عندما دعت «هيئة الحفاظ على متنزه ماديسون سكوير» الفنان ليونادرو درو لعرض أول عمل فني عام له في الهواء الطلق أدرك أنه لا يستطيع التنافس مع مبني «إمباير ستيت» في ضخامته أو مع غيره من ناطحات السحب المحيطة بتلك الواحة الحضرية القريبة من شارع «فيفث أفينيو» شمال شارع «إيست 23».
«المدينة وحش كبير» اسم العمل الفني الذي أبدعه درو الذي نال شهرة واسعة في عالم الفن نظراً إلى تركيبته الديناميكية اليدوية والأخشاب المتفحمة التي تبدو كأنها اندلعت من الأرض إلى السقف مروراً بجدران المعرض.
عبر مساحة الاستوديو الفوضوية الطويلة في بروكلين وحيث النقوش المنحوتة على الجدران، كان درو، 58 عاماً، في حركة مستمرة يطلي بالفحم عملاً فنياً موضوعاً على طاولة فيما كنا نتحدث، وقد برر إلغاء عدد من الأعمال في الحديقة، منها مجسم لشجرة تنفجر منها فروع لتحلق في الجو، بأن السبب هو الخوف من أن تسقط على الناس بفعل ريح قوية مفاجئة.
قد يشعر المرء كأنه عملاق يتجول في أرض صغيرة في افتتاح عمل درو الذي حمل عنوان «مدينة في العشب»، الاثنين، عندما سُمح للمتنزهين بالتجول ومشاهدته. تمتد اللوحة أكثر من 100 × 30 قدماً عبر الحديقة البيضاوية وهي عبارة عن فسيفساء طبوغرافية من الكتل الخشبية مستوحاة من صور من نيويورك التُقطت بالطائرة موضوعة فوق هيكل من الألمنيوم المتموج، تلتصق فيه الرمال الملونة بالمعادن ليعطي شكل بساط فارسي ضخم.
قال درو الذي تعمّد ترك ثقوب عميقة حيث انبثقت الحشائش، إن «أجمل أنواع السجاد الفارسي هي تلك التي تدوم طويلاً. وها قد خرجت الأبراج من التصميم بارتفاع 16 قدماً لتشير إلى مشاهد سينمائية ظهرت في أفلام (متروبوليس) و(ساحر أوز)».
إن تقديم درو للألوان النابضة بالحياة هو ثمرة تجربته في الصين مع الخزف والزجاج. فقد عمل الفنان خلال حياته المهنية على تطوير تقنيات تجعل العمل يبدو صدئاً ومتأكلاً ومحروقاً، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها تأثيراً الرياح والأمطار في أعماله.
قال درو، الذي توجد تماثيله ضمن مجموعات متحف «كريتسال بريدج» ومتحف «هيرشهورن» وحديقة النحت ومتحف ميتروبوليتان للفنون: «أتلقى الإساءة وأتحملها لأن عملي يدور حول تاريخ النجاة على هذا الكوكب -دورة الميلاد والحياة والموت والتجديد. سوف تجد القطعة نفسها في مستوى آخر من المحبة إذا سُمح لها بالعيش».
وُلد ليوناردو درو بمنطقة تالاهاسي بولاية فلوريدا ونشأ في بريدجبورت بولاية كونيتيكت، ووجد الجمال في الأشياء المحزنة التي أنقذها من شوارع المدينة قرب منزله في مرحلة الطفولة. هو واحد من خمسة أولاد ترعرعوا في مجمع سكني لأم عزباء، وهو يتذكر دفعها إلى أقصى حدود الغضب من خلال الرسم على الجدران وحتى شاشة التلفزيون، مضيفاً: «كنت مجنوناً»، مضيفاً أن جدته نصحت بمنحه أدوات فنية لتركيز طاقاته.
في سن 13 أقام ليوناردو درو معرضه الأول في بنك «بريدجبورت». وفي الاستوديو، اكتشف صورة غير عادية نُشرت في الجريدة المحلية لتظهر له تعبيراً بائساً بينما كان يرتدي معطفاً بزرٍّ مفقود فيما كان يقف إلى جوار إحدى لوحاته فائقة البراعة. قال درو: «كان المصور يضحك لأنه يرى التداعيات السياسية لهذا الطفل الفقير وهو يرسم (كابتن أميركا) بالحجم الطبيعي».
قالت ماري سابباتينو، نائبة رئيس وشريك جاليري «ليلونغ» في نيويورك: «كان ليو معجزة»، حيث أقام درو معرضاً خلال شهر يوليو (تموز) (بيعت أعماله بمبلغ يصل إلى 600.000 دولار). وأضافت: «من السهل جداً أن تكون لديك موهبة في سن مبكرة لأنك ستفعل ما تريده. ما يلفت الانتباه هو أن ليو يجبر نفسه دائماً على الدخول في مجال جديد».
كثيراً ما قاوم درو تكرار نفسه وهو ما عبّر عنه بقوله: «يحب الناس الاعتقاد بأنني صنعت مجموعة كاملة من الأعمال القطنية، لكن عليك فقط القيام بذلك مرة واحدة... بمجرد أن أفعل شيئاً جيداً، أتطلع إلى الانتقال إلى الشيء التالي».
- خدمة «نيويورك تايمز»
ليوناردو درو... فنان يتنقل ببساطه السحري إلى ميادين جديدة
ليوناردو درو... فنان يتنقل ببساطه السحري إلى ميادين جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة