعد ليبيريا أكثر الدول تضررا بتفشي الإيبولا، بتسجيل أكثر من 200 حالة أسبوعيا على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، بحسب منظمة الصحة العالمية. كما أنها تعاني نقصا حادا في موظفي الصحة والمعدات والمنشآت لعلاج المرضى.
وتوفي 2097 شخصا بالحمى النزفية إيبولا في البلدان الأفريقية الثلاثة الأكثر تأثرا بهذا الوباء من أصل 3944 مصابا، بحسب حصيلة أصدرتها منظمة الصحة العالمية الجمعة.
ولقي 1089 شخصا حتفهم في ليبيريا و517 في غينيا و491 في سيراليون، في حين أعلنت نيجيريا غير المشمولة بهذه الأرقام عن 22 إصابة بينها 8 وفيات.
وأول من أمس أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الأمم المتحدة تعطي نفسها ما بين «6 و9 أشهر» لوقف انتشار فيروس إيبولا في البلدان المصابة به، مضيفا: «الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة»، داعيا إلى تعبئة دولية لمواجهة هذا الوباء.
وجاء كلام بان كي مون في ختام لقاء مع كبار المسؤولين عن هذا الملف، مثل المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت شان، ومنسق الأمم المتحدة لإيبولا ديفيد نابارو. ودعا الدول الأعضاء إلى «تقديم الـ600 مليون دولار اللازمة» لدعم دول غرب أفريقيا التي تعاني أكثر من غيرها من الوباء، وهي غينيا وليبيريا وسيراليون.
وتابع بان كي مون: «نحن بحاجة لمساهمات بالأشخاص والمعدات والتمويل من الحكومات ومن القطاع الخاص ومن المؤسسات المالية والمنظمات غير الحكومية»، مطالبا بـ«زيادة كبيرة للمساعدات».
وبعد أن أعلن إنشاء «خلية أزمة لإيبولا»، أضاف أن «الهدف هو وقف انتشار إيبولا في البلدان المصابة به خلال مهلة تتراو بين 6 و9 أشهر وتجنب انتشاره في العالم».
وقال بان كي مون أيضا: «هذا لا يمكن أن يحصل ما لم تقم الدول المصابة والمجتمع الدولي بحملة تعبئة عاجلة»، مضيفا: «نحن هنا لتوجيه نداء على المستوى الدولي لتقديم المساعدات».
ومن جانب آخر قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إنه تقرر تخصيص 140 مليون يورو (200 مليون دولار) لمساعدة الدول المتضررة حاليا بسبب تفشي فيروس الإيبولا، وخاصة دول غرب أفريقيا، ومنها غينيا وسيراليون وليبريا ونيجيريا. وسيخصص 38 مليون يورو من هذه الحزمة لمساعدة حكومات تلك الدول على تعزيز الخدمات الصحية، مثل تعزيز مراكز العلاج، ودعم العاملين الصحيين، وإلى جانب ذلك سيجري أيضا تقديم الدعم في مجالات الأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي التي تعد أمورا أساسية لحماية صحة السكان.
وأعلن المفوض الأوروبي المكلف شؤون التنمية أندريا بيبالجس عن الحزمة الأوروبية لمساعدة الدول الأفريقية، وذلك خلال زيارته الحالية التي يقوم بها إلى جمهورية بنين. وأضاف أن باقي المبالغ التي تتضمنها الحزمة المالية ستخصص لتعزيز قدرات الحكومات على تقديم الخدمات العامة واستقرار الاقتصاد، إلى جانب توفير مختبرات متنقلة للكشف عن الفيروس وتدريب العاملين الصحيين.
ويأتي ذلك بعد ساعات من اجتماع لجنة الصحة العامة في البرلمان الأوروبي، وجرت مناقشة حول انتشار فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا واستعدادات الاتحاد الأوروبي لمواجهة أي مخاطر تتعلق بإمكانية وصول الفيروس إلى الدول الأعضاء، وأيضا الدور الأوروبي لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية لمواجهة هذا الفيروس، وشارك في النقاش كل من مفوض شؤون الصحة أنطونيو بورغ ومفوضة شؤون الإغاثة كريستالينا جورجيفا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».