«الآثار المصرية» تطالب «كريستيز» بمستندات مُلكية رأس «توت عنخ آمون»

معروض للبيع في لندن

رأس تمثال من الحجر للفرعون المصري توت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن  -  التّمثال الرأسي لتوت عنخ آمون لا يمكن أن يكون قد خرج بطريقة شرعية من مصر
رأس تمثال من الحجر للفرعون المصري توت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن - التّمثال الرأسي لتوت عنخ آمون لا يمكن أن يكون قد خرج بطريقة شرعية من مصر
TT

«الآثار المصرية» تطالب «كريستيز» بمستندات مُلكية رأس «توت عنخ آمون»

رأس تمثال من الحجر للفرعون المصري توت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن  -  التّمثال الرأسي لتوت عنخ آمون لا يمكن أن يكون قد خرج بطريقة شرعية من مصر
رأس تمثال من الحجر للفرعون المصري توت عنخ آمون في صالة «كريستيز» للمزادات بلندن - التّمثال الرأسي لتوت عنخ آمون لا يمكن أن يكون قد خرج بطريقة شرعية من مصر

بدأت وزارة الآثار المصرية، أمس، اتخاذ الإجراءات اللازمة لمطالبة صالة «كريستيز» للمزادات في لندن، بمستندات ملكية رأس تمثال من الحجر منسوب للفرعون المصري الأكثر شهرة توت عنخ آمون، أعلنت صالة المزادات عن نيتها عرضها للبيع في مزاد علني في 4 يوليو (تموز) المقبل.
وقال شعبان عبد الجواد، المشرف على إدارة الآثار المستردّة في وزارة الآثار المصرية، إن «الإدارة بدأت دراسة ملفات القطعة الأثرية المعروضة للبيع في المزاد؛ تمهيداً لاتّخاذ الإجراءات اللازمة لمخاطبة صالة «كريستيز» للمزادات بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية»، مشيراً إلى أن «الوزارة ستطالب صالة (كريستيز) بالمستندات الخاصة بملكية التمثال، وجميع القطع الأثرية المصرية التي تنوي عرضها للبيع». موضحاً أن «تمثال رأس توت عنخ آمون المعروض للبيع في صالة (كريستيز) للمزادات ليس من مفقودات متاحف أو مخازن وزارة الآثار». لكن الدكتورة مونيكا حنا، رئيس وحدة الآثار والتراث في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التمثال الرأسي لتوت عنخ آمون لا يمكن أن يكون قد خرج بطريقة شرعية، ومن المؤكد أنه تمثال مسروق سواء من الحفائر خلسة أو من أي مكان آخر»، مشيرة إلى أن «تمثالاً بهذا الشكل لا يمكن أن يبقى مخبأ، وحتى إن كان في مجموعة خاصة لأحد الأشخاص، فلا يمكن أن يظلّ مختفياً كل هذه الفترة، فملّاك المقتنيات الخاصة عادة من يطلبون من علماء الآثار توثيق مقتنياتهم».
وأضافت حنا أن «المطالبة بالأوراق والمستندات الخاصة بملكية القطعة غير كافية، فكثير من تجار الآثار يزوّرون أوراق ملكية الآثار، وهذا ما حدث من قبل وتسبب في عودة مجموعة من القطع الأثرية المصرية من متحف المتروبوليتان».
واستطاعت مصر استرداد تابوت للكاهن نجم عنخ مصنوع من الخشب المغطّى بالذهب، تعود للقرن الأول قبل الميلاد، من متحف المتروبوليتان، لم تكن من مفقودات مخازن أو متاحف وزارة الآثار، لكن مستندات ملكيتها كانت مزوّرة، حيث زور تاجر آثار فرنسي تصريح تصدير القطعة الأثرية بتاريخ 1971، حين كانت مصر في تلك الفترة تسمح بتصدير الآثار قبل صدور قانون حماية الآثار في عام 1983، وباع التابوت لمتحف المتروبوليتان، وأثناء إتمام إجراءات البيع أرسل المدعي العام الأميركي للسلطات المصرية طلباً للتأكد من صحة تصدير الآثار، الذي ثبت فيما بعد أنه مزور؛ لأن القطعة الأثرية كانت نادرة، وقانون تصدير الآثار كان يحظر تصدير القطع الأثرية النادرة.
وتتولّى إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار، متابعة جميع صالات المزادات في العالم، وتعقب أي قطع أثرية في الخارج، لاسترداد أي آثار يثبت خروجها بطريقة غير شرعية، وقال عبد الجواد إن «مصر لا تتهاون أو تسمح لأحد أن يبيع أي أثر مصري على الإطلاق».
من جانبها، قالت صالة «كريستيز» للمزادات، في تصريحات نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، إنها «أجرت اتصالات متعددة مع السلطات المصرية بشأن القطع الأثرية المصرية المزمع عرضها للبيع، وأنها سترسل التفاصيل كافة المتعلقة بالتمثال الرأسي لتوت عنخ آمون وغيره من القطع المصرية إلى السلطات المصرية عند نشر كتالوغ المعروضات مطلع الأسبوع المقبل».
وعرضت صالة «كريستيز» للمزادات تمثالاً رأسياً لتوت عنخ آمون، عمره نحو ثلاثة آلاف عام، ومن المتوقع أن يصل سعره إلى أربعة ملايين جنيه إسترليني، وهو تمثال من الحجر يصوّر توت عنخ آمون على هيئة الإله آمون، ووفقاً لتصريحات لاتيتيا ديلالوي، رئيسة قسم الآثار في صالة «كريستيز» للمزادات، نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز»، فإن «الخطوط الجميلة في التمثال وأسلوب النحت، تعدُّ شهادة توثق الأسلوب الفني لعصر العمارنة».


