فرنسا تخطط لمنع تدمير السلع غير المباعة

تفرض على المصنّعين التبرع بها أو إعادة تدويرها بقيمة

فرنسا تخطط لمنع تدمير السلع غير المباعة
TT

فرنسا تخطط لمنع تدمير السلع غير المباعة

فرنسا تخطط لمنع تدمير السلع غير المباعة

تخطط الحكومة الفرنسية لحظر تدمير المنتجات الاستهلاكية غير المبيعة، وهي الممارسة التي تؤدي في الآونة الراهنة إلى التخلص من السلع الجديدة بقيمة تبلغ 800 يورو، أو ما يساوي أكثر من 900 مليون دولار، كل عام في البلاد.
ويتعين على المصنعين وتجار التجزئة، بحلول عام 2023، التبرع بتلك السلع والبضائع، أو إعادة استخدامها، أو إعادة تدويرها، حسب تصريحات إدوارد فيليب رئيس الوزراء الفرنسي، يوم الثلاثاء الماضي، بشأن الإجراءات التي وصفتها الحكومة بأنها الأولى من نوعها.
وقال فيليب في تصريحه من داخل متجر للخصومات في باريس: «إنه إهدار يتجاوز حدود العقل»، واصفاً هذه الممارسات بأنها «مشينة للغاية».
وبموجب التدابير الجديدة، التي سوف تكون جزءاً من مشروع قانون يخضع للمناقشات الحكومية في يوليو (تموز) المقبل، من شأن تدمير السلع غير المبيعة أن يؤدي إلى فرض العقوبات المالية أو الحكم بالسجن. وكانت تلك الممارسة –التي ذاع استخدامها في قطاع تجارة التجزئة والاستهلاك بهدف إفساح الأماكن داخل المستودعات للمنتجات الجديدة أو منع بيع المنتجات غير المرغوب فيها بأسعار منخفضة– قد لاقت ردود فعل مستهجنة من جانب الصحافة الفرنسية في الآونة الأخيرة.
ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، تتبع برنامج «مراسلون من العاصمة» الإخباري الاستقصائي المذاع على شبكة «إم 6» الفرنسية، مسار السلع الجديدة غير المبيعة المقرر التخلص منها لدى مستودع شركة «أمازون» لتجارة التجزئة عبر الإنترنت، بالقرب من بلدة شالون سور ساون الشرقية.
وكانت الألعاب البلاستيكية وماكينات صناعة القهوة وعلب حفاضات الأطفال المغلقة، من بين السلع المخصصة للتدمير في ذلك المستودع. وبعضها قد جرى جلبه إلى منشآت إدارة النفايات بغرض تدميرها والتخلص منها، والبعض الآخر تم نقله إلى مكبّ قريب للنفايات، كما خلص التقرير الإخباري.
وقالت شركة «أمازون» عبر حسابها على «تويتر» في ذلك الوقت إن الشركة تسعى جاهدة للتقليل من عدد المنتجات التي لا سبيل آخر أمامها سوى التدمير. وأضافت الشركة أنه لا يجري تدمير سوى جزء صغير من السلع غير المبيعة.
وفي مقابلة على البرنامج قالت وزيرة البيئة الفرنسية برون بورسون، التي تولت صياغة مشروع القانون لعرضه على الحكومة، إنها مصدومة للغاية من التقرير الذي شاهدته، وأضافت تقول: «لن تتمكن الشركات من شاكلة (أمازون) مرة أخرى التخلص من المنتجات المناسبة للاستهلاك».
وقال دومينيك ريو، البروفسور لدى جامعة ريمس شامبين أردين، والذي أجرى الأبحاث على مواقف المستهلكين حيال النفايات: «كان هناك عدد معين من الفضائح الأخيرة، بما في ذلك دور الأزياء والموضة الكبيرة التي تمارس عمليات تدمير البضائع غير المبيعة. وهذه الفضيحة الأخلاقية بشأن تدمير المنتجات القابلة للاستخدام هي التي دفعت الحكومة إلى التدخل في الأمر».
وفي العام الماضي، قالت العلامة التجارية البريطانية الفاخرة «بيربيري» إنها سوف تتوقف تماماً عن حرق الملابس ومستحضرات التجميل غير المبيعة والتي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات، وهي الممارسة التي تحافظ الشركة على تنفيذها منذ سنوات طويلة بهدف الحفاظ على القيمة الشرائية للعلامة التجارية. ولم تكن شركة «بيربيري» هي الوحيدة ضمن العلامات التجارية الفاخرة التي تعمل على تدمير المنتجات بدلاً من تعرضها للسرقة المحتملة أو إعادة بيعها لقاء هامش ربح بسيط للغاية من سعرها الأصلي في متاجر الشركة. وتأتي تلك التغييرات في فرنسا في وقت يتزايد وعي الناس فيه بشأن النفايات والإهدار، مع مزيد من المناقشات حول القضايا البيئية مثل التغيرات المناخية التي تلقى اهتماماً كبيراً هناك. ودافعت فرنسا في الآونة الأخيرة كثيراً عن القضايا البيئية، وتعهدت بإنهاء مبيعات المركبات العاملة بالوقود الأحفوري بحلول عام 2040، وإرجاء بناء المطار التجاري الكبير إثر الاحتجاجات التي أُثيرت حول أضراره البيئية.
ومع ذلك، لاقت حكومة الرئيس ماكرون انتقادات لاذعة بشأن التحركات البطيئة للغاية من جانبها. وفي الربيع الماضي، تقدم وزير البيئة نيكولاس هولوت، باستقالته من الحكومة، في إشارة إلى أنها لم تكن تعمل بصورة كافية على قضايا مهمة مثل الطاقة النظيفة.
ولكن هناك وعي عام متزايد في البلاد بشأن الإسراف الشديد في التخلص من المنتجات غير المبيعة أو عدم استخدامها لسنوات طويلة.
وتطلب الحكومة الفرنسية من المتاجر الكبيرة التبرع بالمواد الغذائية التي لا تزال صالحة للاستهلاك بدلاً من التخلص منها. ووافق البرلمان الفرنسي في عام 2016 على اعتبار رفض طلبات الجمعيات الخيرية الحصول على تبرعات المواد الغذائية التي رُفعت من المحلات من الجرائم الجنائية، في تدبير أسفر عن زيادة معدلات التبرع بالمواد الغذائية للجمعيات الخيرية بنسبة 22%، وفقاً لبيانات الحكومة.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.