وزراء خارجية أميركا السابقون يشددون على بقاء بلادهم «قوة للسلام» في العالم

كيري وأسلافه يضعون حجر الأساس لمتحف يخلد الإنجازات الدبلوماسية للولايات المتحدة

كيري (الثالث يمين) وأسلافه (من اليمين) باول وبيكر وكيسنجر وأولبرايت وكلينتون يشاركون في وضع حجر الأساس لبناء متحف الدبلوماسية الأميركية في واشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
كيري (الثالث يمين) وأسلافه (من اليمين) باول وبيكر وكيسنجر وأولبرايت وكلينتون يشاركون في وضع حجر الأساس لبناء متحف الدبلوماسية الأميركية في واشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
TT

وزراء خارجية أميركا السابقون يشددون على بقاء بلادهم «قوة للسلام» في العالم

كيري (الثالث يمين) وأسلافه (من اليمين) باول وبيكر وكيسنجر وأولبرايت وكلينتون يشاركون في وضع حجر الأساس لبناء متحف الدبلوماسية الأميركية في واشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
كيري (الثالث يمين) وأسلافه (من اليمين) باول وبيكر وكيسنجر وأولبرايت وكلينتون يشاركون في وضع حجر الأساس لبناء متحف الدبلوماسية الأميركية في واشنطن مساء أول من أمس (رويترز)

شدد وزراء خارجية أميركيون سابقون على أن التحديات العالمية الراهنة تستدعي بقاء الدبلوماسية الأميركية أداة أساسية لإحلال السلام والاستقرار في العالم، وذلك في الوقت الذي يتهم فيه البعض سياسة الرئيس باراك أوباما بالفشل في التعامل مع الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا.
وقال جيمس بيكر، الذي تولى حقيبة الخارجية بين عامي 1989 و1992 إنه «في الأوقات العصيبة مثلما هي الحال اليوم، عندما تندلع أزمة في أوكرانيا ويحترق الشرق الأوسط برمته وترتفع حدة التوترات في الشرق الأقصى وتزداد شوكة الإرهاب بدل أن تضعف، يجب أن تلعب الدبلوماسية دورا مهما في إيجاد تسوية سلمية للكثير من التحديات التي نواجهها». وأتى تصريح بيكر، وزير الخارجية في عهد جورج بوش الأب، خلال حفل شارك فيه نظراؤه هنري كيسنجر ومادلين أولبرايت وكولن باول وهيلاري كلينتون إضافة إلى مضيفهم وزير الخارجية الحالي جون كيري مساء أول من أمس، وذلك بمناسبة وضع حجر الأساس لمتحف في واشنطن سيكلف بناؤه 25 مليون دولار وسيخلد إنجازات السياسة الخارجية الأميركية على مدى أكثر من قرنين. ولم تحدد وزارة الخارجية موعدا لافتتاح المتحف لكن متحدثا قال: إن من المتوقع أن تكتمل المرحلة الأولى من البناء في عام 2016.
بدورها، قالت هيلاري كلينتون التي تولت حقيبة الخارجية خلال الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما (2009 - 2013) وكانت مهمتها إعادة تلميع صورة الولايات المتحدة بعد عهد جورج بوش الابن والحربين اللتين خاضتهما في العراق وأفغانستان، بأنه «في الوقت الذي يتساءل فيه البعض عن دورنا في العالم، يرسل هذا (المتحف) رسالة أساسية: الدبلوماسية والتنمية هما في صلب قيادة أميركا».
وأوباما متهم من قبل خصومه السياسيين باتباع سياسة خاطئة في التعامل مع تداعيات الربيع العربي، ولا سيما برفضه التدخل عسكريا في النزاع السوري. كما أنهم ينتقدونه على سياسته المفرطة في الحذر، في رأيهم، في التعامل مع روسيا بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية.
كذلك فإن وزير خارجيته جون كيري، المعارض بدوره لاستخدام القوة العسكرية الأميركية لحل الأزمات، يؤكد دوما على رفض «الانعزالية» في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، علما بأن تاريخ هذا البلد شهد مرارا صعودا لدعاة النأي بالنفس عن أزمات العالم. وقال كيري في حفل مساء أول من أمس «علينا أن نتذكر أن الالتزام والقيادة هما الحمض النووي للولايات المتحدة وليس الانسحاب والانعزال».
بدوره ذكر عميد وزراء الخارجية الأميركيين هنري كيسنجر (91 عاما) بأن «جوهر الدبلوماسية هو بناء علاقات دائمة» بين الحكومات. وأضاف كيسنجر الذي لا تزال بصماته تطبع أبرز ملفات السياسة الخارجية الأميركية منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي أن «هذا أمر أساسي لبناء الثقة، حتى عندما تبدأ المشاكل وتكون هناك ضرورة لأخذ قرارات، يكون هناك أساس يمكن الارتكاز عليه».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.