مقالات ذات صلة

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

يوميات الشرق وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

رجّح علماء آثار أن مومياء امرأة مصرية دُفنت منذ نحو 3500 عام، وتبدو على وجهها علامات صراخ، «ماتت وهي تتألّم».

شادي عبد الساتر (بيروت)
يوميات الشرق كان شمع العسل والزيت النباتي وصمغ الأشجار من بين المكونات التي شكلت الرائحة منذ أكثر من 3500 عام (تويتر - باربرا هوبر)

إعادة إنتاج «رائحة الخلود» المستخدمة في التحنيط عند المصريين القدماء

تمكّن الباحثون من إعادة تركيب ما يصفونها بـ«رائحة الخلود»، التي كانت تعدّ في السابق مناسبة لسيدة نبيلة مصرية قديمة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

اكتشاف «أكبر» ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية في سقارة

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية الكشف عن ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية، وصفتهما بأنهما «الأكبر» و«الأكثر اكتمالاً».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق تفاؤل مصري بحجم الإقبال على «رمسيس وذهب الفراعنة» بباريس

تفاؤل مصري بحجم الإقبال على «رمسيس وذهب الفراعنة» بباريس

أبدى مسؤولون مصريون تفاؤلهم بحجم الإقبال على معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بالعاصمة الفرنسية باريس، الذي تم فتح أبوابه للجمهور بداية من الجمعة. وشهدت «صالة عرض لافيليت»، إقبالاً لافتاً من الجمهور في أولى ساعات فتح المعرض، ووفق الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام لـ«المجلس الأعلى للآثار»، فإنه تم حتى الآن بيع 165 ألف تذكرة لزيارة المعرض، وتوقع استقبال المعرض 10 آلاف زائر يومياً. وأضاف د.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق «رمسيس وذهب الفراعنة» يبدأ استقبال زائريه في باريس

«رمسيس وذهب الفراعنة» يبدأ استقبال زائريه في باريس

يبدأ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة»، اليوم (الخميس)، استقبال زائريه لمدة 5 شهور، في قاعة «لافيليت الكبرى» بالعاصمة الفرنسية، باريس، في ثالث محطات جولاته الخارجية التي شملت مدينتي هيوستن وسان فرانسيسكو الأميركيتين. ويضم المعرض 181 قطعة أثرية ثمينة من كنوز الملك رمسيس الثاني، من بينها «التابوت الملكي»، الذي وافقت السلطات المصرية على نقله إلى فرنسا بشكل استثنائي، لعرضه ضمن المعرض، تقديراً لجهود العلماء الفرنسيين الذين أنقذوا مومياء رمسيس الثاني، وعالجوها من الفطريات بالأشعة السينية عام 1976. وبذلك تكون فرنسا الوحيدة التي تستقبل التابوت الملكي من جديد للمرة الثانية. واكتشف التابوت في خبيئة الدير البحر

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».