السعودية تنشئ صندوقاً عالمياً لحماية وإكثار ما تبقى من الحيوانات البرية

«اتفاقية شراكة» تجمع محافظة العلا ومنظمة «بانثيرا» لدعم جهود الحفاظ على النمور

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والدكتور توماس كابلان عقب توقيعهما اتفاقية الشراكة أمس (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والدكتور توماس كابلان عقب توقيعهما اتفاقية الشراكة أمس (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تنشئ صندوقاً عالمياً لحماية وإكثار ما تبقى من الحيوانات البرية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والدكتور توماس كابلان عقب توقيعهما اتفاقية الشراكة أمس (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والدكتور توماس كابلان عقب توقيعهما اتفاقية الشراكة أمس (الشرق الأوسط)

وقع الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان، وزير الثقافة السعودي محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، اتفاقية شراكة مع الدكتور توماس كابلان، رئيس مجلس إدارة منظمة «بانثيرا»، وهي منظمة عالمية معنية بحماية القطط الكبيرة والحفاظ عليها من خطر الانقراض، بهدف دعم مبادرات الجهود الإقليمية والدولية المهمة للحفاظ على النمور.
واحتضنت عشار، قلب محافظة العلا، مراسم توقيع الاتفاقية، ما يعني انضمام الهيئة الملكية لمحافظة العلا إلى التحالف العالمي لحماية القطط البرية، مع الالتزام باستثمار 20 مليون دولار أميركي على مدى السنوات العشر المقبلة في تدابير الحفاظ عليها، مع التركيز على النمر العربي المهدد بالانقراض، حيث تعتبر العلا موطناً أصلياً له.
ووصف الأمير بدر بن عبد الله اتفاقية الشراكة مع منظمة «بانثيرا» بالعلامة الفارقة في الطموحات المشتركة بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا والمنظمة لإعادة نشر النمر العربي في المنطقة والانضمام إلى الشركاء العالميين لدعم جهود الحفاظ على هذا النوع من القطط البرية في جميع أنحاء العالم. وقال: «من واجبنا حماية إعداد النمر العربي وإكثارها والحفاظ عليها من أن تصبح مجرد ذكرى من تاريخ المنطقة».
وأضاف: «ستساعد شراكتنا مع منظمة (بانثيرا) في ضمان الحفاظ على أعداد النمور في البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، قبل أن تصل إلى مستويات الخطر التي تواجهها اليوم القطط الكبيرة الأصلية الثمينة».
وتشترك كل من الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومنظمة «بانثيرا» في شغفهما العميق بعمليات الحفاظ على القطط الكبيرة، وهما ملتزمتان بالعمل سويا من أجل تعزيز جهود إكثار النمر العربي.
وسيتم تحقيق ذلك من خلال كثير من المبادرات، بما في ذلك إنشاء صندوق عالمي يركز على حماية وتعزيز إكثار ما تبقى من الحيوانات البرية، وبرامج التربية في الأسر، والتعاون الدولي، ومشاريع الحفظ المجتمعية، والبحث العلمي لدعم مستقبل هذا النوع النادر من القطط الكبيرة.
وتتوافق مبادرات النمر العربي، التي تمثل محور اتفاقية الشراكة مع منظمة «بانثيرا»، بشكل كامل مع أهداف ميثاق الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومساعيها لتحقيق تحول مستدام ومسؤول لمحافظة العلا، وما تحتويه من كنوز تراثية وطبيعية وفنية فريدة.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة منظمة «بانثيرا»، الدكتور توماس كابلان: «مبادرات النمر العربي، التي أعلنتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا تحت قيادة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، هي شهادة على قدرة الأفراد على تغيير مسار الأنواع، بعيدا عن خطر الانقراض وإعادة إكثارها بدلا من ذلك».
وأضاف: «إنني ممتن بشكل خاص لأن الهيئة الملكية لمحافظة العلا لم تختر فقط الاستثمار في استعادة وإعادة إكثار النمر العربي الذي اعتاد استيطان المملكة العربية السعودية، ولكنها انضمت أيضا - بالتعاون مع شركاء هنديين وصينيين وإماراتيين وأميركيين - إلى تحالف بانثيرا العالمي لحماية القطط البرية. وهذا يشكل خطوة إيجابية استثنائية تنبع من حنكة وفطنة الدولة فيما يتعلق بالبيئة في هذا العصر المحفوف بمخاطر الانقراض. وأود أن أحيي هذه القيادة الثاقبة والرشيدة، كما أحث حكومات الدول الأخرى على السير على خطاها الملهم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».