قارب الأمل الكويتي يغادر أثينا ليستكمل رحلته حول العالم

الرئيس اليوناني يستقبل ركابه ويبدي إعجابه بالفكرة

قارب الأمل الكويتي يغادر أثينا ليستكمل رحلته حول العالم
TT

قارب الأمل الكويتي يغادر أثينا ليستكمل رحلته حول العالم

قارب الأمل الكويتي يغادر أثينا ليستكمل رحلته حول العالم

استقبل الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس في مقر قصر الرئاسة وسط أثينا، أعضاء قارب رحلة الأمل الكويتي بحضور سفير دولة الكويت لدى اليونان رائد عبد الله الرفاعي. وأبدى الرئيس اليوناني إعجابه الشديد بفكرة رحلة الأمل، لما تحمله من أبعاد إنسانية لاطلاع العالم على واقع ذوي الاحتياجات الخاصة ومشكلاتهم ومعاناتهم وضرورة العمل على تذليل العقبات التي تواجههم.
وقال الرئيس اليوناني إن للرحلة دورا مهما في استنهاض الدول والمجتمعات من أجل بذل الجهود لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وعلى نحو متساو، حيث يضم القارب أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية، مع أولياء أمورهم لتبادل الخبرات مع أولياء أمور المعاقين في الدول الأخرى وإبراز الاهتمام بهذه الفئة.
وخلال لقاء الرئيس اليوناني، نقل السفير الرفاعي تحيات أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتمنياته له بموفور الصحة والعافية والمزيد من التقدم والازدهار للحكومة والشعب اليوناني الصديق. وقدم الشكر للرئيس اليوناني على الاهتمام والتسهيلات التي قدمت إلى قارب رحلة الأمل وطاقمه في كل الموانئ اليونانية التي مر أو رسى إليها، وتفاعل المسؤولين اليونانيين مع هذه القضية الإنسانية، وحضر اللقاء رئيس فريق رحلة قارب الأمل جاسم رشيد البدر وقبطان القارب داود بوجروه.
وبدوره، دعا الرئيس اليوناني إلى نقل تحياته لأمير الكويت لاهتمامه بهذه الفئة من المجتمع التي هي بأمس الحاجة للدعم، كما اطلع رئيس فريق قارب رحلة الأمل الرئيس اليوناني على الأهداف الإنسانية للرحلة. وأوضح له كيف ساهمت هذه الفكرة في مساعدة أهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على الصعيدين العملي والنفسي وسعادته بحجم تفاعل المواطنين اليونانيين مع هذه الرسالة الإنسانية.
وكان أعضاء رحلة قارب رحلة الأمل قد أطلعوا المسؤولين اليونانيين على أهداف رحلة قارب الأمل، التي انطلقت برحلة بحرية إنسانية تحت الرعاية السامية لأمير الكويت وشملت زيارة 20 دولة و39 ميناء. وشرح الوفد للمسؤولين اليونانيين أبعاد الرحلة الإنسانية وأبرزوا وجه الكويت الإنساني وتجاربها في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة واندماجهم في المجتمع ومساهمته في التقارب بين الأمم.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال أندرياس كونديليس، محافظ منطقة أليمو: «نستقبل بفرحة غامرة قارب الأمل في بلديتنا أليمو، ولا بد أن ننظر إلى هذه المبادرة بأنها مثل يحتذى به، لأن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يستطيعوا أن يقدموا الكثير، ولذلك فإن هذه الرحلة تعطينا دفعة وقوة للاهتمام بمثل هؤلاء».
وقال أيضا لـ«الشرق الأوسط» بانايوتيس ميخالوس، الأمين العام لوزارة الخارجية اليونانية: «أريد أن أبعث بتحياتي إلى كل الذين أسهموا في هذه المبادرة الإنسانية، وطبعا إلى طاقم القارب وكل من عليه، وأيضا الذين يعملون لإنجاز هذه المهمة في كل الدول التي زارها القارب والتي سوف يزورها، لإعطاء رسالة حب ورسالة إنسانية للأبناء من ذوي تحدي الإعاقة».
كما قام رئيس وأفراد فريق قارب رحلة الأمل بإطلاع ممثلين عن الجمعيات اليونانية المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة على المشكلات التي يواجهها الأطفال من أبناء هذه الفئة والإنجازات التي تم تحقيقها وتبادلوا مع زملائهم في الجمعيات اليونانية وجهات النظر والخبرات والتنسيق والتعاون في سبيل معالجة المشكلات المشتركة التي يواجهها الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع الدول. وكان السفير الرفاعي قد استقبل برفقة محافظ أليمو جنوب أثينا قارب رحلة الأمل الذي وصل قبل 3 أيام إلى ميناء المحافظة، حيث انطلقت زوارق من خفر السواحل لاستقباله رسميا ومرافقته حتى الرسو، وغادر القارب العاصمة اليونانية أثينا أخيرا متوجها إلى إسطنبول التركية ليكمل رحلته المخطط لها إلى بقية الدول، ومواصلة رحلته الإنسانية.
وأقام سفير دولة الكويت لدى اليونان رائد الرفاعي حفل استقبال في ميناء أليمو جنوب أثينا على شرف أعضاء قارب رحلة الأمل، الذين كانوا في أثينا في ثاني محطة لهم في اليونان، يواصلون أنشطتهم ولقاءاتهم مع المؤسسات والجمعيات التي تهتم بالطفل وبذوي الاحتياجات الخاصة.
وحضر الاحتفال الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية ومندوبون عن المؤسسات الخيرية والاجتماعية، وأشاد ضيوف الاحتفال برحلة الأمل وهدفها الإنساني، وبالمبادرة الكويتية النبيلة التي تسلط الضوء على ذوي الإعاقة الذهنية والتعريف بها وباحتياجاتها الخاصة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».